Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
المغرب الذي يوجد فينا ! ـ

المغرب الذي يوجد فينا ! ـ

المغرب الذي يوجد فينا ! ـ

 

للوهلة الأولى،  يبدو ان الجل أصبح ينساق وراء انفعال مع المشاهدة و الصورة التي يتلقاها. أصبح يثور فيوجههما لكي يترجم اخلاقياته التي تحكم شخصيته و وسطه العائلي و الأسري الذي يعيش فيه. ـ

للمرة الأولى سيتم الحديث عن مشاهد لا تليق بثقافة الفرد المسلم و لا تتناسب مع عفته و غض بصره. و كأن المشاهد لأول مرة يرى ما يرى، و يفزع لما يرى.ـ

في حقيقة تكوين الشخصية المغربية على الأقل أنها منفصمة و مزدوجة في توجهاتها و اختياراتها الحياتية. و هو تعدد لا يعتبر تهمة و لا مرَضا سيكوباتيا، بقدر ما يعتبر نتيجة لتكوين ثقافي متعدد و متشكل و معقد في انبلاجه من واقع هو كذلك.ـ

بتعبير بسيط، لو كانت المشاهَدة عند هذا المشاهِد (ة) فردية، لَمَا أثارت ضجة في تلقيه و في تفاعل حواسه و تعبيره. إنما يصبح الأمر مشكلة حينما يكون داخل وسطه الثقافي و الاجتماعي، التجمعي، الذي يفرض عليه قوانين و اخلاق معينة.ـ

طامّتنا الكبرى أننا نجعل الفرجة جماعية يختلط فيها الكبار  مع الصغار، و مختلف الأجيال. تكون تلك الفرجة كقصعة الكسكس التي يدلي الكل بيده ليغترف منها و يتصبب بحرارتها و اذواقها بين الحارّ و المالح و الحلو و غيره...ـ

ربّما نجهل أننا نتعسّف على هذه الفرجة و على متلقيها حينما نختلط كبارا و صغارا في فرجتنا و جلوسنا امامها. ذلك أن الأثر التربوي يكون غالبا سلبيا بسببها. و كم من نتاج سلوكي في شخصية الفرد يصبح معوّجا بسبب هذا الاختلاط.ـ

الأمر إذًا خلل في التصور و الوعي التربويين، و كذا في الممارسة التربوية الأسرية.ـ

كم منا عاد إلى مشاهدة لقطات الإثارة في الفيلم الذي أثار ضجة ( الزين اللي فيك). كم منا بحث عن مكامن المتعة و الجرأة التي جاء بها الفيلم. كم منا اندهش لجرأته و تقنية إخراجه و أعجب بها مع نفسه، لكنه حينما يوضع في سياق التجمع الثقافي يتنكّر لموقفه و يرتدي جلباب العفة والتقية ويستنكر لما صدر و ما كان من مشاهد في هذا الفيلم.ـ

ما يغيب عن بوصلة الحكي و الفهم و التفسير، هو ذلك الخيط الخفي الذي ينسج حكاية الواقع بمنطق مركب و معقد تتحكم فيه أيادي تمتلك السلطة و التاريخ.ـ

الواقع السياسي المغربي و طبيعة التركيبة السوسيو ثقافية المرتبطة به، يعطي فهما آخر للحكاية، حتى لا تكون مجرد انفعالات عاطفية و أخلاقية محرجة توتر الذات و النفسية معها.ـ

في المغرب تتعايش بشكل واعٍ أو غيرواعٍ ثقافات متعددة، تراكم ظهورها مع تراكم التحولات التاريخية و المجتمعية المغربية. و حينما نقول بتعدد الثقافات سنقول بتعدد الطبقات و الفئات و الشرائح المندمجة فيها و الناتجة عنها.ـ

هكذا سنتحدث عن أنماط ثقافية تتأرجح بين التقليدانية و المعاصرة. أنماط تتجاذبها تيارات شرقية وغربية و محلية في توجهاتها و اختياراتها.ـ

