Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
الهوية المجترحة

الهوية المجترحة

الهوية المجترحة :

اختيار العنوان يريد تناول حالة و تشخصيها بمواصفات صحية و سوية طبعا ... لا يريد اختراقا ذاتيا لهذا الجسد المنصوب فوق طاولة التشريح ، و الذي تناوب على التجريب و التجريح عدد لا يتسهان به من البشر ، من البعض الذي تعمد شرخه و تمزيق أحشائه ، و تعريته من كرامته و تماسك لحمته ... و كم هي الصور التي تترجم الاستيهامات الهلامية في مضغ الكلمات و ممارسة طقوس حالمة بأوهام سحابية تطيش معها  الأفكار شظايا متعاركة في الفضاء ، جائعة للنهش و الابتلاع ، و لجحوظ العين بعد تخمة إشباع من افتراس ناهم بغدد و غريزية تعبير ...

في كم تعبير و حق محترم في الإنصات إليه ، مزقت دواخلي افكار أرى فيها مشاريع دمار و تخريب .. أجسد فيها صورا عابرة خلّفها رعب مشاهد إعلام حول حروب أهلية شتتت و مزقت الأحشاء لأمة كانت جسدا جميلا تشتهيه الطبيعة لرسم ألوان و عزف سمفونية حياة ... لكن الدماء و أشكال التشويه التي رافقت احتفالية القتل بعد الموت ، كانت كافية لكي يخترق كابوس الرعب و الوحشية البدائية فطرتي ، فيوقظ البدايات و ينقلني من الثقافة المتحضرة و المتمدنة إلى الطبيعة آكلة اللحوم البشرية قبل الحيوانية ...

هي ذي حالات الاجتراح التي تصورها هويات متفرعة من العدم و من الماضي السحيق الذي يكن مرضا ، بينما الآن في إيقاظه كخلايا مستعملة من جذوع مستأصلة ، اصبح باليا و غير قابل للاستعمال ...

يقف المواطن المغربي أمام مرآة الانتماء للوطن ، فيجد الصورة مقسمة و مشوهة ، و مجزأة بين ألوان شتى تريد الطغيان على الصفحة الماثلة أمامه ... يريد أن يشكلها لوحة متناغمة لكنها تنفلت بأيادي خفية شبحية لكي تتشوه و تنساب خارج الإطار ، رافضة الاستواء و الاندماج و التناغم الهارموني الذي يعطيها صفة الحياة و الجمال و الحب و السعادة الكاملة ...

مثل ذلك الطفل الذي كبُر و استوى رجلا ، لكنه عاد لتسوية حسابات عقد صبيانية ، فأرجع الكل إلى مائدة الاحتفال بعيد ميلاد غاب عنه المدعوون ، فانتقم للغياب بالإحضار بقوة تصل إلى قتل الأشخاص و تنزيل جثتهم فوق الكراسي و ممارسته لطقوس الاحتفال : سنتي حلوة سنتي لي ...  happy birthday to me ...

هكذا يمكن أن نعود من هذه الرحلة الدرامتيكية في التصوير للمشاهد ، لنتساءل : هل فعلا الأمور بهذه الدرجة من الخطورة المرضية ؟

أفكار رمادية كثيرة تسبح في سماء الأذهان ، كسديم سرطاني يبحث عن خلايا يسكنها و يستوطنها ... يصطاد من ضحاياه من يصبح سفيرا له بين دروب القلوب و الأنفاس ، حتى يتجذر في الخلايا ...

و حينما يصل التحليل و التشخيص إلى هذه الدرجة من العري ، تجد الكل يصرخ بكاءً صامتا و داخليا ، غير مسموع ، لكنه مدوي و ساحق للأحشاء : ليَ و عندي أوجاع تدمرني و تؤلمني ... سببها الآخر الذي معي ... و الآخر بنفس الوصف يصف و يتهم ... هكذا تتشابك الأيدي وتحدث الزوابع التي لا ندري من بدأها ... نحتاج إلى فك تعاركها لكي نسوي البنان و نهدئ الأنام ، و نصفي المجال ...

يكبر المثقف و يتشكل في أدوار المجتمع ، و تجده يحمل في طياته الغام الانفجار ، و حمولة تصفية الحساب العُقدي الذي ورثه وصية من شبح الغاب الذي غاضه انتظام الناس داخل مدنية حياة و سلامة أنفاس ...و تقف الذئاب منتظرة القاصي من القطيع ، لكي تنهشه و تمزقه ، و لكي تجعل به طعم المرتقَبين في زعزعة المدينة التي آوت من خوف و اشبعت من جوع ، و آنست في حضن من وحشة ...

