Overblog
Editer la page Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
اسلام مارسيل 6

اسلام مارسيل 6

ـ

صباح الخير ..تحية تبادلها الرفيقان في وقفة الاطلالة البحرية...

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  خروج الباخرة على الساعة السابعة. لا زال امام المسافرين متسع من الوقت. ساعة الميناء تشير الى الخامسة وخمس دقائق. لكن الرسو بالسيارة سياخذ من  يوسف جل ما تبقى.لذا آثر الجميع البقاء معه داخلها.حتى مارسيل كان يرغب في تناول كاس نبيذ قبل الدخول الى الميناء، لم يرد تغيير برنامج الفريق في الرحلة والرفقة، بقي داخل السيارة....

التحق يوسف بالجميع في الطابق العلوي للسفينة بعد ان تركوه يرتب ما شحن فيها من امتعة.... والتحق كل بكل بغرفته ومقامه بعد  ان تاكدوا من موقف الغرف باكملها اطمئنانا على اعضاء المجموعة المسافرة. بالنسبة ليوسف ومارسيل ، ربع ساعة كانت كافية لالتحاقهما بمقصف السفينة خارج ممر الغرف مباشرة.جلسا لطاولة راسية وملتصقة بارضية السفينة  الخشبية.لم يكن عدد المسافرين بذلك الازدحام الذي يكثر مع بداية عطلة الصيف.فموسم العبور الكبير لم يبدا بعد....

نادى يوسف على كاس قهوة ، بينما طلب مارسيل  كاس نبيذ.

ـ الا تشرب الخمر يوسف؟

ـ لا شكرا.

ـ هل سبق لك تناولها؟

ـ نعم في مرحلة بالثانوية والدراسة بالمعهد بباريس.كنت معتادا على ذلك، لكن الآن توقفت.

ـ لماذا؟

ـ صحيا، علميا، دينيا كذلك... اشياء كثيرة تغيرت عندي منذ مدة.

ـ كيف، لم افهم يوسف؟

ـ ساحاول تفسير ذلك ، لكن لا تنزعج.فعادتي حين آخذ الكلمة ان اطيل في التحليلي.هذا ما يلاحظه علي اصدقائي

ـ لا عليك يوسف، انا ساتابعك في كل كلمة تقولها..

ـ طيب، سالتني عن تناول الخمر.ببساطة اولا: صحيا، لها آثار وخيمة على  اعضاء الجسم وانت تعلم هذا.وهي تسبب الادمان، ولك ان ترى حالة المدمنين لتحكم على آثارها.لك ان ترى كذلك البرامج الصحية كيف تتحدث عنها وعن اضرارها.انظر برنامج الصحة على القناة الخامسة... كلها انتقادات  ولو لكاس واحدة من الخمر يوميا صحيا وطبيا... حتى ان هناك تحركات المجتمع المدني ضد تناول الخمر والاشهار المتعلق بها.. اصبحت تحاربها مثلما تحارب المخدرات سواء في فرنسا او في سويسرا... حتى المستشفيات هناك ارقام مهولة في فرنسا حول المعالجين من آثار الادمان على الخمر يفوق عددهم النصف مليون شخص.. امر مؤسف فعلا.الحمد لله ان اهتمامي بالرياضة والتزامي بفنون الحرب ساعدني كثيرا على الابتعاد عن تناولها ولو حتى في المناسبات مع الاصدقاء....

ـ عندك حق يوسف، لكن العادة وثقافة العيش تفرض علينا كل هذا. انما كيف تقول دينيا مادام اقتناعك بالابتعاد عنها علمي وصحي؟

ـ تعلم اننا اسرة مسلمة.والاسلام يحرم الخمر. في وقت سابق كان موقفي من الاسلام موقف شخص يرى فيه عقبة امام الاندماج بي الشعوب الاوربية والغير اوربية. اتفهم انتماءك وعدم فهمك لهذا الجواب ، فهو صعب شرحه .ربما يشعر به صاحبه اكثر مما يستطيع التعبير عنه بشكل واضح. وانني اشترك معك في كثير من الامور التي لا زالت غامضة عندي تجاه الاسلام.لكن هذا لا ينفي تاثري الكبير به مؤخرا.

