Overblog
Editer la page Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
asafar 3

asafar 3

نفس مشروب أمس من فضلك.هكذا أجاب حميد مجددا ذكر اسم المشروب، لعل النادل يستأنس و يحسن خدمتهما...فيبدو أن العاشقين سيجعلان هذا المقهى البانورامي محجهما كل ليلة في مراكش..

سألت سعاد عشيقها عن برنامج يومه المنصرم كيف قضاه في غيبتها.... وهي بدورها ذكرت تفاصيل أنشطتها و جعلت الحديث عنها مرتبطا بحمامها وتصفيف شعرها وتزيين ملامحها ولباسها...وإن كان كل هذا باديا ومناسبا ولائقا بجسدها ولذوق حميد...

شعر حميد بانغماره في بحر عشق ووجدان جديد...فعليه أن يكتشف و يرعى أعماق بحره ومكوناته، ويحسن السباحة فيه ويتغلب على أمواجه ومده وجزره...

أخذ تنهيدة  جديدة فرضها الشعور والتفكير في غرقه الجديد...اقترب أكثر من سعاده حتى أصبح كتفه لاصقا بكتفها.عيناهما منشغلتين بمشاهد ساحة جامع الفنا الليلية،يداهما متداخلتان ملتصقتان،آذانهما متلاحمتين مندمجتين عبر حوار متناغم في صوتهما المخفوض الخافت وافكارهما المتسالمة المتكاملة... لاشيء يخلق اعتراض فكرة الآخر فالسفر فرصة الجديد والتحرر ون الأفكار القديمة واستبدالها بجديد أفضل ومريح للنفس والروح... عم صمت قصير ،ارتفعت معه حرارة اليدين في تلامسهما،والكتفين في تواطئهما.... بدأ حميد في همس لحن جميل..كلماته للشاعر نزار قباني ( رسالة من تحت الماء) ،أغنيته لعندليب العشاق عبد الحليم حافظ....كل القلوب ستؤيد أداء حميد كيفما كان ،مادام رسالة من قلب إلى قلب:

.............

الموج الأزرق في عيني

يناديني نحو الأعماق

 وأنا ما عندي تجربة

في الحب   ولا عندي زورق

......      

ذهبت سعاد في غفوة غرام متكئة على كتف حميد برأسها ...دام هذا الخشوع و الشروذ لدقائق عديدة...لم يعد للمحيط وجود،وحدهما كنقطة في فضاء كبير سماؤه الآن ساحة جامع الفنا،وبرجه سطح المقهى،ومركبه هذا السفر/الحلم في العشق والحياة....ولا احد له دخل أو فضول فيما يجري...فالكل في تحرر من رتابة المجتمع ويقظته اليومية في حراسة  كل التقاء بين جنسين ذكر وأنثى ،وتتبع كل تواصل بينهما...حتى لا تقع النشوة والتفريغة الجنسية خارج اطار المراقبة وما تبيحه بالقوانين والتقاليد.....

هكذا أصبح السفر حرية وسعادة لا يفكر المرء لا فيما قبلها ولا ما بعدها...

   بساحة جامع الفنا جلسا لاقتناء وجبة عشاء :حساء ساخن و"لحم مفور"  وكأس شاي من نوع خاص...الكل يتسارع لتذوق شهيوات  مراكش،والبهجة والكلام والحب يحث على ذلك...

أي فرجة سيتمتع بها نظرهما وسمعهما ،حلقات كثيرة ازدحام هنا وهناك وقلة حضور قد تكيز بعضها... هذه قصة حكيم الزمان،وأخرى لصراع الجن والإنس...وهذا منشط"حلايقي" يوقع بمستمعيه بالرد على أجوبتهم وتدخلاتهم،فيصبح فك اللغز مصيدة وقهقهة وتعبير عن ذكاء فائق...وإذا أردت الحركة فهؤلاء أو أولاد "أولاد موسى" في استعراضات رياضية جميلة..ترى أطفالا فيها في مقتبل العمر يشاركون برشاقة وجهد باديين..تتساءل معها حول طفولة أية طفولة أو تمدرس لهؤلاء...قد تتخيلهم كبارا حينما تلاحظ قسمات وجوههم وتلبيتهم لأوامر كبيرهم بما تحمله من طاعة وتبعية للقمة عيش...

