Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu

من شرفة القرن الواحد و العشرين: العري المقدس5

ا

العري المقدس بحث عن صفاء جديد ... خارج لبوس الثقافة و تشكيل التاريخ ... توقف عن تحمل ثقل الحياة و ضغط النفس و قلق الوجود ... عبارة ( كما خلقته ـ ا ـ أمه ـ ا ـ)، تدل على رجوع و نكوص و تعرية حقيقة و صفاء رؤية و طهارة ...

قي طقوس العبادات المقدسة ، نجد العري حاضرا ، مسجلا اهميته في كل طلب و دعاء ... في مرحل ما قبل الإسلام ، وصلت طقوس الطواف حول الكعبة إلى درجة العري و التجرد من الثياب ... و قبل أن نعطي حكم القيمة الاخلاقي و الديني السماوي على هذا السلوك ، نحاول تسجيل مجموعة من الملاحظات ، ربما عبر تساؤلات تساعد على الغوص في عالم مجهول و غريب ...

في عصرنا الحالي ، حضور العري في مجموعة مراسيم تطهرية وترتيبية لمعانقة الرجاء في ممارسات طلب العطاء أو دفع داء و وباء ... طقس جماعي نجده في احتفالية الاغتسال داخل الفضاء المبني أو المجاور لمقام ( لالاعيشة البحرية )  بأزمور بإقليم الجديدة .. و كذلك مقام سيدي علي بن حمدوش و قرينته في زيارة الطلب و الطهارة بالمسبة للنساء ( لالا عيشة )  بجبل زرهون بإقليم مكناس .. تلك التي تنسب إلى السودان و عالم الجن الغريب ... طقوس رمزية ترتبط بالاغتسال و الطهارة .. بتخليص الجسد من شوائب ، عُقد ، نقص ، خصاص و حرمان ، مرض ... و يبدو أن الجسد في عريه ينوب عن النفس و عوالمها الداخلية المركبة ... و عن عالم العقل الذي لم يتوازن في ربطه لخيوط الواقع مع نسيج الذات ...

ففي مقام سيدي علي و لالاعيشة بجبل زرهون ، نجد الاستحمام ب(عين كبير) ، و طبعا ، تحاصر ظاهرة الاستحمام بالتعري حفاظا للتوازن بين رقابة اعتقادية التوحيد وممارساته التعبدية الرسمية ، داخل بناية تلجها النساء ، و بعد الانتهاء تتخلصن من التبان ، و تقمن بتعليقه على اغصان شجرة خروب متشعبة هناك ..

رمزية التعري هاته حاضرة  ولو بشكل مقنع في مجموعة من الأضرحة ، حيث يتم التخلص مما له علاقة بالجسد نيابة عن التخلص مما هو عالق بهذا الجسد و مثقل كاهله و محدث ضجره ... ففي (لالاشافية) بمولاي يعقوب ، يتم التخلص من حزام الحذاء ... و في مقامات أخرى ، من غطاء الراس , نيابة  عن تاج الستر الذي يسلم للضريح المقصود في الزيارة ، حتى يخلص من هم و غم ، من كدر و ضجر ، من نحس و بأس ... ربما الراس سيرتبط بالجانب النفسي و العقلي و الحياتي ـ ما دامت الحياة تدبر بالحواس في تفاعل مع العقل ـ ...ربما التبان ، سيرتبط بمشاكل العقم و الولادة و الاخصاب ... و كذلك مشاكل الزواج و الطلاق و العلاقات الجنسية و شيخوخة الجسد الخادع في كل عملية ...

و ما دامت الطهارة و العري مرتبطان في هذا المقام ، فإن كل طقس زيارة لضريح أو ولي تجد معه عمليات الاستحمام و التهيؤ للآتي في زيارة كل مقام ...

و هنا تاتي الاشارة الى تشابه طقس التعري بين ما قبل الاسلام و ما بعده ، داخل مجتمعاتنا العربية الاسلامية ، و كيف حافظ على رمزيته و وظيفته في المرحلة الاسلامية و خلالها ... فعملية التخلص من المخيط و الخيط ، و كذا عملية تعرية جهة من الكتف .. ربما هي حفاظ على طقس اريد له أن يقف صاحبه كما ( يوم ولدته أمه ) ... لماذا ؟ ما دلالة ذلك ؟ ما وظيفته الرمزية في نجاح التبرك و التضرع و التقرب من الخالق سبحانه ؟ تلك اسئلة تحتاج الإذن من العقل لكي تبحر في بحر احتمالات التفكير و التخمين و الافتراض ، تقربا من الحقيقة و ليس وصولا إليها ...

لن تكون الظاهرة إسلامية محضة ، كما لن تكون مجتمعية مغربية محضة ، ستكون طقسا تمارسه الإنسانية ، بأشكال و ألوان و رمزيات متعددة و متنوعة ... قد يكون المناخ الاستوائي خير شريط للاستدلال على كونية الظاهرة ، على عمومية انتشارها بين القارات ... إنما تنكمش الظاهرة في التمظهر كلما اقتربنا من القطبين المتجمدين ... ربما تنوب عنهما رمزيات في التحقق ... إنما كل هذه الافتراضات تحتاج إلى مزيد تدقيق و معاينة واقعية و موضوعية .. و طبعا ستكون النتائج نسبية ... و تلك مرايا الحياة ...