Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
شرفة الريح 4

شرفة الريح 4

((أطل من شرفة  الحب

أبحث عن اقمار تنير مدار قلبي

اكونني الأرض والسماء

ألون الفضاء زهرا ربيعيا

في كل نجمة ابتسامة وردية

لمعان مقلتين

في كل قمر بسم وضاء

ورسائل  حمام خافقة))ـ

ح.إ

أجلس على شرفة الزمن، و أعانق سحر المكان. تتمازج الأصوات و العطور و الذكريات في طبق كوني يسبح بخيالي إلى ابتسامة الآفاق.ـ

ـ ها أنا جالسة و مطلة من شرفة الفندق و من طابقه الخامس. أطل على مدينة ساهرة معي باضوائها و سمفونية حياتها. تبدو لي باب الريح على الجهة اليمنى من جلستي. القوس اتخذ فتحة نورانية بالضواء المخترقة له و بأشكال الحركة التي تخيط بها الأجسام مدرجه. أتساءل عن كم من عملية دخول و خروج استغرقتني فتحته. لا تسعفني الذكرى إلا بالقليل من محطاتها. و أسافر في الخيال، حيث يناديني صوت فاطمة، صديقتي في الطفولة. أطل عليها من عتمة الماضي  لكي أجيب نداءها : لقد تأخرنا عن موعد الدراسة... حينها لم أنتبه إلى أن الساعة تجاوزت الثانية بعد الزوال، و تلزمنا خمس دقائق من أجل الوصول إلى الإعدادية.ـ

شرد ذهني مع الفضاء الممتد لتازة السفلى، و تركز بصري على منطقة الباطوار. جنان ممتدة توجد بوسطها بناية إسمنتية. أما باقي البنايات المحيطة فقد تم هدمها. منطقة الأملاك العمومية التي استرجعتها الإدارة المختصة أو الدولة كما ننعتها. كان بها منزلُ صبايَ و طفولتي. أي ذاكرة الآن ستطفو على سطح العقل ؟ أذلك اليوم الذي نلنا فيها توبيخا من طرف الحارس العام بسبب تأخرنا  و هيامنا مع أحلام تازة السفلى من شؤفة باب الريح أم ذلك اليوم من طفولة منسية اضطررت فيه لمغادرة بيت مملكتي كطفلة؟

كانت أمي توضب للرحيل. ساعدها الأب و أخي الأكبر في ما ثقل، و تكلفت هي بترتيب و جمع الحقائب و الأمتعة المتنوعة الخاصة بالمطبخ و الأثاث... حينما همّت الشاحنة بمغادرة منطقة ( الباطوار)، بدأت في بكاء أجهل مصدر قوته في آنه.ـ

ـ ما لك بنيتي؟ سألتني الأم و هي تتقاسم حزني مع أساها الذي تبدِه في حينه , جرح مفارقة مكان ولادتنا انا و أخي الأكبر.ـ

ـ دميتي... مينوشي...ـ

ـ مالها دميتك؟

ـ أين هي؟ أريد أن آخذها معي.ـ

حينها، لم يجدوا لدميتي ـ مينوشي أثرا. كأنها تحولت إلى كائن حي و اختبأت لا تريد مفارقة و لا مغادرة. كأنني التصقت بالمكان فلم أرده أن يمّحِيَ و لا أن يبتعد عني. فهل أستطيع أخذ المكان معي؟

إلى يومنا هذا، و في كل مناسبة عبر مراحل عمري، يتمظهر مينوش ، الدمية، بلونه الأبيض. و كم من حلْمٍ فتحت الدمية فيها عينيها العسليتين في مواء يلوم على الفراق؟ لم تشفع له كل الدميات المشتراة من بعده في تعويض حنينه. كان يرافع عن حبه في كل محطة حنين و شجن. أغريه بالقبل القلبية و بإطلالة عليه حانية و لطيفة من شرفة قلبي، كلما سنحت الظروف لزيارته في وجداني. لكنه دائم الحضور في شكواه. و كأن هذه اللحظة من على شرفة الفندق مستوحاة من طلبياته هو قبل طلبيات الشوق و الأنام و المدينة السابحة في كياني. كيف ستسبح مدينة في دواخل الإنسان؟ في يوم ما ، سألوني هل أنا تازوية؟

