Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
حوار مع جريدة المنعطف حول ظاهرة العنف

حوار مع جريدة المنعطف حول ظاهرة العنف

حوار مع جريدة المنعطف حول ظاهرة العنف

مثقفون وفنانون يقاربون ظاهرة العنف

 

   العنف اليومي الذي يسري في المجتمع بناءا على التنافسية المعيشية أو الإحتكاك اليومي، هو عنف له سقف معين لا يتجاوزه ، ويبقى في إطار محدود .. جيران يتخاصمون بسبب حبل غسيل ، اطفال يتناوشون في ما بينهم وقد يصبح الآباء طرفا في ذلك ، زملاء المدرسة أو العمل .. كل ذلك لا يتعدى حدود الاعتياد ، كما هو شأن جميع المجتمعات ..

   لكن الذي صار ظاهرة غريبة على مجتمعنا، هو أن يعنف شخص ما لاختلافه في طبيعة سلوكه أو ميولاته ، أو لأفكاره أو لعقائده . فذلك نوع من الإرهاب، والداعشية التي لا تمت للمغاربة بأي صلة. وقد لامسنا طيلة هذه الفترة الأخيرة حوادث من هذا القبيل. هجوم على شبان في منازلهم، إعتداء و تعنيف على آخر في الشارع العام،  تهديد ممثلة بسبب فيلم ، الإقدام على إحراق الذات ، وهلم جرا .. من الحوادث التي صارت تهدد يومياتنا بالكثير من الخوف والحذر من المارين العابرين في حياتنا. حتى كرة القدم لم تسلم من موجة العنف هذه. سقط ضحايا كانوا يمنون نفسهم بمتعة متابعة مباراة في كرة القدم فقط لا أقل و لا اكثر.

نفتح في رمضان ملفا نحاور من خلاله نخبة المجتمع، مثقفين و فنانين يدلون بدلوهم ويعبرون عن رأيهم في هذه الظاهرة :

30/06/2016 ـــــــــــ 24 رمضان 1437

1* بداية نسأل عن المجتمع المغربي وعن جذور العنف فيه ، هل يشبه ما نعيشه حاليا ؟

تحية طيبة إلى الإخوة الكرام و الأخوات الكريمات... تحية محبة و سلام... تحية لكل من يؤمن بأهمية المنابر الإعلامية و الثقافية و دورها في غرس قيم الإنسانية الراقية و الحضارة المتنورة و المتقدمة...

في سؤالكم و في تساؤلنا معكم حول جذور العنف داخل المجتمع المغربي، نستحضر التاريخ طبعا و التحولات المجتمعية التي عاشتها المنطقة الشمال إفريقية و بالخصوص بلاد المغرب، من أجل مقاربة الظاهرة و تحليل امتداداتها الزمنية و الثقافية و الأنثروبولوجية طبعا... و كل هذا سيكون في تداخل داخل سيرورة تحليله وملاحظته...

بداية سنتحدث عن جدلية موضوعية حاضرة بكل واقعية تعكس وجود المتناقضات بشكل متفاعل جدلي صحي أو مرضي... و هي جدلية برهن التاريخ على تواجدها الدائم و على نسبية العيش كما نسبية الحلم لهذا العيش داخل أي تجمع بشري...

من هنا، سنقول بأن ظاهرة العنف لابد لها ان تتمظهر في كل مرحلة تاريخية بما يعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي و السياسي... و ما دام المقام هو لتركيز الإشارة و ليس للتفصيل الموضوعاتي المبين لها، فإننا سنكتفي بمجموعة من الملاحظات و الإشارات في هذا السياق... فقط من أين سنبدأ، حتى نقارب تطور الظاهرة إلى يومنا هذا؟

في مرحلة ما ساد التقسيم الذي ألفه المؤرخون لتاريخ المغرب، و الذي يجعل مثلا بلاد السيبة و بلاد المخزن. و هو تقسيم يعكس المناطق و المجالات التي تقع في خضوع من دونه لسياسة مشرفة على مصالحه و إداراته و اقتصادياتها و منازعاتها... و طبعا سنجد هنا أن العنف الجماعي أو الفردي سيحضر بدرجة التمرد على الجماعة الممأسسة إذا جاز التعبير.

