Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
التعليم بين التنافسية الثقافية و الطبقية الاجتماعية

التعليم بين التنافسية الثقافية و الطبقية الاجتماعية

التعليم بين التنافسية الثقافية و الطبقية الاجتماعية


التعليم بين التنافسية الثقافية و الطبقية الاجتماعية:

 

في زمن تسارعت فيه وتيرة الأحداث و التحولات الحياتية، بفعل العولمة الجارفة التي أخذت تحصد بآلتها الهمجية النبات و القيم و الهواء، نجد حقل التعليم الذي يعيش وضعا مأساويا هو نتيجة لعوامل متفاعلة و متداخلة أدت به إلى هذا الوضع الكارثي.

يمكننا البدء بالجرد التاريخي الذي راكم أحداثا و أزمات سياسية و اقتصادية كان لها تأثيرها على هذا الحقل التربوي و العلمي و الفكري. كما يمكننا البدء مع عقد الستينيات و محطات الإضرابات العامة التي عكسن التوجهات و الرؤى المتناقضة في تصور وظيفة التعليم وسيرورة قاطرته. محطات انتقلت من التعليم الثانوي لكي تتضخّم و تنضج خلال السبعينيات داخل فضاء الجامعات و الكليات و المعاهد، و تبلور فكرا سياسيا مترابطا ومنسجما مع تصوراته لبدائل حياتية للمجتمع المغربي. و هنا نتحدث عن الامتداد الجماهيري المتسع الدائرة، بحيث إن الوعي السياسي وُجد عبر كل هذه المراحل عند نخبة امتلكت ثقافة و تكوينا مناسبا لاتخاذ مواقف و اختيار توجهات فلسفية و إيديولوجية..

و تأتي بداية الثمانينيات التي عرفت دخول ما يسمى بإصلاح التعليم تحت وصاية و توجيه صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و المؤسسات الخادمة لهما و كذا الدول الراعية لهذا الكل المؤثث إمبرياليا.

برنامج إصلاح إذا ما لم يكن هناك منه بدّ كإصلاح، فإنه كان مرفوضا باعتبار توجهاته وتوصياته اللاديمقراطية و اللاوطنية. خصوصا و أن الدولة اتخذت عيشة البذخ والتصرف في المال العام على حساب تقشف مجتمعي ينزل يبابا على الطبقات الاجتماعية الدنيا و على صناديق تدبير مصالحها.

فبعد أن اكتفت الدولة بتمويل القطاع لإنتاج الأطر و المستخدمين و الموظفين الذين هي في حاجة إليهم، ها هي تلوي الذراع لهذا المتنامي وعيا و حجما، هذا الذي يشكل خطرا على مشروعيتها و استمراريتها و استقرارها.

أصبح التعليم قطاعا غير منتج في نظرها لكونه رافعة سقف المطالب المادية للشعب المغربي، و قبلها المطالب الدستورية و الحقوقية و القانونية، كذا سقف الوعي والديمقراطية و فرص الاستفادة من تدبير الحياة المغربية هرميا و اختراقا لكل مؤسساتها.

إن هذا الوضع الذي حرّك الحقل السياسي و النقابي و الحقوقي، و استطاع أن يجعل الصراع ناجحا في شلّ كلّ فعل سياسي متجذر، و كل تحرك نقابي مقترح و مفاوض ومقرّب من عدالة استفادة و خدمات، سينتج عنه كوضع اليوم واقع يشهد بضعف التمثيلية السياسية للأحزاب في قطاع التعليم، و بتهميش للأصوات الثقافية و الفكرية الجادّة في معارضتها للدولة في رؤية و تصور تدبير الشأن العام، و ضعف القوة الاقتراحية بعد أن جزّأت الدولة و فتّتت و هدّت و اجتثّت أجنحة الأحزاب النقابية التي تحلق بها في سماء التفاوض و الاطلاع و الاقتراح..

فماذا سيمثله وضع التعليم اليوم بعد هذا السرد التاريخي المنتقل من القوة إلى الضعف، سواء في السيادة أو في الإنتاج و عمومية الاستفادة؟

نناقش اليوم حاجة التعليم للإصلاح، و نتداول مقارنة نوستالجية بين جيل الماضي و جيل الحاضر، و نريد أن نركّز على المقررات و على التحصيل، لكننا ننسى أن السياسات هي الكل في الكل، سواء في النجاح المتنامي أو في الإخفاق المتداعي.

