Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu

حوار مع الكاتب المصري أحمد الطايل حول الكتابة والفكر والإبداع

دوما انا عاشق للتعارف بكتاب وكاتبات مصر والعرب، لأنى مؤمن تماما أن الثقافة هي التى لها قدرة على إيجاد وحدة ثقافية، ونحن كعرب تجمعنا الكثير من السمات المشتركة، أبرزها اللغة، العادات والتقاليد، التاريخ، ولكن للأسف مع العقود الزمنية الأخيرة فرطنا وتنازلنا عن الكثير من ذاتيتنا الثقافية وسمحنا لأعاصير الغرب أن تخترقنا وتنجرف بنا إلى  أمور لا تمت لنا بصلة، وهذا يفقدنا الهوية الثقافية التى أراها انا من وجهه نظرى هى أمن قومى فكرى، الهوية المؤكد أنها السياج الأمن الذى يحميها من الهجمات البربرية التى تهب علينا من كل صوب وحدب تحمل مسميات يسيل لها اللعاب دون أن نعي أنها تضع السم بوفرة فى العسل، وهنا أجري حوارا مع الصديق المبدع المغربى (حسن إمامى):

==========

رؤى حوارية

    


حسن إمامي ـ المغرب                                                                      ـ     حوار أحمد طايل ـ مصر

 

.* إذا أردتا تصفح أوراقك الحياتية إنسانيا ومهنيا وإبداعيا، بماذا ستخبرنا؟

 حسن إمامي، كاتب من بلاد المغرب. من مواليد سنة 1963 بمدينة مولاي إدريس زرهون، مهد الدولة المغربية حيث تأسست الدولة الإدريسية المغربية سنة 172ه.

* النشأة الأسرية والمجتمعية دوما هى اللبنات الأولى بتشكيل الانسان، ما تأثير هذه عليك؟

قد يتحدث البعض عن النشأة فيكون المشترك في التأثير الذي حدث خلال الطفولة ومراحل اتعلم، وفي التفاعل الأسري والعلاقاتي الاجتماعي والثقافي عموما. ولعلني ذات في علاقة مع وسط وبيئة ومحيط. تنامى طبعا عندها هذا التأثير وتشكل في بناء الشخصية والتوجيه في مسارات الحياة. هكذا يمكنني الحديث عن والدي رحمه الله الذي كان من أسرة التعليم ومن خريجي جامعة القرويين بشهادة العالِمية سنة 1948. فقد كان شخصية كاريزمية روحيا وأخلاقيا وتربويا وتعلميا عند ساكنة مدينة مولاي إدريس زرهون. توطدت العلقة معه في أسلوب تربيته وعطفه ووداعته. كنت الطفل المطالب بحقه في الانفلات للعب، وكنت الشاب الباحث عن حرية أكبر، وكان هو الوالد الحليم في التوجيه والرفيق في الاختيار واحترام شخصية ابنه. قد أشاوره في قرارات فيجتهد معي ويترك لي حق الخيار بين بين. علّمني ذلك تحمل المسؤولية والمضي في إنجاز المهام. ولن أسنى الجيل الذي ترعرعت معه وأسرة التربية والتعليم التي تتلمذت على أيديها، والمناخ العام التربوي والجمعوي والثقافي والإعلامي الذي تفاعلت معه ذاتي خلال نهاية ستينيات القرن العشرين وسبعينياته وما تلاها من سنوات إلى يومنا هذا.

الجميل في هذا التأثير الذي يحضر في كتاباتي الإبداعية هو كون أول رواية مطبوعة وصادرة لي ورقيا كانت هي رواية (قرية ابن السيد)، سنة 2014. والأجمل أنها كانت مستحضرة لروح الوالد رحمه الله تعالى وشخصيته ومكانتها العامة. كان طلب إحدى صديقات الفكر والأدب والفن في أن أكتب عن شخصية والدي رحمه الله. ربما كان طلبها أن تكون سيرة واضحة التوثيق والارتسامات، لكن الكتابة اتخذت منحى إبداعيا مغايرا وجديدا. اختلقت المكان والفضاء، وأخذت الشخصية بقيمها وأوصافها وتأثيرها، وجعلتها رمزيا داخل سياق آخر، الأمر الذي جعل القراء يحتارون لمن تكون هذه السيرة ما دامت قد أخذت من فضاء جبال زرهون وجعلت في فضاء جبال الأطلس المتوسط والكبير؟ من يكون الشيخ السيد فيها؟ ومن يكون ابن السيد؟ وتتابعت الأسئلة. لكن القريب من شخصية الكاتب حسن إمامي كان يلمس ذلك التشكيل والتنزيل. وهنا يبقى سحر الكتابة الذي يرافق درجات التحليل والدراسات النقدية من أجل مقاربة العمل الإبداعي عموما.

الجميل في هذا التأثير أنني ترعرعت داخل فضاء منزلي غني ومتنوع بما هو اجتماعي وما هو ثقافي فكري. وإذا كان ما هو اجتماعي أو سوسيو ثقافي وتربوي مشترك في الحضور فإن الجانب الأكثر تأثيرا كان حضور المكتبة والعلاقة مع الكتاب. والمكتبة الغنية والدينامية هي التي تنطبق عليها حكم المعلقين والمعلقات: (نصفها ذهب). كلها ذهب طبعا، لكن جلها ذهب إهداء أو استعارة في انتظار الاسترجاع. وقد يكون هذا الاسترجاع قد حصل في انغراس تأثيرها على الذي استعار فاستفاد ودرس وتعلم وتثقف وتخرّج تعليميا وحياتيا. ربما أبتسم لكل هذا حينما أتذكر زيارتي لأحد أصدقائي بمدينة الدار البيضاء، وحين تأملي لعناوين كتب في رفوف مكتبته ألاحظ حضور عناوين كنت أمتلكها لكنها هاجرت بدون علمي معه إلى حياة أخرى وأناس آخرين. ابتسمنا للملاحظات والتعليقات ووقعنا لأهمية الكرم والعلم المنتفَع به كصدقة فيها أجر ثواب في الدنيا والآخرة.