تتغاضى عن كل ملاحظة تذهب بتمتيع النظر والترويح عن النفس،فأنت هنا للسياحة وليس لتغيير واقع اجتماعي بئيس...قد تكون أنانية المسافر الذي ينظر على طريقه في أمام و خط عجلاتها فى يلتفت على الوراء او الجوانب...

لن يكفيك تجوال في ليلة واحدة لتتبع كل حلقات الفرجة والمتعة بمراكش، اكتف ببعض منها لتترك مفاجآت جديدة لليال أخر لاحقة...ويستمر ارتباطك بالعجائبي الخارج عن المالوف...:ساحة جامع الفنا ملتقى الثقافات والحضارات،ملتقى الاقرات والشعوب ،ملتقى التالايخ الماضي والحاضر..ملتقى الطبقات من المسحوق على صاحب آلات التصوير الرقمية والنظارات الشمسية من شارع افليزي او غيرها من شوارع الغنى العالمي....هذه ساحة جامع الفنا المليئة بالمزيد من المواصفات....

شاهد حميد وسعاد بعض اللوحات الخفيفة هنا وهناك..علقا متجانبين على ارتآه فكرهما...وقررا استبدال المجال الفني والشعبي بآخر تزخر به المدينة العصرية بمتاجرها الفاخرة ومقاهيها وفنادقها وحاناتها...

سيارة الأجرة النملة السريعة التي تخترق كل ممرات الشوارع والأزقة... وتقرب لك كل بعيد بفضاء العروسة الحمراء..هذه جليز، وجلسة لمتعة الأذن بالطرب وللعين بالرقص وللشم بنكهة الشيشا والسيجارة وللذوق بنبيذ وأنواع خمور  تذهب بالعقول على لاادرية عبثية...وكل ما يساعد العقل على تحول من درجة وعي وتفكير إلى أخرى يتغير معها سلوك الذهن والحركة وتباح معها تصرفات ولمسات يحظرها المجتمع النهاري في كل تواصل تجمعي باستثناء هذا الفضاء الليلي....  

 

  تناول حميد بعض قنينات النبيذ، بينما اكتفت سعاد بواحدة.ورغم تناولها لها لم يبدُ عليها التشابه مع الفتيات اللاتي اعتدن يوميا على حضور هذا المكان. فقد بدا عليها طابع الضيفة المتحررة ،ما جعل حميد يشعر انه في احسن حال و احسن مجلس وحسن رفقة، ما جعل جرعاته احسن متعة وحافزا لمجاراة صوته المطرب مع مقاطع غناها الجوق في قاعة الفندق الخاص بالسهرات الليلية...واستمر السمر حتى الواحدة صباحا..فمع انتهاء الجوق من اغنية راي للشاب خالد ،قرر العشيقان العودة الى الفندق الذي غادراه منذ ساعات طويلة...فكم من الزبائن لا تدخل الى فندق غقامتها حتى يرهقها السهر في المدن الصيفية والليل الساهر..كذلك علقت سعاد:

مراكش و اكادير ،لا ينام الناس فيهما حتى الخامسة صباحا..والطاكسيات تشتغل بكثرة في النصف الخير من الليل...هكذا كان تعليقها وهما في طريقهما على الفندق داخل سيارة الأجرة....

ليس صعبا على مضيف الفندق استنتاج التواصل بين حميد وسعاد او بين غيرهما من زبناء الفندق،لكن هذا لايعني التدخل في حرية الأشخاص ورغباتهم...ورغم ان القانون معروف فهناك توافق اجتماعي على غض الطرف والبصر عن مثل هذه العلاقات..لذا كان كلامه لطيفا مع الطرفين مادًا المفتاح لكل منهما: - ليلة سعيدة

ليلة  سعيدة

تصبح على خير

امسية سعيدة..