و في واقع السلطة الحاكمة اقتصاديا و سياسيا و كذا ثقافيا، يتأسس هذا التنوع ويأخذ حضوره و شرعيته داخل توازنات يفرضها تعايش المتناقضات. سنقول حينئذ أننا نعيش مغرب هذه المتناقضات. و أن السلطة الحاكمة بمؤسساتها وأشكال نفوذها، نجاحها يتجلى في حسن  استمرار هذه التوازنات دون تصادم أو اضطراب بينها.ـ

نجاح السياسة يتجلى في جعل المواطنين يقبلون هذا التعايش و يستوعبونه و يتعايشون داخله. و كم منا يذهب في سياقه و النهل منه و ترتيبه بالزمان و المكان. كم منا يوقت للباس و للسوك و للاستهلاك بحسب مقام الحداثة من التقليد أو التقليد من الحداثة. كم منا رأى في الحاكم النموذج المقتدى في التوفيق و في التحول من وضع إلى آخر.ـ

هكذا أصبح المغاربة قابلين لواقع العيش داخل المتناقضات. و حينما نلاحظ هذا الاصطدام بين فئات معينة في التعامل مع ظاهرة تمت للتحرر الحداثي و الانفتاح السلوكي المرتبط بمنظومة القيم الليبرالية التي أنتجت التطور المادي و الوعي الثقافي المرتبط بثقافة و حضارة العصر، أو بالعكس، تجدهم رافضين لتقاليد و طقوس تعود لتقمص الماضي بحذافيره في النفسية كما في اللباس أو السلوك و الخطاب و الفعل، فإننا لن نستغرب من هذه المتناقضات، ما دامت من نتاج الواقع و السياسة والتركيبة المجتمعية و التاريخية و الثقافية المغربية.ـ

وظيفة نظام الحكم في المغرب أن يحافظ على التوازن بين هذه المكونات. أن يدبر تعايشها و تكاملها بطرق اجتهادية مختلفة، و بفلسفات تأويلية مقنعة.ـ

ما لا يفهمه الجل من المنفعلين مع الخبر و الصورة دون الغوص في الظاهرة و تحليلها و فهمها و معالجتها، هو كون النظام السياسي المغربي يرعى مكونات لها قناعات مختلفة و متناقضة. رغم أن الثوابت المشتركة التي تجمع المغاربة في لحمة وثقى تعتبر الضامن التاريخي للتآخي و الترابط المستمر لمكونات مجتمع و أمة،فإن اختيار نمط الثقافة و السلوك و العيش أصبح اختيارا موضوعيا واقعيا و حقوقيا مضمونا لكل فرد و فئة و برعاية الدولة و مؤسساتها. و هذا ما لا يستطيع جلنا استساغته كمتغير في معادلة العيش المجتمعي المغربي الذي راكم تاريخا من مفهوم الدولة التقليدية الدينية و تربيتها على الطاعة و الاستقامة لمنظومة أخلاقية محددة.ـ

تبقى حدود التوافق و الاحترام المتبادل و طريقة الاستفادة من هذه المنظومة الحقوقية و الثقافية الجديدة و الأخرى القديمة هي التي يجب التواضح حولها و شرعنتها بشكل جلي و ليس بشكل خفي يخفي غابة حطب يستغلها المتطرفون عن الاعتدال لإشعال نيران الفتن و الصراعات و التطاحنات الهامشية التي لا تخدم تطور المجتمع إلى الأمام.ـ

فيما مضى كان المجتمع المغربي منغلقا و أميا، و لم تكن الأنظمة المشتغلة على تدبير سياسته في حاجة إلى شرعنة دستورية و قانونية و حقوقية. الآن أصبح المجتمع المغربي أكثر انفتاحا على جميع الاتجاهات و الاختيارات، و أصبح لزاما عليه أن يشرعن هذا الاختلاف و يجعل التعايش فيه و معه و به دستوريا و قانونيا و حقوقيا.ـ

و أظن أن الفكرة أصبحت واضحة في طرحها. و الأهم هو جعلها موضوع نقاش ديمقراطي يحقق مبتغى الوطن الواحد و الدستور الديمقراطي و السياسة الشفافة و التربية السوية و المتوازنة بالاختيارات المناسبة و الملائمة.ـ

و للحديث بقية ديمقراطية في التناول.ـ