أُسلّم على هذه اليد ، فتشكو في قبضتها من خصاص اكتمال ... و كذلك الأخرى ... الكل يبحث عن كمال ذاتي بدون وجود الآخر ... بينما الجسد أطراف متكاملة ... كيف يمكن للتشبيهات التي تراكمت في دروس الحياة أن تسعفنا في الإقناع بضرورة الاتزان و التوازن مع متطلبات التكامل الهارموني المتناغم ؟

لقد صنعت الإنسانية لنفسها وصفات دواء تاريخية حتى تعالَج من أمراض ماضية ، و تخرج من أوبئة فتكت بأحشائها ، و شكلت رعبا اسطوريا خربها و دمرها و سحق أنفاسها قبل أرواحها ... هكذا جعلت رؤية تقدمية مستقبلية يتشارك فيها الكل لكي يخرج من عقدة الماضي  و ينتمي للآتي ، حتى يتخلص من خلايا سرطانية تمزقه و تعذبه ...

في مدينتي ، لا زالت الذئاب تتربص بالدواخل ، و تسكن الأرواح كأشباح شيطانية ، و تتحين الفرص للانتقام الجميل و الوديع ، الذي يفتك بالابتسامة و قناع الحمامة ... لم يتذكر الطفل الذي يكبر داخلي ببكائه ، درس الذئب الذي احتل سرير الجدة ... لم يتذكر أن الجدة ما أمرته بانتقام ، و لكنها ذكرته بالزمن الجميل الذي لاقى القلوب و صهر الأنساب ، و عدّد فرص الحياة و نعيم أمة جديدة ... و أنها لولا التنوع ما كانت لتتزوج جده الذي أنجب أباه و الذي شكّل فلتة كبدها التي لن تتخلى عنها حتى بعد موتها ...

يحضرني نيتشه في تحليله العميق لجينيالوجيا الأخلاق ، تنظيمه لتراتبية و طبقية المعايير القيمية و الأخلاقية ... فضحه لخدعة الأحكام و إقراره لنسبية المقدس الذي يسودنا ... و استحضر معه ذلك الغرور و الخداع الذي يتوهمه البعض و يعيش به في البحث عن هوية مقدسة ... بينما الهوية الصحية هي تلك التي تتوافق مع المدينة ، و التي ترضعك من ثديها ، فلا تكن من المارقين لنعيمها و حضنها ... يهرول البعض منا إلى البحث عن هذا العروج و النكوض لهوية مشرعنة بالانتساب الشرفي ، و يتباهى بالبطاقة الممنوحة من سراب التاريخ ... حتى إنه يناقض الدين الذي يجعله داخل معايير الولادة الجديدة مع العقيدة الجديدة ... فيحيي بذلك عصبية  كم حاربها مشروع الدين الجديد الذي انتسب إليه ... هكذا تتشوه الهوية الجميلة التي تريد الحضارة الجديدة أن تشكلها و ترسمها ... يزيد هذا النوع من التموقع الانتهازي و الوصولي الى مراتب الجنة دون الآخرين ، حزازة فيمن جرحه التاريخ و ظلمه ميلان ميزان العدل و ظل السياسة ... تزيد نيران الاشتعال  اتقادا و تحرقا في الدواخل ، فترى تبرقع الخلايا المدمرة و المستعدة للانتقام من هذه الإفرازات على سطح الجلد المشترك في التنفس و الانتماء ...

بزداد التحليل تعقدا بتعقد الظاهرة سوسيو ثقافيا ... و كذلك بتحكم السياسات في الواقع و استغلالها له خدمة لمصالح طبقية و قبلية وإقليمية و تحكمية ... و كل هذا المسار يقود إلى الوعي بأن الخلاص هو الانتماء إلى مشاريع المستقبل و ليس إلى الماضي سواء في التعلق أو في تصفية الحسابات ... و طبعا سيدق اليوم الثامن في الأسبوع ، و ستعلن حالة الطوارئ في الساعة الخامسة و العشرين من اليوم ، ما لم نتدارك هذه الجروح  و اشكال السادية و المازوخية ، التي يحترق بها الكل تلذذا مرَضيا ...

سنحتاج إلى منظومة قيمية و حقيبة حقوقية جديدة تشكل مواطن المستقبل البريء من صراعات الماضي و السليم من أمراضه ... و كذا إلى سفينة جديدة يركبها الكل داخل هذا التصور ، علّنا نتشافى و نعيش في تنفس هواء هوياتي نقي و جديد ... فمن منا سيساهم في بناء هذه السفينة الجديدة ؟ و من منا سيؤمن برسالتها و يمتطيها ؟ أم إننا ننتظر الخوارق في عالم الاجتراح الحارق ؟

 

الهوية المجترحة