سنستحضر درجة التحضر داخل المجتمع المغربي في مراحل من تطوره، و بالأخص خلال القرون الأخيرة... و لنجعلها بداية نسبية مع القرن التاسع عشر حتى وقتنا الحالي... يمكن اعتبار الخطأ السياسي درجة عنف ممارسة ماديا أو معنويا ستسري في الزمن و ستمتد في المكان و المجال... و يمكن اعتبار أحكام جاهزة دون مستوى الوعي المدني الذي ينظم التجمعات البشرية كممارسة للعنف من طرف الأغلبية على الأقلية... و هنا سيكون التقسيم و التصنيف باعتبار الانتماء الجغرافي الإقليمي أو القبلي العصبي أو الثقافي المذهبي و غيره... و هي مقاربة يمكنها أن تحصر مظاهر العنف و ظواهره، و تفسرها بشكل موضوعي تاريخيا و ثقافيا ونفسيا...

تاريخيا، هناك عنف ساد، كان سببه درجة الجهل و انعدام مقومات حياة مدنية في مجموعة من المناطق المغربية... و إن كان هذا العنف يعرف أشكال معالجة و محاصرة بحكم الحمولة الثقافية و الدينية التي يمتلكها المجتمع المغربي مثل سائر الشعوب... لكنه كان حاضرا فعلا. و حتى لا نسقط في نكوصية تحليل و رجعية تعاطف مع وضعيات ماضوية ولّت و ولّى معها زمنها و ذهب أشخاصها و ارتاحت نفسياتها، سننتقل لمعالجة ظاهرة العنف في عصرنا الحالي الآن و غدا.

 

 

2* هل نستطيع معرفة رأيكم في ما يجري من هجوم على الحريات الشخصية للفرد المغربي ؟

الحديث عن الحريات الشخصية في المغرب هو حديث عن حقوق الإنسان بمرجعياتها المعاصرة المتحررة... ويمكن اعتبار هذا الخطاب المطلوب لتطور المجتمع المغربي محاصر داخل الثقافة و السلوك و المنظومة القيمية داخل المجتمع المغربي... سنحتاج لصراحة كبيرة لمقاربة الموضوع و للجواب على السؤال.

الفرد المغربي يجعل حصارا على ذاته و نفسه و شخصيته أولا قبل أن يجعلها على الآخر الذي يعيش معه... وهي ملاحظة تترجم درجة التأخر التاريخي في الوعي القيمي الأخلاقي و الحقوقي، و في الحياة السياسة والمؤسساتية التي ينتظم من خلالها الفرد داخل و مع الجماعة... سنتحدث عن ثقافة حداثية معاصرة تستفيد من تطورات العصر و مكتسبات الإنسانية إلى حدود الممكن الحاليّ. و بالتبع، فما دام الحصار على الذات، فكيف لا نتصور الحصار علىى الآخر الذي يشكل المجتمع. و هنا ننتقل إلى المؤسسات المجتمعية و دورها في تشكيل مقاربة متعلقة بالحريات الشخصية.

و جوابا على السؤال سنجد خلفية و مرجعية خفية و لاواعية و لا شعورية حاضرة في التعامل مع موضوع الحريات الشخصية و في درجة تحقيق التوافق و التوازن المطلوب في معالجتها...