ـ كيف يوسف لا افهم ، ما علاقة الحديث عن الخمر  بكل ما تقول؟

ـ قلت اشترك معك في الانتماء الاوربي.فانا مولود في اوربا  وتعلمت وتربيت على الثقافة الاوربية. لكن تعلم ان الهوية تركيب معقد والدين جزء منها وفيها. علاقتي بالاسلام عرفت تطورا كبيرا منذ مدة.بالضبط مع بداية التسعينيات.كنت في البداية انظر الى المغاربة كشعب لا يريد التطور واللحاق بالغرب، متعنت ومتزمت.. لكن تفاعل الاحداث السياسية دوليا جعلني ادخل الى بوابة في التاريخ انظر اليه من زاوية جديدة... اضافة الى قراءاتي لبعض المثقفين العرب والمسلمين باللغة الفرنسية ،بدات اكتشف اسرار ومفاتيح العلاقات الحضارية.. لقد استفدت كثيرا من ادوارد سعيد ، محمد اركون،.....قرات للصراع العربي الاسرائيلي: اسبابه ، تطوراته...دور الغرب فيه... على العموم هذه المواضيع جعلتني اقرا الاسلام  من منظور خاص بي لا اتفق فيه مع مجموعة من الكتابات المتشددة والمتطرفة ولكن يجعلني اتخذ موقفا  مدافعا عن حق الشعوب في التحرر والتطور والتقدم... مشكل العولمة كذلك دفعني لانخرط في جمعيات تدافع عن البلدان الفقيرة وتكشف فظائع الاستغلال الامبريالي الذي تمارسه الشركات الكبرى على الدول الفقيرة.. والحروب التي تمولها وتقودها باسم مبادىء خادعة وتحت غطاء سياسي للحكومات الغربية التي تنفذ مصالحها بحثا عن الربح المادي ضاربة بعرض الحائط كل القيم الانسانية والحقوق التي تستحق التمتع بها....

مواضيع كثيرة جعلتني اكتشف هوية جديدة بداخلي هي اسلامية اكثر دون جعل شرخ مع انتمائي الفرنسي الاوربي الذي تربيت فيه وتعلمت ثقافته ومبادئه... وهذا ما احاول النجاح فيه.. اكتشاف الهوية تاجديد هذا جعلني احترم الدين الاسلامي و ما يدعو له من قيم ايجابية. ومنها عدم شرب الخمر. تصور انني كنت مطلعا على كل اضرار الخمر، ومقتنع باضراره الصحية واخطاره، لكنني كنت اتحدى هذا الوعي ، لم ارد ترك شيء يجعلني احقق نشوة...في الحقيقة التعبير يخونني...كانت المر رمزا للانتماء لثقافة وجماعة اصدقاء ونمط الحياة الغربية والتحرر.. لكن الآن ذهب وهم هذه الوسيلة .فانا اشعر بالانتماء واتبنى الثقافة دون حاجة الى ما هو مادي للشعور بها..والحمد لله  لقد انتبهت الى وجود اصدقاء واسر كثيرة في فرنسا وسويسرا بدات تنسى ثقافة الخمر، رغم كونهم مسيحيين، لان الوعي الصحي والطبي اولى. والايمان لا يحتاج الىمخدر لتعزيزه....هكذا فكر يوسف الجالس امامك..

ـ تابع يوسف يعجبني كلامك..

ـ في الحقيقة نحن نتحدث عن الخمر ، وها نحن نعدد المواضيع عن العلاقات الدولية والحضارية... كيف حال هيلين؟ بخير؟ لم اعد اراها معك؟

ـ انها بخير.لقد عانت من ازمة نفسية حادة واحتاجت الى الراحة والانعزال.احترمت موقفها وقرارها.الآن هي في قريتها غرب فرنسا.في الحقيقة انا كذلك تفهمت معاناتها.فجزء منها موجود كذلك بدواخلي. توترات داخلية لا ادري ما سببها.تعب الحياة والعيش..؟ لهذا احتجت الى السفر وتغيير الجو. ابوك علي اصبح قريبا مني، نحن الآن اصدقاء وجيران في آن واحد لقد تناولنا كاس قهوة وتبادلنا حوارات عدة.. كما انني تنا ولت كسكسين من صنع والدتك فاطمة...

ـ بالصحة والعافية.انا لا زلت مدينا لها بقصعة كسكسية حتى نصل الى المغرب.

ـ تعلم مشكلة هيلين هي مشكلتي.فراغ داخلي لم يعد هناك اي ارتباط بمبادىء مجردة كبرى ، ولا ايمان.. فقط العلاقات الانسانية التي لا تكون دائما مثالية و جيدة.... لقد حاولت زيارة كنيسة بليون لكي اطرق هذا الداخل الملح .. لكن لم اتجاوب مع فضائها ولا وظيفتها... يبقى ضغط هذه المسالة موجودا ولكنني اجهل سره وسببه وام يؤدي اليه...

ـ اهلا علي .ارتحت جيدا.اتتناول العشاء معنا؟

ـ لا شكرا جئت فقط لاقول لكما تصبحان على  خير. استيقظ باكرا للصلاة، لهذا يجب ان انام باكرا.

ـ يوسف ، نحن كذلك يجب ان نستريح .خصوصا انت فقد قدت السيارة طوال هذه المسافة. سنتمم الحوار غدا.مجموعة من الاسئلة  لازالت في ذهني الآن .غذا نتمم النقاش.اتفقنا؟

ـ اتفقنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 وقف  مارسيل مواجه ريح البحر الصباحية. متأملا امواجا هائجة صماء.مستمتعا بصوتها ، مفرغا شحنات مدفونة من التوترات....سيجارته غيمه المالىء لفراغ بصره وذهنه...ماذا ترك وراءه؟ لا شيء يربطه بوجدانه... فراغ داخلي يجعل شربه للسيجارة يشعل نيران داخلية ويخمد حسرات حامية... جاءت خطوات يوسف مخرجة اياه من تيه بحري ازرق...

صباح الخير ..تحية تبادلها الرفيقان في وقفة الاطلالة البحرية...