ﺳﺄﻟﻮﻧﻲ ﻫﻞ ﺍﻧﺖ ﺗﺎﺯﻳﺔ ..... ﻗﻠﺖ ﻧﻌﻢ ﻭ ﻟﻸﺑﺪ ..!ـ))
ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺗﺎﺯﻳﺔ ﺗﻌﺸﻘﻴﻦ - ﺍﺣﺮﺍﺵ -؟

ﻗﻠﺖ : ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻﺣﺴﺪ ...!ـ

ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺍﻟﺸﺒﻞ ﺍﻟﺘﺎﺯﻱ ﺻﺎﻣﺪ؟

 ﻗﻠﺖ: ﻟﻴس ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺃﺷﺒﺎﻝ . ﺃﺻﻐﺮﻧﺎ ﺃﺳﺪ ..ﻭ ﺃﻛﺒﺮﻧﺎ ﻳﻬﺰّ ﺍﻟﺒﻠد
ﻟـﻮﻻ ﺧـﻮﻓـﻲ ﻣـﻦ ﺍﻟـﺮﺣـﻤـﻦ ﻭﺧـﻮﻓـﻲ ﻣـﻦ
ﺍﻟـﻨـﻴـﺮﺍﻥ ﻟـﺠـﻌـﻠـﺖ ﺣـﺐ ﺗﺎﺯﺓ ﺳـﺎﺑﻊ ﺃﺭﻛـﺎﻥ ﺍﻻﻳـﻤﺎﻥ
ﺍﻗـــﻮﻟـﻬـﺎ ﺑـﻜـﻞ
ﺍﻗـﺘـﻨـﺎﻉ ..ﻋـﺮضا .. ﻭﻃـﻮﻻ ..ﻭﺍﺭتفـﺎعا ... ﻫـﺬﺍ
ﺻﻮﺗﻲ ﺣﺘﻰ ﻣﻮﺗﻲ .. ﺗﺎﺯﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﺨﺎﻉ

حتى الأبد))ـ

ف.س

 

ماذا تبقى لي كمرافعة أكثر من هذه الزيارة؟

قالوا : الزيارة.ـ

ها أنذا، في رخصة شخصية  زيارة خاصة. ثمانية و أربعون ساعة مقتطعة من مهمتي كمبعوثة ديبوماسية كَنَدية لبلاد المغرب.ـ و هل مثّلتِ مدينتك كمبعوثة للديار الكَنَدية؟

سؤالٌ كان حملا ثقيلا على معنوياتي. كلما حاول النسيان ابتلاع الذاكرة و محو معالم المدينة و عمرانها و هندستها و تضاريسها و أصواتها و روائحها، كلما همّت المدينة بصوت ليس كباقي الأصوات، يناجي و يئن و يبعث الظمأ في دواخلي لمنابع ماء و عيون و و تغذية حواس و سماء حالمة بشمس دافئة بتازة، بينما مونتريال غارقة في برودة مجال قطبي عاصف عليها من الشمال.ـ

يخترق صوت التلفاز بغرفة الفندق مسامعي، و يختلط مع حيوية المدينة الصاعدة عبيرا و نسيما إلى شرفتي. اجدني في حنين إلى تلك الساعات التي كنا نجلس أمام التلفاز منتظرين بداية البث. أتاملها كشاشة بيضاء منقطة بالسواد و ب (تشتشة) أو التشاش كما نسميه في حينه. اتخيل كائنات و صورا . كنت فيها المخرج للمشاهد و الأحداث. و كان فيها خيالي بطل الحكايات. ماضٍ جميل استنشقه آهات متعطشة الآن. لكن الساعة دنت إلى إسدال الستار، إلى ولوج الفراش، في أول ليلة من هذه الزيارة الخاصة لشخصية ديبلوماسية كندية  لمدينة تازة : لا. انا تازوية حتى النخاع!ـ

هكذا أُعلن التحدي قبل السفر إلى غد جديد و صباح مشتاق إلى تازة العشاق.ـ

 

شرفة الريح 4