و لكن من يهجم على من؟ ما هي هذه الحريات التي يتم الهجوم عليها أو التي تثير انفعالاتها سلوكية تتجاوز النقد و الملاحظة و الاختلاف إلى أن تقتص للمرجعيات بأيديها في تعنيف و "معاقبة الآخر الشاذ عن القاعدة"؟

سيكون طارح السؤال متورطا هو الآخر في معالجته. و سيكون المتلقي للجواب و المتتبع لهذا الحوار متورطا هو الآخر... و سنحتاج إلى أساليب حوار و مناقشة ملتزمة بمعايير ديمقراطية و حقيقية تؤمن بالاختلاف و بحرية التعبير و الحرية الشخصية و بدرجات الاحترام و بالحدود النسبية لتحقيق كل هذا في آن. ربما يبدو التناقض، لكنها إشارة إلى أن مبدأ ( تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخر ) تفيدنا في الاقتراب من تصور لمعالجة الموضوع حيث التوازن و التوافق... و هما مبدآن علميان سلوكيان نوّرا العصر الوسيط داخل مجتمعاتنا العربية الإسلامية، لكنهما للأسف غابا عن الوعي في عصرنا الحالي و عن فلسفة التطبيق داخل سياقاته... إنهما يرتبطان بالمرونة و التأقلم و بالمد و الجزر، و بالواقعية بلغة العصر... وهي أمور ضرورية في السلوك... هي فلسفة إسلامية حاضرة كثقافة و ناقلة لها كأسس البناء الحضاري داخل جل الشعوب و الثقافات و الحضارات...

و حين الرجوع لمحاولة تشخيص أسباب هذا العنف و التهجم على الحريات الشخصية، سنجد عدة عوامل متداخلة:

ـ التربية بين الحضور الإيجابي و الغياب السلبي... بشتى عقليات و شتى أفراد منفلتون من إطار تربوي يُلزم سلوكيا...

ـ الظروف الاقتصادية و العيش اليومي اللذان يفجران التناقضات بشكل صارخ... و طبعا كل فئة و كل وضعية تتغذى بمرجعياتها المناسبة إن علاجا أو تسميما... و بالتبع كم من ثقافة مسمومة تزرع العنف في السلوك و تشجع عليه و تدعو لممارسته كأسلوب تدميري تجعل له المشروعية في التحقيق...

ـ التراكم الانكساري لآمال مجهضة مجتمعيا و التي ترتبط بالاستعمار و التناقضات التي زرعها أو تركها... بالانتكاسة التي غرستها القضية الفلسطينية مثلا... الانتكاسة الصدمة التي فجّرتها الآمال المجهضة للشعوب بعد مرحلة الاستعمار و بعد خروج المستعمر... فقد كانت الشعوب على استعداد للتضحية من أجل غد أفضل، من تسامح أقرب، من أجل سلام أكمل... لكن هذه الانكسارات تلخّص أسباب انتشار العنف طبعا.

ـ المرجعيات الإيديولوجية المتطرفة التي تسمم العقول و التي تنطلق من التزمت الديني أو التطرف المبدئي أو النظرة الضيقة و التوظيف السيء و المرَضي لمفهوم الهوية...

 

 

 

3* هل يحق للبعض محاكمة أشخاص إنطلاقا من معتقداتهم أو أفكارهم، وهل يحق لهم تطبيق شريعة الشارع عليهم ؟

طبعا المنطلقات واضحة من خلال التحليل. إذا كنا نؤمن بمجتمع معاصر و ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان والحريات الشخصية، و إذا كنا نؤمن بمجتمع ديمقراطي يعي معنى الحياة الديمقراطية و يستفيد كتغذية سياسية من فلسفة الفصل بين السلط في ممارساته و مؤسساته و سياساته، فإن تصور الحياة المدنية ينطلق من حرية و احترام و تعايش و تسامح و تجاور و تعدد... لابد من إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة التي تخدم المجتمع وليس التي تجعل المجتمع يخدمها... إننا نتحدث هنا عن ثقافة المواطن و المواطنة التي تنبني عليها العلاقات داخل المجتمعات التي تريد مواطنة التطور الحضاري المعاصر و الحداثي...