كانت المكتبة حاضرة في إحدى القصص القصيرة التي كتبتها بعنوان (الصالة الصغيرة)، مترجمة للتفاعل والتأثير والتأثر. وكان لاقتناء كتب موسوعية بلغات  متعددة، ولمجلات متنوعة في علوم وصنوف شتى بين الأدب والعلم والحياة والشرع والفقه والتاريخ، دور في بناء شخصية الكاتب وألإراد العائلة، حتى إنك تجد المتخصص دراسيا في الآداب ملما بما هو علمي، والمتوجه للدراسات العلمية التجريبية متحديا لك في النحو والإعراب. تنافسية جميلة بنت الحب والإنسان في دواخلنا.

* ماذا عن قراءاتك الأولى والتى كانت سببا فى امتهانك الكتابة؟

 لا يمكننا إنكار دور التعلم في تأثيره على شخصيتنا. نتحدث هنا عن البذور التي تزرع والتي يعمل سياق التفاعل الحياتي على استنباتها وتبرعمها وتشكلها. وطبعا كل مرحلة عمرية كانت فيها استفادات بدءا من التعليم الأولي إلى الجامعي. القراءات الأولى كانت مع المقررات، ولكن كما سبق ذكره، كانت مع المكتبة الموجودة بالصالة الصغيرة داخل منزلنا. كانت مع المجلات وبعض المقتنيات التي تصبح ملكا خاصا لك وليس لكافة أفراد العائلة. فقد أوثر أن يكون عددا من مجلة العربي أو المنهل أو عالم الفكر أو غيرها خاصا بي في مرحلة. كما قد أوثر أن يكون عدد من مجلة العلم والحياة الفرنسية وقد استفردت به لكونه يتناول موضوع أسرار الكون وخلق النجوم مثلا. وتنتقل الملكية مع الشبع والتلقي الذي نكتفي به مؤقتا وليس كليا.

حينما نلت شهادة الباكلوريا كنت أرغب بالتسجيل في شبعة اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب بمدينة فاس. لكن ظروف التسجيل حالت دون تحقق الرغبة فتسجلت في شعبة الدراسات الإسلامية حتى أبقى طالبا بمدينة فاس هذا القادم من مدينة مولاي إدريس زرهون. وأتذكر أنني اتخذت مسافة تفكير في تلك اللحظات من سنة 1983 مفادها تساؤل: لماذا سأتسجل بشعبة الدراسات الإسلامية وليس بغيرها ما دامت الغربة الأولى في الإنجليزية قد عُرقلت؟ كانت مسافة التفكير مفترق طرق حياتي واختيارا موجها لمستقبل تفكيري وتكوني واهتمامي بالثقافة والفكر والإبداع. قلت مع داوخلي: ما دمت مسلما، وأنا في مرحلة التعليم الجامعي الآن، لماذا لا أجعل إيماني في مرحلة بناء عقلي وفلسفي. أستدل على معتقدي وأكتشف أسرار تحدي العقل مع غيبيات الإيمان خلال المرحلة الجامعية؟ كانت ثقتي في محطة الدراسة الجامعية كبيرة جدا. وكانت ثقتي في نفسي واختياري مرتبطة بذلك. وأتذكر حينما استشرت والدي في بداية الأمر قبل التفكير في مدينة فاس وما قدر لي فيها، كان اقتراحه لي بأن أتسجل بشعبة اللغة العربية وآدابها بمدينة مكناس. وأن الذي كنت أرغب في أن أدرس بمدينة فاس. هنا الاختيار والقرار والمسار.

* ما أول نص كتبته؟ وكيف كان تأثيره عليك وعلى اسرتك الكبيرة والصغيرة؟

 لا يمكن الحديث عن أول نص كتب لكون الكتابة سحر وطلسم روحي ووجداني قبل أن تكون تشكيلا لغويا وفكريا وإبداعيا. كون الكتابة ترجمة للذات وإحساسها وتفكيرها قبل أن تكون موضوعا خارجيا. هناك مذكرات صغيرة موزعة بين دفاتر وأوراق. هناك محاولات أولى في الكتابة الروائية لم تر النور بعد رغم أنها كانت الأولى حضورا في التجربة. وما تزال خاضعة للتطوير والتجميل والتوصيف والتناسق العام المرضي، كطفل لن يخرج للشارع إلا بعد أن ترتب له أمه هندامه وأناقته ومناخ سلامته ولعبه الجميل والسعيد. لكن أول نص مطبوع ومنشور كان هو رواية قرية ابن السيد، وبقي ما دونه في مسار الانتظار من قصة ومقالة ورواية ومشاريع كتابة متنوعة.

عامل الاندهاش قد يغمر البعض. وعامل التعجب المرافق وعدم توقع الخطوة قد يثير البعض الآخر. وهي مسألة طبيعية ما دامت مرتبطة بخطوة تزاوج بين الجمال وخطورة الخدش بهذا الجمال. فأن تصدر رواية لعموم المتلقين يحتاج إلى قوة وتمكن وإتقان. وطبعا، المقارنة والتحدي والخوف، كل هذا كان حاضرا عند الكاتب قبل الآخرين. كوني قارئ متعدد المشارب باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية، فهذا يجعلني في تحدٍّ ليس بالسهل لأن من قرأت لهم أصحاب صيت عالمي ونجاح متفاوت بالجوائز الأدبية والثقافية.

