فرطاس الجبل ـ 43 ـ

رائحة التراب. اختارها وقفة ماجدة تطل على المحيط الأطلسي من جاهت ثلاثة و ممتدة في انبساطها فوق الهضبة غير بعيدة عن مصب نهر تانسيفت. تطل عليها غابة تنادي بتراقصها الأخضر آفاق الأمواج الهادرة من بعيد. لكنها الرائحة التي مزجت الرذاذ الرطب و الهواء الفائح الجامع بين الماء و الشجر.ـ

كانت رحلة نهاية الأسبوع إلى بلاد عبدة حيث عائلة بديعة .... بلاد جعلت إيقاع التاريخ هو إيقاع فلاحتها و نواميسها الخالدة. و حيث تتوزع الأصوات طول النهار و على امتداد الليل، تقسم اليوم إلى أدوار بين حركة و سكون، يكون صوت محرك السيارات و الشاحنات و الحافلات ذلك النشاز الذي يحدث الضجيج و يقلق الذهن و يضيق من راحة بال الخلائق.ـ

لم يقطن السيد فحص لهذه المقارنة إلا بعد أن تعدّت الإقامة اليومين و زيادة. ففي اليوم الثالث استيقظ على غير العادة مع بدايات الفجر و صوت ديك آىت من بعيد لملم الأكوان و حرّك الساكنة.ـ

جلس فوق صخرة ملتحفا بغطائه الذي حمله برنسا على كتفيه حين النهوض من الفراش. ضيف مُرحّّبٌ به، لكنه يبيت في الصالون الطويل و العريض بمفدره. طقس الاحترام لأسرة بديعة يوجب ذلك. ففي مبرر الزيارة و الاستقبال، هو أستاذ جامعي يقوم ببحث تاريخي في المنطقة. و طبعا لن يبخل لإراد الأسرة في حكي مروياتهم التي تختلط فيها الأسطورة مع التاريخ مع خيال اللحظة. تغذى خلال اليومين الأولين بجميع الجميع الحكايات التي أضافها إلى ما يعرفه أكاديميا عن المنطقة.ـ