سنحتاج فعلا إلى سياسة تربوية تستشرف المستقبل القريب، إلى إصلاحات تشريعية و  تفعيل دستوري ديمقراطي لمجموعة من المواثيق و الاتفاقيات و المدونات التي توجه العلاقات و الجماعات في هذا الشأن...

 

 

 

4* هل لليوميات وصعوبتها دور في تنامي ظاهرة العنف ضد فئة معينة من المجتمع المغربي؟

اليومي و ثقافة عيشه في إطار مقاربة سوسيو اقتصادية و سوسيو ثقافية،  توترات و ضيق عيش مادي ونفسي ناتج عن مقارنات الفوارق الطبقية و الحضارية التي يعيشها الفرد المغربي محليا و عالميا... و في إطار الانفتاح الإعلامي و الثقافي المعولَم، من الطبيعي أن تزيد هذه التوترات، و من الطبيعي أن تزيد ظواهر العنف... و بالمناسبة فإن أشكال الانفتاح القائمة تأخذ طابعا شكليا و تقليدا سطحيا و لا تنتقل إلى عمق التكوين و التربية و التوازن بين المبدإ و السلوك و العلاقة... هكذا سينتقل البعض إلى تفجير غضبهم على فئات مستضعفة و غير محمية، فئات ربما لم تعرف و لم تأت في الوقت المناسب لكي تطالب أو تعيش حرياتها، تتناقض و تستفز الجماعة في وجدانها و قيمها و عقائدها... و بالمناسبة نقول بضرورة الاحترام المتبادل، و الواقعية التي تجعل الوقاية خير من العلاج و قس على هذا معالجة...

 

 

5* كيف السبيل إلى الخروج من ظلمة التزمت إلى ضوء التسامح، وهل للفن و الثقافة دور في ذلك ؟

المقاربة المناسبة للجواب على هذا السؤال ترتبط بالرؤية الشمولية و المشروع المجتمعي المتكامل و المنسجم الذي يجب ان يمتلكه المجتمع المغربي... لابد لنا من سياسة معاصرة بمؤسساتها و تشريعاتها و ديمقراطيتها وحرياتها و دستورها... لابد لنا من مشروع تربوي ناجع و فعال لا يقتصر على بعد ضيق مرتبط بمقررات دراسية، بل هو مشروع تربوي للمواطن يستفيد منه في التعليم و في التكوين و في السلوك اليومي المدني وفي العلاقات مع الإدارة و مع المسؤولين، مشروع تربوي يوظف الإعلام و يوظفه الإعلام من أجل الرقي بالذوق الجمالي و الفني و التصور لفلسفة العيش السليم و السوي... مشروع تربوي يجعل التتبع بالدراسة والتحليل و التدخل البيداغوجي و الأندراغوجي من طرف المربي و عالم الاجتماع و المحلل النفسي و غيرهم من أهل الاختصاص الذين سيُخرجون المواطن المغربي من ثقافة القرون الوسطى المتأخرة عن مواكبة الركب الحضاري الإنساني المعاصر...

لابد من تشجيع التربية الفنية و حرية الإبداع و صقله عند الأفراد ذكورا و إناثا... و المنطلق هنا تحرير التلامذة من قيود التكوين الذي يعتمد على تعليب الأذهان بالمعلومات و شحنها بها... لابد من تحويل المدرسة الوطنية إلى فضاء للتعبير عن حرية الرأي و حرية الحركة و البوح في المسرح و السينما و الرياضة و الموسيقى و غيرها من دروب الجمال و السعادة و الحياة...

هي أجوبة متفاعلة بشكل تلقائي مع الأسئلة المطروحة. طبعا النقاش والحوار المتبادل سيغنيها و يطعمها. ستكون المنطلق النسبي الذي نتوخى معه غدا أفضل لمجتمع أفضل.