* من أول من آمن بموهبتك، وكان داعم أساسى بالدخول لعالم الابداع؟

عالم الأدب والإبداع هو عالم أسرة جديدة تنامى عدد أفرادها وكنز محبتها وغناها. كان التفاعل كبيرا في مواقع التواصل الرقمي والافتراضي، كانت هناك وما تزال منابر أدبية وثقافية آمنت بتشجيع المحاولات وترشيد الكتابات. سأتحدث هنا على سبيل المثال وليس الحصر عن منتدى مطر الذي وهبني أصدقاء جد وكثر وأجمل في الحياة. وبين باقة الأصدقاء الموجودين فيه كان الأديب عبد فراجي الشاعر والقاص والمترجم الذي طلب مني أن أبعث له بالمسودة الأولى من رواية قرية ابن السيد. طبعها في نسخ وجعلها بين يدي الناقد محمد إدارغة وآخرين. كنت متوجسا من المحاولة ومن خروج العمل ليرى النور، كخوف الأم على أولادها الصغار، لكن التشجيع والتصحيح لبعض العبارات والأخطاء اللفظية التي وجدت في الكتابة الأولى، جعل الجل يشجع على الطبع. ورغم ذلك كانت دقات النبض مشعرة بالخوف وبالمسؤولية، وبالخجل من المقارنة الخارجية بين أول تجربة لي وباقي الكون الإبداعي العالمي في جنس الرواية. وكانت الخطوات الأولى موفقة نسبيا ومتوجة بقراءات نقدية هامة وبتوقيع وتكريم واحتفال. وكانت دموعي منحبسة في كل لحظة لكون العمل الأدبي الروائي الأول يتناول شخصية أحببتها وسكنت فؤادي وهي شخصية والدي رحمه الله تعالى.

* الاصدار الأول، ماذا عنه ورده فعل الوسط الثقافى والنقدى له؟

كما سبق ذكره، كان الاحتفاء والتكريم والتوقيع لرواية قرية ابن السيد في نفس سنة إصدارها. تم ذلك بالمركب الثقافي للموقع الأثري وليلي المجاور لمدينة مولاي إدريس زرهون. كنا قد قمنا بخطة مهمة في عالم الثقافة والأدب والإبداع. استطعنا أن نحول الحياة الثقافية الافتراضية إلى حياة ثقافية خارجية واقعية ومعيشة. شكلنا لمنتدى مطر  ملتقى سنويا خاصا بالسرد. جعلنا اللقاء يستضيف رواد المنتدى وأدباءه وأديباته. وكانت التجربة جميلة ورائعة. والأروع بالنسبة لي كان أن أصبحت المستضاف في الدورة الثانية لملتقى مطر في السرد، والشعار الذي اختير للقاء ارتبط برواية قرية ابن السيد: كونية القيم في الكتابة السردية.

 قراءات نقدية متميزة قام بها مجموعة من النقاد: الناقد محمد إدارغة (ناقد وأديب ـ مكناس)، الناقد نقوس المهدي (ناقد وأديب ـ اليوسفية)، د.مصطفى الشاوي (ناقد وشاعر ـ مكناس)، عمر قلعي (أديب وناقد ـ مدينة سيدي قاسم)، إدريس زايدي (شاعر وناقد ـ مكناس)، عبدالرحيم التدلاوي (أديب وناقد ـ مكناس)، وغيرهم من الذين يرجع لهم الفضل في إغناء توجيهي الأدبي والإبداعي.

* لمن تكتب، وأهدافك من الكتابة، وهل تحققت أهدافك؟

 في الحقيقة، يصعب إيجاد جواب محدد لهذا السؤال، خصوصا إذا علمنا أن الكتابة رسالة تحاور الذات والموضوع والوجود والحياة. سيصبح الطرح فلسفيا وشموليا إذا. ستكون الكتابة رسالة حياة يخطها العقل في ترجمة الموجود ليصبح في شكل مكتوب. لكننا إذا جعلنا العلاقة عشقا في البوح والتزام في نصرة الحق، أصبحت الكتابة ذات بعد جمالي وواجبا مقدسا معه. ستصبح طقسا بل طقوسا تعبدية يمارسها الكاتب كلما تفاعل الذهن مع موضوع أو قضية أو ملاحظة بسيطة أو مركبة. وما دامت الحياة مجالات شتى، وما دام الكاتب صاحب اهتمامات شتى، فإن الكتابة تهتم بمجالات متعددة بين ما فلسفي وجودي، وما هو سياسي وثقافي، وما هو اجتماعي وتربوي، وما هو فني وجمالي عام.

الهدف هو تنوير الذات والآخرين، تقاسم الجمال ولحقيقة، تقاسم الحق في المعلومة والحق في السعادة والحق في ضوء ينير خطواتنا كأفراد بشرية تعيش فوق هذه البسيطة، هذه النقطة الزرقاء التي حيّرت عقولنا واحتوت عيشنا المشترك. ودائما وإيمانا بالنسبية، نقول إن الهدف من الكتابة لا يتحقق إلا نسبيا وجزئيا، وإن جدليات الحياة توجد في الكتابة، فتصبح معها الكتابة رهانا يوميا مستمرا للتفاعل مع هذه الجدليات. وما دامت الحياة مستمرة، والقضايا متجددة، فإن الكتابة كذلك، وإن الهدف كذلك: متجدد ومنفتح على الغد وعلى الآت وعلى المدهش في الاكتشاف المنفلت للحقيقة ولسر الخلود الذي أدهش الكتابات الأسطورية الأولى عند أفراد البشرية بدءا مع ملحمة جلجامش مثلا.

