Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
الإنسان كقيمة ثقافية : نحو كائن إنساني متساوٍ 2

الإنسان كقيمة ثقافية : نحو كائن إنساني متساوٍ 2

الإنسان كقيمة ثقافية : نحو كائن إنساني متساوٍ 2

إن تتبع الموضوع هو تتبع للظاهرة الإنسانية و مدى تطورها و تعقدها. و لعلنا سنميز بين الحقول الحضارية التي أفرزها التاريخ البشري و سنرصد الأمثلة من داخل هذه الحقول. سننطلق من وسطين مباشرين هما وسط المجتمع المغربي، و وسط المجتمعات الغربية في خصائصها المشتركة.

بالنسبة للمجتمع المغربي، نجد صراعات قبْلية تسبق موضوع المساواة فتجعله مؤجلا في الحل كما في التحقيق. يهضم السمع المبدأ في تلقي الخطاب الديني و الأخلاقي و السياسي الجديد مع الدستور و تنزيلاته، لكنه يطمر ثقافة ماضوية مرتبطة بواقعه الموضوعي الذي لم يطوّره بعد.

في المغرب هناك تجلٍّ لهويات مجترحة، تركت آثار جروحها و اندمالها بآلامها في نفسية و ذاكرة المغربي. و طبعا، ففي مرآة المساواة نتحدث عن العدل و العدالة و التكافؤ و المعاملة بالمثل و الاستفادة بالاستحقاق و عدم الإقصاء أو الحيف. و لذلك حينما سنسأل دواخل جل المغاربة، سنجد صراخا متفجرا يستنكر ذاك الإقصاء و التهميش.

عوامل كثيرة هي لعبت دورها. و ربما المسؤولية تعود على الأجيال القديمة. لكنها ستبقى مسؤولية الأجيال الحاضرة و الآتية، ما دامت تحمل ثقافات و قناعات و عقليات و سياسة عيش و تحقيق للمصالح بطريقة القدماء.

في المغرب، و ما رأت العين، ما يزال هناك التمييز بين الجماعات البشرية على أساس التشريف بالانتماء لشجرة مقدسة تعود جذورها إلى نبي الإسلام. و يرتبط بهذا التشريف حيف اقتصادي و سياسي و حقوقي، يتجلى في أشكال ريع في توزيع لثروات كما الغنائم، و في تسهيل الاستفادة من الخدمات و جعل الأولويات في شتى أمور. يرتبط بهذا التمييز و هذا الريع تنظيم هرمي للمجتمع المغربي، و يتم توظيفه إيدولوجيا و سياسيا و تربويا في نظام حكم محكم يضمن استمرار الحال بطريقته القروسطية.

و بما انها إشارات فقط، فإن الحديث عن مبدأ المساواة يبقى بعيدا عن التحقق الموضوعي العادل. و لذلك حينما نقول الهويات المجترحة، فإننا نتحدث عن هذا الإدراك الذي يهتز كألم مرض عضال يعمّر في الجسد المغربي و ما ينفك ينتفخ و ما يكاد يُحلب لكي يعطي الامتياز و التفوق لمن يستفيدون منه بدعوى الشرف و القداسة.

و كم من وعي زائف ينتج عما ذُكر، فنجد معه الأفراد يهرولون إلى شراء بطاقات النسب الشريف الذي يجعلهم من آل النبي و أسباطه، فتكون تلك البطاقة تأشيرة مرور لقضاء المصالح. و بالمقابل، تكون خندقا محفورا لسحق طبقات كبيرة من داخل مجتمع يعاني الفقر و التهميش و الإقصاء.

قد يحمد الله على عدم علانية خطاب تمييز مباشر، لكن هذا الفرد يشعر بمرارة سحقه لأحشاء مجتمعه. و قد يقف مقتنعا، لكنه مستغربا من مفارقة الاعتقاد الديني مع التوظيف السياسي و الاجتماعي المرتبط بثقافة قروسطية مستمرة، حينما يقرأ قولة الخليفة عمر بن الخطاب : ( متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ). و حينما يقرأ حديثا نبويا ينهى عن التمييز على أساس عصبي أو قبلي أو جنسي أو لوني.

في المغرب، و ربما تأثرا بماضي و حاضر و عدم استعداد لتجاوز مرحلة، ما يزال التمييز باللون حاضرا و مضمرا في مفارقات اعتباره في التعامل و في الاستفادة  من تكافؤ الفرص. و ما دمنا كمجتمع لم نصل إلى درجات الشفافية السياسية و الثقافية و النفسية، فإننا نحتاج إلى صراحة أكبر في التعامل مع هذا الموضوع. و كما قلنا قبل قليل أنه بضدها تعرف الأشياء، فإن حديثنا الآتي عن المجتمعات الغربية يعطينا ما يمكن أن نقارن به في التعامل مع هذا الموضوع الظاهرة الطابو داخل مجتمعنا المغربي على الأقل، في انتظار الحديث عن المجتمعات الأخرى.

نأتي للمفارقة الموضوعية الأساس التي تختبىء في سديم الجهل عنها مجتمعاتنا، و هي سياسة الاقتصاد و المساواة في الاستفادة من خيرات البلاد و توزيعها، و نظام العمل و المكافأة على الجهد، و التباينات المادية و المالية بين الموظفين و المستأجرين و المدراء و الوزراء و أرباب العمل و هلم ذكرا...