Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
سياسة النفايات

سياسة النفايات

سياسة النفايات

 

سياسة النفايات:

لابد من تسجيل الحدث و التداعيات، و قبل ذلك لابد لنا من فهم السياق و طرق التصريف السياسي قبل التصريف المرتبط بالنفايات إن صحيا أو غير صحيا، بيئيا أو العكس.

الحدث هو الإعلان عن استقبال تاريخي لسفينة محملة بالنفايات من دولة اوربية من طرف دولة إفريقية. الصورة ليست بالجديدة، ذلك أن التاريخ المعاصر يشهد بعمليات كثيرة وقعت و سجلت وقعها و أثرها. فنحن مثلا في المغرب نتحدث خلال السبعينيات عن طمر نفايات خطيرة في مناطق عدة من البلاد و نسمع عن مثيلاتها في دول إفريقية.

لكن الغريب الجديد اليوم هو وقوع هذا الحدث داخل زوبعة وعي و تصريف لهذا الوعي المرتبط بالبيئة و الحفاظ عليها. مفارقة تسجل الاستغراب أوليا في كون العملية مرتبطة بتخلّص دولة و التي هي إيطاليا من جزء صغير من نفاياتها و الذي يقدر ب2.5 ألف طن من آلاف الأطنان التي لم تعرف هذه الدولة كيفية التخلص منها. فالشروط و القيود و أشكال المراقبة المفروضة على مثل هذه العمليات تستدعي منع ما يحدث خطرا على بيئية الدول الأعضاء داخل الاتفاقيات الإقليمية و الدولية.

تُرى، ما الذي يجعل المغرب يقبل مثل هذا الأمر الخطير؟ و لماذا اليوم بالذات؟ أولم تكن عمليات قبل ذلك و أخرى ستكون بعدها؟

بعض أسئلة عفوية تقودنا إلى رؤية السياق العام المحلي و الدولي، علّنا نجد مفاتيح للجواب.

المفارقة الأولى في سياسة حكومة تعمل برؤوس متعددة و تتجلى في استقبال سفينة نفايات و في نفس الآن تشريع قانون مرتبط بمحاربة الأكياس البلاستيكية. تناقض صارخ يبرهن على أن السياسة عمياء و أن ما تراه مصلحة هنا قد يبدو لها دون ذلك هناك فتخبط خبط عشواء لا تدري ما المنطق الذي ستنهجه متكاملا و شاملا و متناسقا. فمنع تداول الأكياس البلاستيكية أتى كقانون بوتيرة سريعة في التشريع داخل قبة البرلمان، و لعل تفسير ذلك مرتبط باستقبال البلاد لمؤتمر دولي حول المناخ ربما. محاولة البرهنة بأننا نحارب كل العناصر المهددة للبيئة. لكنه تشريع يدل على العمل المؤسساتي بيروقراطي و تنزيلي غير ديمقراطي. فمن يعرف يومي الاشتغال و التداول الاقتصادي و التجاري المغربي سيعلم بأن هذا القانون جاء متسرعا جدا، على الأقل بأنه لم يناقش و لم يهيء البدائل. و هذا يكون دورا للسياسيين الذين جعلناهم يتفرغون لمهام التخطيط و التشريع و التنفيذ لما يخدم مصالح البلد. لم نرَ اجتماعات قطاعية مرتبطة بمجال الإنتاج و الاستهلاك. كما لم نرِ ندوات و لقاءات تتعلق بالبدائل المطروحة و الشركات المؤهلة لتغيير ثقافة و آلية استهلاك المغاربة لمثل هذا النوع من المواد. نفس الشأن يرتبط بالتاجر البسيط و  المواطن العادي في تعامله مع الموضوع. ينزل القرار و فيه تنفيذ لتعليمات و خوف من عقوبات أو توبيخات، عملا بشعار (لِأنْجُ أنا و بعديَ الطوفان). هذه نتائج البيروقراطية التي تجعل التقارير مزينة بغير الواقع لكي ترضي من هو أعلى منك مرتبة  و من يمارس عليك سلطة. وقع هذا في قطاع التعليم مثلا مع سياسة الإدماج التي يمكن اعتبارها حق أريد به باطل بحسب التعبير اللغوي و الثقافي المجتمعي.

الصورة الأخرى التي نستطيع خندقة هذا التصرف داخلها هي للأسف صورة الدول الفقيرة التي لا يمكنها الاستغناء عن أي وسيلة لتلقي المساعدات كمن يبيع اعضاءه من أجل كسب قوت يومه أو من يتبرع بدمه من أجل ضمان فطوره على الأقل. و هي صورة سمعناها عن دول فقيرة و تعاني من الفقر و لها اماكن مقفرة و مهجورة جعلتها مقبرة للنفايات. سمعنا بموريطانيا و السينغال و غيرهما. سمعنا الوادي الذي جف و قتل عناصر البيئية و الخلائق ببعض هذه البلدان. لكن تفسير وجود المغرب ضمن لائحة هذه البلدان يجعلنا نتساءل من جديد: هل المغرب بلد فقير إلى درجة المجاعة و التصحر و التهديد بالموت البطيء للخلائق فيه؟

سيضحك من سيرى رغد العيش و الاستهلاك و الطبقية المتفاوتة و المتنافرة في تمثيليتها داخل المدن و في الاقتصاد... من سيرى خيرات البلاد في شريط بحري و ثروات فوسفاط و ذهب و غيرها... من سيرى نمط عيش الدولة بوزرائها و أطرها و بنيتها التحتية و تجهيزاتها و الأموال التي تصرفها على عالمها... سيصاب بالغرابة و الاندهاش مع رؤية كل هذا و يتساءل من جديد ضاحكا على سؤالنا: أيعقل أن يكون المغرب بلدا فقيرا؟

تفسير آخر يمكننا جعله لقَبول مثل هذه القرارات و تصريفها و يرتبط بأشكال الضغط و الإغراء التي تمت لكي تستبلد العقول و يتم تصريف مثل هذا المشروع الذي يجعل المغرب مقبرة النفايات. فأن يتم تصريف المحظور قانونيا يمكننا أن نفسره في بلد ديمقراطي بعمليات استفادة الساهرين عليه ماديا أو الحصول على امتيازات شخصية أو طبقية. و التحليل الديمقراطي يجعل الحق في هذا التخمين و البحث الإعلامي و التحقيق القضائي حول ضلوع أو خلوّ مثل هذا القرار من أية شبهة مما ذُكِر.

أم إذا نزلنا من فوق برؤية منطقية سنقول إن هذا القرار يتنافى مع سياسة الدولة التي ستستقبل مؤتمرا عالميا حول البيئة. اللهم فهم نوع الضغط و الإغراء و المقابل الذي جعلته إيطاليا سياسيا للمغرب.

نتمنى أن تكون نياتنا حسنة، و أن تكون سياساتهم حسنة، و كفانا شر تحليل.