* ماذا عن طقوسك الكتابية؟

ما دام الحديث عن طقوس فهو حديث عن عادات وممارسة شبه تعبدية. وذلك ما يطبع طقوسي في الكتابة. يوميا أحمل معي محفظتي على كتفي. يوميا أقتنص ما يسمى بالفراغ، وما أسميه بالوقت المناسب واللحظة المقتطعة والموحية والملهمة. يوميا أعتبر أن كل لحظة تأمل يجب أن تترجم إلى مكتوب. كل لحظة استراحة ذهنية من تعب الحياة ومن تأملات مقروء والمشاهد والمسموع والمحسوس، يجب أن تتحول إلى خط حبري أو رقن رقمي.

هكذا تكون الطقوس التزاما تعبديا مثل الصلاة اليومية. لكن الخاص والمميز هو اختيار لحظات يومية تنفرد فيها الذات بخلوتها. وهنا سأتكلم عن ممارسة ذاتية ربطتها باللوم اللازوردي المنفلت في أرجاء السماء. قد أفتح النافذة أو الشرفة وأنظر في الثلث الأخير من الليل وأرقب انفلات زرقة من عتمة دالة علة نور موعود آت من بعيد. قد أعتبر ذلك ملهمي في استكناه أعماق فؤادي وروحي وعقلي ووجداني، فأجدني منتقلا إلى الورقة أو لوحة إلكترونية أو الحاسوب، وخاطا لما جادت به اللحظة وما استعدت للاشتغال عليه. ربما تبلورت إشكالية بالأمس الذي سبق، وتم تأجيل معالجتها. حينها تكون اللحظة الجديدة فرصة لاستفراغ الطاقة والجهد وخلص الفكر وجوهره معها.

قد أكون نائما، وما أنا بنائم، حيث الذهن يشتغل وأنا مغمض العينين، معالج لما لم أستطع التفكر فيه ومعه خلال النهار أو خلال تفاعلات الاستيقاظ، فأنهض من النوم وأشعل مصباحا قريبا أو صفحة هاتف أو لوحة إلكترونية متاحة، وأدون ما جادت به اللحظة، وقد أعود بعدها للنوم بعد إطفاء الأنوار. قد تتكرر العملية مرات في الليلة الواحدة فتصبح هوسا بين النور العتمة بين الفكرة وخطها كتابة. وكم هي ممتعة في شقائها ولذيذة في معاناتها هذه الكتابة. وهنا تحضرني روايتي الجامعة لتاج شخصياتي: بحيرة العشق اللازوردي. وكأني أبوح بسر هذا العنوان ومن أين أتت فكرته.

 

* ماذا عن الزمان والمكان بكتاباتك؟

 هكذا تكون كل الأزمنة وجل الأمكنة مجال وفضاء كاتباتي.

* لكل كاتب اتكاءات يتكئ عليها، عما تتكئ اخى الكاتب؟

 

*  موطنك عرفت أنه موطن تاريخ وتراث، ما تاثير هذا العبق التاريخى والتراثى؟

 الحديث عن الوطن حديث عن جوهرة الفؤاد. وهو نبع المجرى الصافي الذي يجري في الروح والوجدان قبل أن يتلألأ خارجيا مع أشعة شمس الحياة. والوطن أوطان إذا ما ارتبط بالعشق والحب والجمال والسعادة. الوطن أوطان إذا مات عددت القضايا التي يناضل الكاتب لأجلها في تفكيره ورسالته المكتوبة.

وما دام الموطن الأول هو مهد الطفولة والصبا والنشأة، سنجد أن فضاء مدينة مولاي إدريس زرهون ومدينة مكناس كذلك، حاضران بشدة في كتابتي ومتوجهان بها. هكذا اشتغلت على سبيل المثال لا الحصر في مجال الكتابة الرواية على ملحمة صغيرة مرتبطة بمدينة مولاي إدريس زرهون، سميتها وعنونتها: سيرة مدينة سيرة حياة. وصلت في بلورتها إلى أربعة أجزاء إلى حدو هذه الكتابة، وما تزال أوراش الاستمرار فيها قائمة ما دام في الشرايين نبض حياة. كان الجزء الأول هو (شارب الذهب)، والجزء الثاني هو (باب القصبة)، والثالث: (مقامات سيدي امحمد بن قاسم)، أما الرابع: (الطيف والمرآة). طُبع ورقيا الجزء الثاني الذي هو باب القصبة، وصدر رقميا الثالث، على أن الباقي قد نجده متفرقا في مواقع أو في مدونتي لكنه ينتظر دوره الذي يؤذن له به لكي يعترف له الكاتب بحقه في الإصدار وعرضه على جمهور القراءة وتفاعل التلقي.

تحضر مسرحيات مرتبطة بالوطن الصغير هذا والوطن الكبير الذي هو المغرب، والوطن الأكبر الذي هو عالمنا العربي والإسلامي وعالمني الإنساني. هكذا تتعدد القضايا وتتسع دائرة الهوية المرتبطة بمنطلق الكتابة والداعي لها. فكيف تنسجم الذات مع هذا التشابك؟

* ما مدى حلمك الإبداعى؟

بقدر شساعة المدى بقدر شساعة أفق حلمي الخاص. لكننا لن ننسى أن دائرة الحلم مسؤولية ملقاة على عاتق الكاتب. ليست مجرد متعة كتابة، إنها بدرجة طائر محلق إلى أعلى، فكلما ازداد ارتفاع علو تحليقه كلما ازدادت مسؤولية جناحيه في الحفاظ على توازن والنجاح في هذا التحليق. فليعلم الكاتب متى يحلق ومتى يستريح ومتى يجدد كل عملية حتى يحافظ على هذا التوازن.