آثر اخذ حمام قبل معاودة اللقاء،فسهرتهما لم تنته بعد، وكأنها مقاومة النوم وصراع لأجل اليقظة المستمرة ...ليستمر الطرفان مجتمعين لمدة أطول..فلليلة الثانية غلب السهر على النوم الذي لم يكن سوى ساعات قليلة..وطبعا العشق يكتمل بالتحام القبل ومتعة الجسد..فالطبيعة تجرهما للتلاقح و....اندست  سعاد إلى غرفتها بعد طول سهر ،حوالي الخامسة صباحا..كان ضوء اليوم الجديد باديا في سماء المدينة التي أصبح طولها ضعف طول البصر الناظر لها.... كان يوم جمعة يوم عيد المومنين .....بغبطة كبيرة استيقظ حميد على الساعة الحادية عشرة صباحا..مستحما ومرتديا دراعيته و شربيله/بلغته ،خرج طاهرا ،وتناول فطوره بمقهى الأمس دون انتظار سعاد...ربما لم يرد إيقاظها حتى تستريح من ليلة بيضاء قضتها معه،بل من يومين من السهر وقلة النوم...

الجمعة الماضي صليت في المسجد بالقرب من منزل أسرتي، سأذهب لأداء الصلاة في اقرب مسجد الآن.

   مع  منتصف النهار نهض وبحث عن اقرب مسجد تؤدى فيه صلاة الجمعة،استحضر في الطريق انه لم يصل منذ مجيئه في هذا السفرالى مراكش...استغفر ربه وطلب العفو والمغفرة...قصد مكان الوضوء فتوضأ ودخل إلى فضاء المسجد الكبير فجلس بركن من زاوية ،أدى قبل ذلك ركعتين لتحية المسجد..واستقام في جلسته شاعرا بالارتياح من حشر نفسه داخل زمرة المصلين..جاءه شعور بتجدد الإيمان والانتماء ،مادام الفضاء جديدا والناس جدد وهو جديد معهم ووسطهم...لا ارتباط مع الماضي في كل ما رأى وسمع وفي كل من نظر له من الحاضرين...كم منا يتمنى لحظات حميد في هذا التطهير وبدء صفحة أو صفحات جديدة في حياته...

حين خروجه من المسجد وجد رسالة مكتوبة على هاتفه المحمول   بعثت بها سعاد:

صباح النور أين أنت؟

أسرع إلى مخدع هاتفي مقتصدا على رصيده المكالماتي، وحيى حبيبته ودعاها للخروج لتناول وجبة الغذاء.

انتظرها بنفس مقهاه الصباحي فبالقرب منه مطعم عصري مناسب،تناولا فيه وجبة الغذاء...ثم عادا الى المقهى من جديد...لم يفت سعاد ان تستغرب وتتساءل عن تناقضات حميد الذي أصبح مستهدفا ومتهما...فالظاهرة اجتماعية وثقافية..لكن ما دامت المسالة مطروحة ،فقد كان تبرير حميد تبريرا للظاهرة كانه ليس معنيا بها داخلا في ممارستها :

المغاربة هذاحالهم "شويا لربي وشويا لعبدو،اللهم اعف عنا..

وتتدخل المراة بلبها المنتقد للرجل الذي يعتبر الحامل لمشعل الشرع والاستقامةعبرالتاريخ،جاعلة تصرفاتها نتيجة يتحمل مسؤوليتها الرجل في كلامها:

       -كيف يقبل الله ان نصلي ونشرب الخمر ونمارس تناقضات في تصرفاتنا؟انتم الرجال غامضون جدا.