يأتينا الحنين إلى كتاب بوكماخ كجيل. و نستحضر تعلمنا للغة العربية من خلاله و قدرتنا على التعبير و الكتابة في مرحلة مبكّرة من أعمارنا، نحن الذين درسنا داخل فضاءات صفحاته. كما نريد أن ننقل الرسالة إلى هذا الجيل بأن نبين بأن هذه المقررات القديمة قادرة على تعليمهم في اللحظة الحالية. و ربما اشترينا هذه الكتب موازاة مع مقررات الحاضر لكي ننقذ الجيل الحالي من التعثر اللغوي و التعبيري.

و طبعا داخل هذا الحنين و التفكير المقارناتي ننسى بان العملية في معالجتها أعقد من مجرد كتاب. فالمرحلة الحالية هي عصر معلوميات جارفة و عوامل تواصل و إعلام كاسحة، أول ضحاياها قبل أن يكون مستفيدين منها هم الشباب.

لذلك، سنتناول منهجيا و أوليا عنصرين في التحليل، يبدو أنهما بالأهمية كمدخلين لمعالجة حقل كبير و حجم خطير من التفاعلات و التوترات التي تعكس بركان الحركة الاجتماعية المجتمعية.

ـ التنافسية الثقافية:

نعني بهذه التنافسية الثقافية وجود مشاريع ثقافية متنوعة تتنافس النفوذ و السيادة والاستقطاب و التأثير داخل الحقل المجتمعي المغربي و ليس داخل الحقل التعليمي فقط.

و هنا سنتحدث بصريح العبارة عن مشاريع تمثل اللغات الحية و المتحركة داخل مجتمعنا، الفرنسية و الانجليزية و الإسبانية و الألمانية و غيرها... و ربما الحديث عن كل لغة وثقافتها هو حديث عن امتداد تاريخي و أهداف استراتيجية تتوخاها مؤسساتها في التحقيق بين التفاعل الحضاري الصحي و بين تمرير السياسات و تحقيقها على المستويين المتوسط و الطويل المدى.

ربما إذا كان تناولنا ضبطا سياسيا، كنا سنقول إننا نحتاج إلى تقارير حول سياسة كل لغة داخل بلدنا و حول برامجها و سيرورتها و صيرورتها كذلك. لكننا سنقتصر على تناول الملاحظات التي ترتبط بموضوع التعليم و تأثيرها على التعليم العمومي و على لغة التداول الرسمية و المعتمدة فيه دستوريا من عربية و أمازيغية بالأساس.

في ملاحظة النفوذ الميداني و اليومي، نجد أن اللغة العربية تأكل نفسها و تهدر طاقتها في استنزاف مستمر داخل التخاطب الدارجي و الهجين الذي يزحف عليها بألفاظ و عبارات لا نسقية داخل بنيات تخاطبها. لغة تحاصر في النفوذ و العيش بالإقصاء من الاستعمال الرسمي في المعاهد الكبرى و الكليات المتخصصة و الإدارات العصرية. و إن كان هذا حكما نسبيا و ليس مطلقا، لكنه يعكس واقع تهميش و هيمنة ممتدة مع تبعية اقتصادية وسياسية و ثقافية مفروضة بحكم الغلبة منذ مرحلة الاستعمار المباشر إلى يومنا هذا، مع هذا الاستعمار المعولَم.

لقد ارتبطت السياسة اللغوية بتطلعات الرُّقي التعليمي و الوظيفي و التمثيلي في قطاعات مهمة. كما ارتبطت بالعلاقات الديبلوماسية و التجارية و الثقافية بين المغرب و الدول الغربية على الخصوص. و داخل واقع حاجة الغرب الدائمة لأدمغة جديدة، يعرف قيمة استثمارها بمجرد نضجها فيقطفها للاستفادة المؤسساتية و البرمجية داخل فضاء حياته الغربية في مختلف المجالات، نجد ذلك الاستنزاف المستمر و المغري في آن للأطر المغربية و لخيرة عقولها. و طبعا سيكون الرهان ماديا و مصلحيا نفعيا، كما سكون واقعيا و موضوعيا، مرتبطا بالآفاق المتاحة سواء على مستوى الرقي الفردي و الاجتماعي أو على مستوى طموح التطور في حقل البحث و المعرفة و العلم.

لذلك كانت نقاط القوة تميل للغات الأجنبية على حساب اللغة العربية التي تم تحجيم دورها في وظيفة المقدس أكثر، مع عيش يحتضر داخل حقول الإبداع و التعبير، يعرف التهميش واللامبالاة.