 

* ما مشروعك الكتابى الجديد؟

 يمكن التمييز بين ورشات كتابية في الرواية، وبين أخرى في المسرح وكتابة السيناريو في السينما. يمكن استحضار إشكاليات طرحتها مع توالي عقود عيشي والتي بقيت مفتوحة في السؤال والتناول والبحث. ما يزال الاشتغال عليها قائما، ومحاولة الاستيفاء مستمرة. ولعلها عطش لا ينتهي في رحلة الصحراء رغم كل عملية ارتواء.

هناك روايات تعرف التنقيح والاشتغال النهائي. ومنها ما خضعت لتفكيك جديد لأجل صياغة ووصف وبناء أقوى وأجمل، بحكم تطور الذائقة الجمالية والكتابية عند الكاتب.

* ما رأيك بالمشهد الثقافى إقليميا وعربيا وعالميا؟

 لعله مشهد الرقي الحضاري المشرق لوجه الإنسانية، هو هذا المشهد الثقافي العالمي الذي أنظر إليه من الناحية الإيجابية. لعله الوج المؤلم لواقع البشرية هو هذا الذي أرى التمزق الذي يشرخ الثقافة وأسرتها إقليميا وعربيا وعالميا. لعلها رسالة المثقف التي لن يخلص لها إلا الأوفياء من شرفاء العالم، الذين يرون في الفكر والأدب والفن واجبا لتحرير الإنسانية والدفاع عن كرامتها ومحاربة الظلم والقبح الذي ينتجه الواقع.

* هل السياسة عائق أمام الإبداع ؟

 إذا تحدثنا عن سياسة الأنظمة، فهي عائق أمام الفكر المتحرر والكتابة الناجحة في خدمة شعوبها. أما إذا تحدثنا عن السياسة الثقافية، فإنها نسبية وتحتاج دوما إلى تجديد لطرق عملها وإنجازها. وحيث لا بد من سياسة ثقافية فلا بد من تعايش وتفاعل مع كل برنامج سياسي ومن جعله يخدم الثقافة والفكر والأدب والفن رغم الإكراهات وسلبيات الخدمات والتوظيف المؤدلج والمصلحي الذي قد نلاحظه موجودا.

* إلى أى أيدلوجيا كتابية تنتمى؟

 لا إيديولوجيا في الكتابة الحرة، اللهم خدمة البشرية ونصرة الحقيقة. الإيديولوجيا قفص، والكتابة تحليق خارج القفص. لهذا علينا أن نعلم كيفية توظيف أجنحة تحليقنا وحدود التحليق المتاحة والممكن تحقيقها. هكذا تصبح الكتابة هي ذلك الطيف والشبح المنفلت من قبضة تحكم السياسي والرقيب عبر التاريخ. وقد كانت كذلك دائما، وقد عانى وحوكم فلاسفة وأدباء ومفكرون بسبب تحليقهم خارج القفص والحدود المرسومة. ويمكنني استحضار إشكالية الحرية مع هذه الصور هنا في  رواية (أقفاص) التي تناولت تيمة الحرية ونسبية تحقيقها. لعلها رحلة جمالية أدعو جمهور القراء والقارئات للاطلاع عليها ومعانقة رسالتها.

* ما الكاتب والكاتبة التى دوما تبحث عن منتوجهم الإبداعى ولماذا؟

 أولا، ما تسعف به لغة القراءة، باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية. ثانيا، ما يميز كل سنة ثقافية من إصدارات جديدة متألقة، ومما توج في جوائز أدبية وغيرها، وذلك لمقارنة مجهودي ومستواي في الكتابة مع ما اختارته لجان تحكيم عالمية وجعلته فائزا بجارزة من الجوائز. وهذا تفاعل إيجابي يشجع على المضي قدما وعلى التقدير للذات والثقة في النفس وفي المكتوب الخاص. هكذا لا يمكنني تحديد كاتب دون آخر ما دمت أعتبر أن عالم الكتابة والإبداع ينصهر فيه مفهوم الزمن فيصبح الماضي والحاضر والمستقبل كلا واحدا ومتفاعلا مع الذات. فقد أقرأ لنص من بدايات الإنسانية فيكون الملهم أكثر من غيره لي في الكتابة. أستحضر هنا أسطورة ليليت، كتاب لغز عشتار لفراس سواح، وغيرهما كثير. وأستحضر دان بروان صاحب الروايات المتميزة في تفاعل مع التاريخ والحقيقة الدينية والمؤسسة الكنسية ووظيفة البحث العلمي واستغلاله السياسي كما في رواية حقيقة الخديعة أو شيفرة دافنتشي...

* هل لمهنة الكاتب تأثير ما على كتاباته؟

 أكيد، ما دام التفاعل قائما بين الذات والمحيط وبيئة الكتابة، فلابد من تأثير وتفاعل وإلهام. يحضر كل هذا بدرجات متفاوتة بحسب تجربة كل كاتب.

* ما رأيكم بمعارض الكتب، هل ترى أنها تحقق أهدافها من أهمها إعادة البعض إلى محراب القراءة؟

 هي رسالة ثقافية مثلما أنها صناعة ثقافية. كلاهما لابد أن نمتلك داخلهما مشروعا تربويا وتعليميا وثقافيا وعلميا للمجتمع والإنسانية. كلاهما لابد أن نعيد الاعتبار للتمويل المناسب والسياسة الجادة والنجاحة لأجل بناء الإنسان. فالظاهر أننا نجحنا في بناء ناطحات السحاب داخل مجتمعاتنا ولم ننجح بعد في بناء شموخ الفرد حضاريا وثقافيا وعلميا وجماليا. والسبب في جانب منه يعود إلى السياسات القائمة والممارسة.

