Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
شرنقة ثقافية و سياسية

شرنقة ثقافية و سياسية

شرنقة ثقافية و سياسية
شرنقة ثقافية و سياسية

لقد اختار فرانز كافكا كعنوان لروايته المكثفة و المركزة و الدقيقة في الوصف كلمة التحوّل. و إن نحن أردنا معرفة ترجمتها من لغتها الأولى، وجدنا على أن كلمة تحول غير كافية في حمل المفهوم الذي تضمنته.

فالكلمة في الأصل هي : metamorphose. و هذه الكلمة مركبة من جزأين طبعا. الميتا، و المورفوز.

فكلمة ميتا، كما نجدها مثلا في موسوعة ويكيبيديا المفتوحة :

)) ما بعد أو ميتا هي كلمة يونانية الأصل تعني (بعد) أو (وراء), وهي بادئة لفظية تستخدم في تكوين اشتقاقات وتعني بعد شيء ما, أو انتقال إلى شيء آخر. فمثلاً دعا أرسطو الميتافيزيقا بهذا الاسم لأن مشكلاتها الأساسية معروضة في رسائل توضع بعد التعاليم عن الفيزيقا بواسطة الوسائل المنظمة لمؤلفات أرسطو. وتطلق الأسماء على بعض النظريات العلمية المعاصرة تبعاً لذلك, مثلمابعد النظرية، و ما بعد المنطق ووما بعد الرياضيات و مابعد الأخلاق.((

المابعد، تعني وجود تغير و تحول، لكن هذا التحول و الانتقال يتغير بحسب الوظيفة و السياق و الموضوع الذي سيتشكل به هذا التحول.

المورفوز، سيعني أحد التأثيرات الدقيقة التي يحدثها الرسام على لوحته بحيث يغير ملامح و خطوط و تعابير مرتبطة بالشكل و الوجه مثلا...

أما الميتامورفوز، فسيعني التحولات الخِلقية التي يخضع لها مخلوق خلال تشكله المشيمي أو النوعي في مراحل نموه.

هكذا سنجد مجموعة من الحيوانات تخضع لهذا التحول النوعي. سنتحدث عن عمليات الشرنقة التي تعرفها دودة القز مثلا، إلى غير ذلك من الأمثلة داخل عالم الحشرات المتحولة برمائيا.

يزداد الاهتمام بهذا المصطلح في محاولة ملاحظة التحولات السلوكية عند الكائن البشري، و سيزيد توظيفه في وصف مجازي و تشبيهي يرصد غرائبية هذا الكائن الثقافي بامتياز. ذاك الذي يجرد و يوظف المجرد و اللغة و العبير الشفهي و المكتوب في ترجمة تصرفاته و تحولاتها المرتبطة بنفسيته و شخصيته و عقليته و مصالحه داخل كل هذا.

في تتبع رواية التحول عند فرانز كافكا، نجد أن القارىء لم يتوقع أن يتكلف الكاتب بمهمة القدر غير المرغوب فيه، و الذي يفر منه اللسان قبل الفؤاد. هي صدمة في عصره و لحظة ظهور منتوجه. سيتقزز هذا القارىء المفترض من الصور التي شكّل بها الكاتب بطله و أحداث روايته. غريب أن يطرق الكاتب أبوابا مخيفة تعتبر عقابا و شرا ة هوْلاً.

كيف اختار موقف ضحية المحنة في التفرج على عالم البشر و صراع التوازنات المكلِّف؟ تلك غرائبية جديدة سطّرها الكاتب. لقد مزّق ستار السماء بصناعة خيال يخيف هذه السماء. أين يا ترى ستتموقع تغيرات القدر المخيفة و تولاتها؟

لو قرأها جيل ما قبل كافكا، لحامكه ربما و اتهمه بالشرك و التجني على مهمة القدر بخيره و شره. لوجدناه يصرخ و يبكي من هول ما قرأ. و برما جيل ما قبل كافكا مستمر داخل عقليات تحمل نفس المنظور و الحكم القيمي.

من زاوية أخرى، و في ارتباط مع صدمة المفاجئ في المنتوج، نتذكر هنا وقع الفيلم السينمائي ( l’éxorciste أو طرد الأرواح الشريرة )، على المشاهدين، و كيف أفزعهم و أدخل البعض من رهيفي الإحساس و العواطف في انهيار و غيبوبة. ذلك أن وعي الإنسان المتماسك و المتوازن مع معطيات الآن الفكري الوجودي الذي يضمن له الاستكانة و العيش بدون مهددات تدميرية، قد تم تهديده بالمشاهد المخيفة و الغرائبية الحاصلة أمام عينيه، وسط ظلام دامس تستحوذ عليه الصورة المتحركة للمشهد السينمائي و الصوت الذي يبث الروح فيها. لكنها روح مخيفة.

استحضار هذا التحليل المتناول لمفهوم الميتامورفوز  و مصطلحه و وظيفته، و الوقوف عند محطات الاندهاش و الارتعاب و التعجب التي تخلقها المشاهدة و الملاحظة، يأتيان لفهم موقف المثقف الذي يجرد الظاهرة التي يحللها و يستخرج القوانين التي تحكمها و يفسر المنطق الذي تسير عليه و تؤول إليه.

استحضار المفهوم ستكون له وظيفة ثقافية و رمزية في تفسير التحولات السلوكية البشرية و بالخصوص عند المثقف الذي  يتحايل على اللغة و الكلام و التعبير لكي يبرر تحولاته و انتقالاته المتباينة و المتناقضة.

كذلك استحضار لرؤية التحولات الطبقية التي يريد أن يقفز من خلالها هذا الفرد المثقف على منظومة قيم و مبادئ و فلسفة عيش و سلوك، لكي يتلوّن مع أخرى جديدة قصدها و هيأ لها و انتظر الفرصة لكي يحقق قفزه داخلها.

الأصعب في ملاحظة الظاهرة، هو قدرته على تغيير المبادئ، و اتلاعب بأخرى، و التصنع في التصرفات النفسية و المشاعرية و العلاقاتية.

الشرنقة، وصف لحربائية تمثيلية يعيشها مسرح الحياة داخل المجتمع المغربي، تشارك فيها نخبة من السياسيين و المثقفين. هؤلاء الذين كبُرت شخصيتهم يوم آمنوا بالمبادئ المجتمعية المتحضرة و الراقية في التطور المنشود. و الذين صغرت شخصياتهم يوم باعوها من أجل القفز الوصولي للمصالح المادية و الاستفادات الطبقية الجديدة.

 و حيث لا يمكن للمثقف أن يفهم باقتناع أكثر و أن يدرك ببلاغة اقوم ما لم يستسغ ذاته من دواخلها، كان لابد من مقاربة تحلل الذات و النفسية و التحولات التي تطرأ و طرأت عليها. اختير هذا المصطلح لكي يتسعمله ذاتيا في نقد تحولاته.

هي ملاحظات نجدها مفصلة في دراسات متنوعة عن تشكل الطبقات الاجتماعية بالمغرب و النخب السياسية به مثلا. كما نجدها في تفاعل علاقة المخزن ( ك طبقة مركزية غير متحولة مضمونا ما دامت تمثل الطبقة الحاكمة و مصالحها و ثقافاتها )، مع النخبة السياسية و القافية و الفنية و الرياضية التي استفادت من امتيازات القرب و الخدمة لكي ترتقي ماديا و تتغير مبدئيا من فكر الشعب إلى فكر النخبة المتعالية على الشعب و لو كانت خادمة للأعتاب الشريفة داخل سدة الحكم و مخزنيته.