إن هذه التنافسية الثقافية جعلت الأسر المغربية مضطرة في الغالب لأنْ تعمل على نقل أولادها إلى مؤسسات التعليم باللغات الأجنبية، و عيا منها بأن الآفاق المهنية و التعليمية العليا مرهونة بهذا الاختيار اللغوي. و هي هنا تختار الارتماء داخل ثقافة أخرى، لكنها تحتاج أكثر إلى قدرة على تمويل مثل هذه المشاريع الأسرية و الفردية. و هنا سنتكلم عن الإمكانيات المادية لهذه الأسر، وعن الذين بمقدورهم الاستفادة من مثل هذه المؤسسات الراقية في التعليمِ مقرراتٍ و تنظيما و أفقا متطلعا بالجودة و الاستثمار.

هنا سنتحدث عن تنظيم طبقي و فئوي يقصي أغلبية كبيرة تترجمها أعداد التلامذة الذين تختنق بهم المدرسة المغربية في جميع مستوياتها، ما ينقلنا للحديث عن الطبقية الاجتماعية داخل التعليم المغربي التزاما بالعنوان المنطلق في هذه الكتابة و هذا المقال.

ـ الطبقية الاجتماعية:

كانت المسألة صعبة على الباحثين منذ عقود في تحديد مواصفات الطبقية و تجليها داخل المجتمع المغربي. و ما دام البحث صعبا و شاقا في تحديده، فإننا سنرقب طفوّه و تمظهره لكي نربطه بموضوع اللغة و التعليم.

فمما يبدو كملاحظة بسيطة و أولية، أن الاستفادة من تعليم خصوصي ترتبط بالقدرة على تمويله. وهنا حينما نسأل الأرقام و نجد عدد المغاربة الذي يعيشون تحت عتبة الفقر، والعدد الآخر الذي يعيش لسد لقمة العيش اليومية، و التعلق براتب شهري لا يواكب تطور الأسعار و تكاليف الحياة الأسرية في عصر استهلاك معولم الأسعار و المتطلبات، نجد أن النسبة المائوية من المغاربة القادرة على مواكبة هذا التعلم المخوصص في جودته، ضعيفة جدا. فيكفي أن ننظر إلى واجب تلميذ في ثانوية تأهليلة تؤهل للنجاح بمواصفات خاصة و بعناية مركزة، لكي نعطي الأحكام الأولية. ف 1300 درهم مثلا و على الأقل، ستشكل إلى جانب حاجيات التمدرس و استهلاكه الأخرى و التي تصل إلى 3000 و 5000 درهم شهريا للتلميذ الواحد، لن تكون في متناول الأسرة المغربية العادية.

و عدد التلامذة في مدرسة عمومية حينما يصل إلى سبعين و إلى خمسين في القسم الواحد، مقارنة مع ثلاثين تلميذا في التعليم الخصوصي على أبعد تقدير عددي، يبين من يمتلك القدرات المادية دون غيره في الاستفادة من هذه التنافسية الشرسة التي أُدخِل في جحيمها المواطن المغربي. حتى إن ملاحظات مؤسسات الأرصاد الدولية و ليست الجوية، عقّبت ونبّهت على خطورة إهمال المدرسة العمومية و ضياع أولاد الشعب الذين يتكلون عليها من أجل الاستفادة و التعليم و التربية.

إننا نقول أن هذه الطبقية الاجتماعية في الاستفادة من تعلم و جودة تكوين تشق الهوة بين فئات المجتمع المغربي، كما تترجم عدم تكافؤ الفرص بين أفراده. طبقية جديدة و ممنهجة في الريع و الاستفادة ترسم مستقبلا حالكا للعلاقات الاجتماعية و ما ستفرزه كتوترات وتناقضات و صراعات و أزمات. و لعلها منطلق الانفجارات و الحركات الاحتجاجية اليوم و غدا أكثر و أخطر.

و لعل الحلول تبدأ مما تخلى عنه بعضنا منذ البداية ـ مادمنا كلا داخل هذا المجتمع ـ ديمقراطية التعايش في الحقوق و الالتزامات، في توزيع الثروة و المال العام، في الاستفادة من خيرات عمومية بدل شتيت الانتباه عنها بسياسة خادعة تتحدث بالخوصصة و مسايرة الركب الاقتصادي العالمي المتحرر و اللبرالي المتقدم.