ربما يسأل البعض: ما علاقة السؤال بهذا الجواب؟ فأتسلح بفلسفة العمل الديمقراطي المطلوبة في كل ممارسة ومشروع سياسيين. هناك عدالة مطلوبة في إنصاف الثقافة والمثقفين. هناك حاجة ملحة اليوم لكي ننتقل من ذلك البذخ الغرائزي والأناني إلى سعادة أدبية وفنية معممة في التربية والتعليم والإعلام والحياة العامة لكل مجتمع من المجتمعات. هناك حاجة ملحة اليوم لكي نحارب السباق المدمر نحو التسلح عالميا، ونشجع على السباق الحضاري الذي يحقق السعادة والسلام والعيش الكريم والعقل السليم بفضل الكتابة والثقافة والفكر والفن والإبداع وأسلوب العيش السليم. كل هذه الأولويات المشار إليها تجعلنا نتصور معارض الكتب فرصة لتصالح الإنسان مع قيمه الإنسانية والكونية. كما تجعلنا ننصف المبدع والمبدعين. ذلك أن تشجيع الجمال والعلم والإبداع بجميع أصنافه يجعلنا ننتصر لهذا الإنسان الحضاري الراقي الذي ننشده ونتوخاه. وإلى جانب الاستثمار المعقلن والواقعي لعالم الكتاب هناك غاية مفيدة يجب على الدول أن تسهر على تحقيقها ألا وهي تشجيع الكتاب والمبدعين على الانخراط في تعميم ثقافة الفكر والعلم والأدب والفن، تشجيع التثاقف بين الشعوب وتيسير التبادل في المجال.

ومادام السؤال مرتبطا في شق منه بفكرة إعادة البعض إلى محراب القراءة، فإن التصور سيكون مشروعا تربويا وبيداغوجيا وفرصة تراعي القدرات الشرائية فتعمل على دعم الأثمنة وتوفير فرص الاقتناء والتفاعل مع المبدعين والمبدعات من طرف جمهور المتلقين ومن طرف المؤسسات والمعاهد.

ما يزال البعض يرى معرض الكتاب مجرد سوق كبير يقسم لأجنحة بيع وعرض، في حين أنه ضيف شرفي يجب أن يحل في كل مؤسسة وفضاء ثقافي وجامعي ومدرسي. كيف ذلك؟ فكرة أن تكون أنشطة أيام ثقافية موازية تحتفل فيها المدينة المحتضنة بالكتاب والثقافة والعلم والفن. فكرة أن نحافظ على ثقافة الرحلات للتلامذة والطلبة، ونجدد دماء الخزانات المدرسية بما أتت به هذه المعارض. فمواكبة الجديد تجعل القيمة للمعرض وللكتاب ولثقافة الكتاب وقراءته. فكرة مسابقات ثقافية وتربوية تعلمية موازية ستعرفها هذه المعارض. فمثلا جعل التوقيعات تحتفي بنتائج المسابقات الأدبية وتحتفل بها في تظاهرات مشرفة مع المناسبة. مواكبة التغطية الإعلامية للتظاهرات ونقلها بتفصيل أكبر وأدق بدل جعل التغطيات والعروض ضيقة الحيز في المجال والإنجاز. هي إضافات قد تكون مفيدة كرأي داخل ثقافة ديمقراطية تأخذ بآراء الآخرين واقتراحاتهم.

* النشر اللاكترونى، هل أضاف ام كان صاحب تأثير سلبى على المشهد الثقافي؟

 قد ننتقد العالم الإلكتروني والحياة الإلكترونية الافتراضية التي سلبت الفرد وقته وذهنه فانجر داخلها إلى متاهات بعضها طبعا سلبي. لكن بالعض الآخر من هذه الحياة الافتراضية إيجابي ما دام يقرب المسافات وييسر عرض المعلومة والمنتوج الثقافي والفكري. فما دام هذا المنتوج نبيلا فهو في خدمة رقي الإنسان طبعا. أصبحنا نقرأ الكتاب الرقمي ونطلع على المقال والدراسة الرقمية وننخرط في تفاعل داخل منتديات افتراضية رقمية. أصبحت الاستفادة أشمل اليوم ولم يعد هناك احتكار للمعلومة بالشكل الذي كان عليه الحال سابقا. إنما الأعمال بالنيات، وبحسب الوظيفة يكون الحكم على الشيء في مدى تحقيقه لمصالح وفوائد. هكذا فإن الثورة الرقمية والمعلوماتية بقدر ما يسّرت تداول الكتاب وأغنت الحياة الثقافية بقدر ما أثرت  على عالم الكتاب الورقي فأصبح يتراجع في عدد مبيعاته عالميا. كما أصبح الفرد مدمنا على استعمال شاشة الحاسوب والهاتف واللوحة الإلكترونية. والبعض أصبح مدمن استهلاك للمرئي من فيديوهات وما شابهها. وغالبا من نجد أنه استهلاك سلبي وتافه لا يحقق فوائد أو نفعا للمستهلك المتلقي.