      - إليك يا حميد هذا الكلام ما ردك؟ماذا تقول؟

       - اتفق معك ،ولكن هذا هو الحال،الكل يعيش  فيه ليس  لنا ما نفعله كثيرا لتغييره،ونحن عود من القتة،يوم

        يأتي العفو يفرج الله علينا...الساعة الآن الثالثة بعد الزوال، ماذا سنقوم به اليوم؟

 

 

 

  لم يكن حميد ذلك المثقف صاحب الوعي الشقي المهموم بحدة السؤال وفك الغاز التناقضات...لكن اجوبته بحجم تبريرها بحجم موضوعية بعض جوانبها:

نحن الآن في السفر ،نفوج على انفسنا ،وحينما نعود نلتزم ونتوقف عن ذلك هذا....يصعب على المرء البقاء مستقيما دون الترويح عن نفسه والا سينفجر، فكم هم اختلوا نفسيا وعقليا بسبب إتباعهم طريقا واحدا وصل بهم الى المسدود...وانت تعلمين ان الشباب ليوم يصعب علهم ايجاد العمل والزواج بسهولة، لهذا لا بد من حلول مؤقتة ونسبية... وهذا ما يجعل ما نقوم به مبررا...

  هي حفرة حوار كلما زادت حدة أسئلته غارت قدما حميد فيها مستنجدا برفيقته في الخروج منه والاتفاق معه على هذه المبررات والتعليلات...

عادت السائلة الحاكمة لموافقة المتهم على آرائه،فهي كذلك معنية بهذه الملاحظات:

الله يسمح لنا...نتمنى ان يخرجنا الله من هذه المحن والبلاءات..

واخذ حميد دورها الأول:

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..

سعاد : اتفق معك ، ولكن هذا هو الحال ، الكل يعيش فيه ،ليس  ل نا ما نفعله كثيرا لتغييره.ونحن عود من "القتة" يوم يأتي العفو يفرج اله عنا...الساعة الآن الثالثة ونصف ،ماذا سنقوم به اليوم؟ لو كان الوقت كافيا لذهبنا الى مولاي ابراهيم او اوريكا..

حميد :- اتريدين طلب الزواج من مولاي ابراهيم؟

-تعلم أني لا ارغب فيه وقلتها لك قبل يوم أمس..

- ما اعلمه هو أن كل فتاة تفكر في الزواج.

- ليس أي زواج...

- اتفق معك ، نتمنى أن يفرج الله ويسهل الأمور للجميع.

 

          لم يعودا الى الفندق ،بل ذهبا إلى المنارة.. قضيا ما تبقى من النهار هناك في تجوال بين جنبات حوض الماء وخارج المنارة مع أشجار الزيتون والنخيل، وكل له رغبة في محو التجارب السابقة ومعاودة التجربة بروح جديدة و بكل ما تحتاجه من رومانسية وأحلام وخطط حياة وأمنيات...

اتعلم ،ما سنقوم به الآن؟

 اقترحي انت..

 ساعزمك على عشاء في مكان احبه كثيرا ، ثم نتجول بعده في شوارع جليز وندخل الى مقهى الفندق..وما رايك في الذهاب إذا خارج المدينة؟ لااريد اقتراح مولاي ابراهيم حتى لا تعاود ظنك الخائب بالنساء...

كما تشائين، لم ازر مولاي ابراهيم قط، لم لانذهب اليه؟

اذا انت الذي تريد البحث عن الزواج؟

لا حاجة لي به ولا بالنساء تكفيني سعادي بجانبي...

ابتسما معا وتبادلا قبلة رضا على الثناء..كانت خفيفة،شدت معها سعاد بيد حميد ووليا راجعين على شوارع السهر والمرح...

اتعلم ما يميز المطعم الذي نقصده الآن ؟ هو في زاوية مفتوحة على شارعين كبيرين مدخله حديقة و ينايته رائعة في هندستها ورحب فضائها... ديكورات عصرية وتقليدية ،وعزف بيانو ينسيك هموم الدنيا وناسها..اظن ان الليل حل بظلامه،لم لانبدا بالمطعم اذا؟

لقد شوقتني لرؤيته وفتحت شهيتي.

داخل سيارة الاجرة: - مطعم الورود من فضلك.

"واخا الالا" حاضر سيدتي. اجاب السائق وهو يطاطىء رأسه مع أغنية لالا منانة الشعبية.

اثنى حميد على رشاقة السائق:

تبارك الله على المعلم،الله يخليك ديما ناشط.

آمين اخويا،وانتما كذلك.