لعل الحلول تبدأ من احترام كرامة اللغة المغربية ـ العربية و الأمازيغية ـ بحكم أنهما مكونان أساسيان بهما أعمدة الوجدان المغربي تقوم و بهما يبني حلمه التاريخي في بناء حضارة و مدنية متميزة.

لعل الحلول تبدأ مع إرجاع الكرامة و الاهتمام للمدرسة العمومية المغربية. و هي كرامة تجعلها تغطي جميع مجالات العيش الإنساني المغربي، و تتوفر على التجهيزات و البنية التحتية و الأطر الكافية من أجل تربية المواطن و تهيئته للحياة المجتمعية و الفردية المناسبة للعصر.

لعل الحلول تبدأ مع إعادة المعادلة إلى ما ينصف الشعب المغربي، و ذلك بإرجاع الدولة المغربية إلى دولة خادمة بشرف للوطن و المواطن، إرجاعها من حياة بذخ على حساب كدح شعب، إلى حياة شرف في خدمة المواطن. و هنا يبدأ تاريخ عدالة اجتماعية جديدة.

لعل الحلول تبدأ مع سياسة ثقافية جديدة تنبني على تعليم صلب و قوي فتؤسس لمشاريع ثقافية بميزانيات مشرفة تؤطر و تحرر و تحلق في سماء الإبداع بالطفل كما بالشاب كما الرجل و المرأة إلى درجات الابتكار و السعادة الراقصة بالثقافة و الفن و الرياضة والحرية.

فالديمقراطية ليست مناسبات رسمية في الاشتغال و النشاط الثقافي و غيره. الديمقراطية برامج مستمرة لتقعيد عمل ثقافي يغطي باستفادته كل المواطنين، منهم و إليهم.

تلك حكايات البدايات التي تتنظر قاطرة انطلاقها. حتى ذلك الحين، سنة سعيدة بميزانيات جديدة.

في رجوع إلى أجيال اليوم و الغد، يمكننا أن نرافع دفاعا عنهم، حتى لا نكرس لا ديمقراطيتنا في إسقاط الأحكام عليهم. حتى نسمع لهم و لطموحاتهم و قضاياهم و أولوياتهم. حتى نكون موضوعيين في الفهم و في الحكم و التناول و المعالجة.

شباب يعيش ظروفا جديدة و إكراهات معرقلة. فالتنافسية الثقافية التي تحدثنا عنها تجتذبه وتحول دون استقرارهم على قرار أو على تكوين. و يمكننا القول بأن ضعف اللغة منطلقُه تعدد لغات تتقاذفه في الاستعمال منذ طفولته. تراكمَ تزاحمُها على ذهنه فلا تترك له الفرصة للتعمق في واحدة يتمثل بها العالم و الوجود و الحياة كما العلم و المعرفة و اللغة المناسبة للتمكن و التحكم. فإذا نظرنا إلى دول أخرى متطورة تعليميا سنجد أن أطفالها مستقرين على توازن لغوي منسجم مع مراحل تطورهم و إدراكهم. غير منشورين في سوق المزايدة الإغرائية التي تجعلهم بدون إتقان. سنسمع عرنسية أو إنجليزية هجنة مختلطة بالغموض. ربما يهرب هذا الشباب و يفر إلى لغة الشارع التي تختلط فيها جميع التراكيب اللانسقية و اللاتعلمية أكاديميا و بنائيا معرفيا و علميا. خليط تترجمه لغة الهيب الهوب و ما جاورها مثلا...

كيف سنحاكم هذا الجيل و نحن سبب هذا التشرذم اللغوي و الثقافي. أنتجناه و أسقطنا ضحاياه متهمين؟

و إذا انتقلنا إلى ديمقراطية الاستفادة الشبابية من الميزانيات و السياسات العمومية في قطاع التعليم كما الثقافة و الرياضة و غيرهما، وجب علينا الاعتراف بالجريمة التاريخية التي سندخل فيها الأجيال الصاعدة عن طريق تفريغ و إفراغ التعليم و برامجه من كل ما يضمن لهم كرامة التكوين و ضمانة المستقبل و كفاءة التأهيل و عدالة الاستفادة من فرص الترقي المعرفي و التعليمي، داخل ما نسميه بتكافؤ الفرص بين أفراد الشعب الواحد ما داموا مواطنين و متساوين أمام القانون.

و إلا، ما فائدة هذا الضحك على الذقون، و هذا التمشدق بالشعارات الفارغة إلا من استنزاف للثقة و للمال العام و لفرص التاريخ المهدورة؟

لكم الكلمة....