إن غياب التأطير والتوجيه لما سيستهلك الفرد يجعل السلبيات تغزو السوق في شتى مجالات ويجعل تأثيرها يعرقل عمليات تنمية ثقافية وتربوية عند أفراد البشرية. فلابد لنا من حاكمة وسياسة رقمية تنجح في إعادة زمام الأمور إلى سكة الإيجابيات لنتغلب على السلبيات. ولن يتحقق ذلك ما لم نجعل برامج رقمية وافتراضية وتفاعلية ومعلوماتية بكم وكيف مناسبين، مع تنزيلها بطرق ناجحة تحقق أهدافها التفاعلية والتأثيرية. وهي جدلية تحتاج منا لتجنيد الطاقات والسياسات والبرامج وسبل الإنجاز والتحقيق. وهنا نخص بالذكر كأولوية تأطير الأطفال والشباب داخل هذا العالم الرقمي والمعلوماتي والافتراضي. إن الأمة التي تؤمن بفكرة الابتكار ستؤمن بفكرة الاجتهاد العقلي المواكب للواع وحاجياته. ستكون هناك حريات موجهة ومؤطرة ومحققة لرغبات الذات بشكل مرضٍ تربويا وثقافيا وسلوكيا وحضاريا. وهذا ما نتمناه.

* عمل إبداعى تمنيت بقرارة نفسك أن تكون أنت كاتبه؟ سأسافر بالفكرة والحلم بعيدا لأقترح عملا ببعده الجمالي وعمقه الفني وروعة وصفه وترجمته لحضارة مجتمعه: أعمال الروائي الياباني يوكيو ميشيا: الجياد الهاربة ـ معبد الفجر ـ ثلج الربيع ـ سقوط الملك.

وتبقى العملية إشارة إلى أهم ما قرأتُه وتأثرت به في تجربتي الكتابية والانكتابية.

* هل للكاتب عمر افتراضى؟

 قد يكون العمر الافتراضي خلودا نسبيا إذا ما ترجم الجمال والذوق الإنساني والفني. وقد نعني بالعمر عيش الإنسان، فنقول إلى إن لحظات عيش الكاتب لا يسعفها اليومي ولا مدة الحياة الطبيعية التي قدرت له. فبحسب المشاريع الثقافية والإبداعية والطاقة والجهد والصحة والقدرة، يكون الكاتب في حاجة إلى ما يناسب عمره الواقعي المعيش. في بعض الأحيان أجدني أحتاج إلى أكثر من أربع وعشرين ساعة في اليوم ارتباطا بعملية كتابة وتفكير وإبداع وتحليل. في بعض الأحيان أجدني في حاجة إلى بياض الليل وعدم انتهائه وقدرتي على السهر فيه حتى أستمر في لذة ومتعة وشقاء الكتابة. وهو هوس فيه لذة كبيرة طبعا.

* ما سبب الفجوة الكبيرة بيننا وبين الغرب ثقافيا، وكيف أن نعالجها؟

 سؤال يرتبط بالمقارنة الحضارية والسياق التاريخي الذي أنتج التجربتين. فكلمة (بيننا) تحتاج إلى إعادة تأطير وفهم جديدين. كما كلمة الغرب. وقطع الدومينو متلازمة في ترتيب تماسك وقوفها واستعراضها من طرف صاحب اللعبة. كما تكامل لبنات الهرم. فإذا كان ال(نحن)، هو عالمنا العربي الإسلامي، فإن الحلم أكبر من الواقع. وقد نفترض حلما ما يمكنه أن يتحقق، لكننا ننسى العراقيل الموجودة في الواقع. وهذه إشكاليات السياسة والفكر والثقافة في عواملنا وأنظمتنا ومجتمعاتنا.

ربما أكتفي بالإشارة إلى مبادرة مشروع تحدي القراءة العربي لكي نعطي النموذج الدال على النجاح والتشجيع والدعم للتنافسية التربوية الإيجابية. ربما أنوّه بدور النشر التي تتبنى الكاتب والكاتبة فتحتضن عملهما الإبداعي وتتكلف بالجانب المالي وبجانب الطبع والنشر والتوزيع. وهي عملية تحتاج طبعا إلى دعم وتمويل رسمي من طرف الوزارات ومشاريع الحكومات. وهنا لن نقول بانعدام جانب التمويل بقدر ما سنقول بتحويله من برامج السهرات الباذخة والاحتفالات المسرفة التي قد يتبناها نظام ما أو زعيم ما، إلى جعله تمويلا للثقافة والفكر. فكيف نضاعف من ميزنيات التربية والثقافة والفكر والإبداع والبرامج المرتبطة بهما؟ المعادلة تبدأ بمحاربة ذلك الإسراف والهدر. تحويل أموال ربما كانت ستنهب لكي تصبح زراعة وسياسة ثقافية منتجة للحقول والعقول. نتمنى ذلك طبعا.

* الجوائز الأدبية، هل تأخذ طريقها إلى مستحقيها، أم أن هناك توجيهات تقودها إلى أصحابها؟

نحن نعلم أنه عالميا قد طرحت مسألة الجوائز إشكالا موضوعيا في درجات نزاهتها ونجاعتها. فبقر ما هي مهمة بقدر ماهي خطيرة وحساسة في شكل القيام بها وتحقيقها. وغذا كانت للثقافة سياسة توجهها فطبعا ستكون هذه السياسة مؤثرة على فكرة وعملية الجوائز الأدبية. هكذا إذا بدأنا بالحدث عن جائزة نوبل، انطبق الأمر عليها كذلك، رغم أهميتها وقيمتها الكبيرين. وباعتراف أعضاء في لجان القراءة والانتقاء والتحكيم، كم من عمل لم يقرأ، وكم من دور نشر كان لها التوجيه والتأثير، وهكذا تحليل واستنتاج. كما أن الذائقة الجمالية تبقى نسبية وذاتية في بعض الأحيان، فنج الاختيار والاتفاق ساريا على عمل دون آخر، في حين أن القارئ عموما يجد اختياره مغايرا لاختيار لجنة التحكيم الخاصة بجائزة من الجوائز. ويبقى إطار السؤال محددا لإطار الإجابة والمطلوب فيها.

* هل مازال للنقد دورا مؤثرا بالمشهد الثقافى؟

 طبعا سيبقى النقد دائما ذا دور كبير في توجيه وتأهيل وتجويد العمل الثقافي والذوق الجمالي المطلوب الرقي به. وبفضل النقد تتطور المدارس والتجارب وتستثمر العناصر الإيجابية لكي تعطينا أعمالا منتوجة اكثر جودة. وهذا لا يعني أن عملا أفضل من الآخر، بقدر ما سيعني أن الوضع الصحي هو جدلية التفاعل بين الإبداع والنقد. فلا يمكن للإبداع الشخصي أن يتطور ما لم يخضع للنقد. والكمال لله سبحانه وتعالى.

* لماذا الإصرار من غالبية الكتاب ارتداء عباءة السرد الغربى؟

 قد يكون المراد بالعباءة ذلك التقليد الذي يبقى شكليا وسطحيا وغير محقق لذاتية الإبداع وجوهره. لكن السرد الغربي وكما نعلم قد عرف تطورا كبيرا، واستفاد من تجربة حضارية وقيم فلسفية وإبداعية ووجودية امتدت لقرون. كما واجه تحديات وعرف تضحيات من الانتصار للحرية والإبداع عموما. وهنا اليوم داخل عالم السرديات نجد المدارس والاتجاهات والإضافات التي أغنت الجامعات والدراسات والأطروحات والفلسفات والجماليات. فقد نغار من مناخ الحرية وسياسة التشجيع ودرجات النجاح. وحينما نقارن مع واقعنا نجد البون شاسعا. والفكرة الخلدونية حلو تبعية المغلوب للغالب قد تحضر. لكنها سيكون لها مبررها، خصوصا إذا رجعنا لبدايات نهضة شعوبنا العربية والإسلامية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين. فبالآخر كذلك نكتشف مؤهلاتنا وثرواتنا وقدراتنا على الإبداع والإنجاز. فالكاتب اليوم والمثقف لا يكتفي بلغة واحدة. لابد له من تعدد لغوي وثقافي في التلقي والإبداع.

* رسائل منك إلى:

* المؤسسات الثقافية: مزيدا من الدعم للإبداع.

* الإعلام بكافة فروعه: مزيدا من دمقرطة الاستفادة من المنابر الإعلامية والبرامج الثقافية والتربوية والأدبية.

* الناشرين: مزيدا من التشجيع والاحتضان للكتاب والمبدعين والمبدعات.

* الكتاب: سلاح العقل وسبيل العيش النبيل الإبداع الجميل.

* النقاد: تحية للمجهودات الجادة والهادفة.

* إلى كاتب وكاتبة كنت تتمنى معاصرتهم: أيها المتصوفة، أيها الشعراء، أيها الفلاسفة، أيها العلماء: اطرقوا أبواب المجهول والجديد. قال ابن عربي: النور حجاب. أزيحوا الحجاب ليمتد النور ! 

* إليك أنت: اجعل إبداعك في خدمة الإنسانية وذوقها الجمالي وسلمها المعيشي وكرامة شعوبها !

الأستاذ حسن إمامي: سيرة ذاتية:    

من مواليد 1963 بمدينة مولاي إدريس زرهون بإقليم مكناس بدولة المغرب. ـ حاصل على ديبلوم الإجازة في الدراسات الإسلامية. ـ خريج المركز المركز التربوي الجهوي للتربية والتعليم بمدينة فاس سنة 1988. ـ خريج المدرسة العليا للأساتذة للتعليم الثانوي التأهيلي بمدينة فاس سنة 1991.

ـ صدر له سنة 2014 عمل روائي بعنوان :( قرية ابن السيد) .

 ـ صدرت له سنة 2015  مجموعة قصصية بعنوان (مدائن ليلات).

ـ رواية (صرخة المصابيح) أبريل 2016.

 ـ رواية (شجرات و خرائط) أكتوبر 2016.

ـ رواية (أقفاص) أكتوبر 2016.

ـ رواية (زهرة النرجس) + رواية (ديلار.. شرفة الريح). نونبر 2017

ـ أعمال جديدة 2019:

ـ رواية (بحيرة العشق اللازوردي)،عن مكتبة السلام الجديدة الدارالبيضاء.

ـ عمل روائي ملحمي في أجزاء يتناول تاريخ مدينة مولاي إدريس زرهون ـ

طُبِعت منه رواية (باب القصبة).

رواية الساعاتي  صدرت سنة 2020.
رواية (أم الغيث) صدرت رقمية 

رواية ( مقامات سيدي امحمد بن قاسم  ) صدرت رقمية.

ـ كاتب مقالات تحليلية في مجال الثقافة والإعلام و الفكر، نُشِر جلها في جرائد مغربية و في مواقع إلكترونية متعددة.

ـ حضور في المنتديات الثقافية والأدبية المتنوعة وكذا في بعض اللقاءات والمهرجانات المغربية في مجال الشعر و القصة.

ـ فاعل جمعوي وعضو إدارة مهرجان ربيع الشعر بمدينة مولاي إدريس زرهون وملتقى السرد.

ـ يشتغل الآن في حقل التعليم و التدريس بثانوية المسيرة التأهيلية بمدينة مكناس. ـ في غمار تجربة الكتابة والإخراج المسرحي والسينمائي خصوصا مع فئة التلامذة والشباب.

روايات منتظرة للطبع والنشر كذلك:

(أوراق التوت المتساقطة) + + (فيلا ماري روز) .