Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل تحرر المرأة ككائن متساوٍ

الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل تحرر المرأة ككائن متساوٍ

الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل تحرر المرأة ككائن متساوٍ
الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل تحرر المرأة ككائن متساوٍ

الإنسان كقيمة ثقافية :

مدخل تحرر المرأة ككائن متساوٍ

 في الحديث عن القيمة الثقافية للكائن الإنساني، كعنصر بشري و كمخلوق مميز بالوعي و الثقافة والحضارة و المدنية، فإننا نتحدث في حقيقة الأمر عن الجنسين الذكر و الأنثى، كعنصرين جدليين و متكاملين يشكلان حكم السيرورة و البقاء و المصير المشترك.

و إن كنا نتكلم عن معادلات القيمة الثقافية في التكريم و العدالة ة الحرية و المساواة، فإننا في حقيقة الأمر ندرج الجنسين في التوفر عليها و العيش بها كحقوق عادلة.

لذلك يبقى موضوع حقوق المرأة و الرقي بها و تحصين كرامتها، دائم التجدد و الحرص على تحققه بشكل متوازن و عادل.

من هنا يأتي عمق التناول لتحرر المرأة ككائن متساوٍ مع الرجل، و عمق النقد الذي يجب أن يناله الواقع التاريخي و السياسي و الاجتماعي للمجتمعات البشرية في مختلف أشكال تحضرها و فلسفات عيشها و تواصلها.

ذلك أن وهم انقضاء الموضوع و استنزافه ما يلبث يطفو على السطح. و ما يلبث يرفع شعارات كاذبة تتحدث عن بلوغ مرامه و مراده. فهل فعلا تحقق المراد؟

ما دام الواقع سيرورة جدلية باحثة عن التقدم و التطور في المستقبل، فإننا سنقول إن موضوع تحرر المرأة دائم التجدد و البحث عن عناصر جديدة. و حتى لا يكون تناول الموضوع موضة العصر و الثقافة، فإننا نؤمن بأن النقد يتوجه لجميع المرجعيات التي ما فتئت تحكم باسم الدين و الإيديولوجيا الاجتماعية و الأخلاقية أو الفلسفة الاقتصادية الرأسمالية المنبنية على ليبرالية مقيسة بمقاسات معينة.

لعل مجال النقد سيكون لكل هذه المرجعيات حتى يكون التحرر قادرا على فك القيود المثبطة للتطور و التقدم. و هي مهمة دأب على القيام بها دارسون و دارسات في مجالات اشتغال شتى. إنما ما قيمة هذه الإشارات في هذا السياق؟

إن العمق الذي نتحدث عنه هو عمق الوعي. و إن هذا الوعي مطلوب عند كل كائن بشري، ذكرا كان أم أنثى. و إن هذا الكائن البشري مطلوب منه أن يرتقي بثقافته التي تخلق له وعيه و شخصيته و نفسيته و توازناته الداخلية و السلوكية و تواصلاته في الأخذ و العطاء الحياتية. لذلك سيكون المقياس في تناول الموضوع هو مدى تشكل هذا الوعي و هذه الثقافة، و مدى تهيئ الفرد و المجتمع في التاريخ الحاضر للمستقبل الإنساني الراقي بالمدنية و الحضارة، و بالمرجعية الحقوقية العادلة التي تمحي كل أشكال الظلم و الجهل و الحيف المتراكمة ترسُّباً عبر أجيال و قرون و داخل عقول تعيش بأعشاش طيور خرافية بائدة.

سنأخذ مثالا أو نموذجا موضوعيا يمكننا من الاشتغال على قصدنا بشكل عملي و واعٍ، بما هو مطلوب تحقيقه في المستقبل. كما أننا سنترصد أشكال الفكر الرجعي الذي يعيش بعناصر معرقلة للتطور، سواء في ذاته و كيانه أو في مجتمعه و محيطه. رجعية تجعل القابلية لوضع غير سوي، و تدافِع عنها خوفا من الغد و أشعة نوره التي تزحف على الظلمة.

لقد أثارت مدونة الأسرة المغربية حين ظهورها، و خلال عمليات اختمار المتناقضات الدافعة لتشكلها، مجموعة من ردود الفعل و من التمظهرات في الوعي و السلوك، عند الرجل كما عند المرأة. و بما أن رصد هذه المتغيرات هو حقل فسيح للدراسات النفسية و علوم الاجتماع، فإننا سنتعامل مع معطيات هذه المدونة المؤطرة لتكوين الأسرة و تنظيم علاقاتها، تعاملا يهدف إلى استغوار العمق الثقافي و الوعي العميق المرتبط بهذه الحيوية الساخنة التي اختمرت مع طبخة تراضى عليها الجميع نسبيا، و التي خلقت ردود فعل عنيفة تدل على العوائق الذاتية في النفسيات و العقليات مثلما خلقت آمالا جديدة لروح شقية عبر التاريخ.

لا نتصور أن مدونة الأسرة قد حققت النموذج الأعلى للكرامة الإنسانية و الحقوق ـ اللهم في إطار الترويج للنجاح السياسي فقط ـ، ما دمنا نؤمن بالتطور الموضوعي التاريخي الذي يفرز الوعي و السلوك و الالتزام بالواجب و الاستفادة من الحقوق. لذلك سنشتغل بتفكير مستقبلي فيما هو مطلوب داخلها، حتى يكون وعينا مهيئا لقَبول التطور في قوانينها و تصوراتها.

فما دام الواقع نسبيا، و الكمال نقص متصارع مع الفناء، فإن ما تضمنته المدونة سيشكل رؤية النسبي و النقص لما هو مطلوب في المستقبل.

ما دام المنطلق أن الكائن البشري جدلية متكاملة بين الذكر و الأنثى، و كرامة متبادلة في التكامل بينهما، فإننا نؤمن و نقول بأن العدالة المثلى لم تحقق بعد.

طبعا سيكون لظروف العيش و مستوى الوعي و أشكال تدخل المرجعيات السالفة الذكر تاريخيا، دورها في توجيه التعامل مع موضوع تحرر المرأة و تحقق العدالة الاجتماعية. و لعل تشكل الوعي التاريخي و الثقافي الأول للعنصر البشري مسؤول عن هذه السيرورة و الصيرورة، رغم الرضى النسبي للجنسين بها.

لكن رؤية دور المرأة كعنصر منتج و مؤدٍّ لأدوار داخل الأسرة و المجتمع، يجعلنا نتساءل عن مقابل الواجب الذي تقوم به؟ هل يحقق لها كرامة عيش و حرية و مساواة؟

ستكون المسؤولية في الجواب غير ملقاة على الرجل كفرد، بل على مؤسسات مجتمعية و ثقافات وعي و قناعات متفِقة على تكريس وضع معين أو طلب تغييره.

لذلك سيكون النضال الحقوقي من أجل تغيير الوعي نضالا ثقافيا و حضاريا و تحرريا و تقدميا، مشروعا مجتمعيا و أمميا للمستقبل. و طبعا ستكون المرجعيات الرافضة متنوعة و مختلفة و متباينة في آن. لكن الإيمان بالمستقبل يحرر الذات من الخوف من الماضي و من التمسك بوثنية المصالح المادية الآنية و البنيات النفسية المتخشبة و المهترئة.

و بالرجوع إلى مدونة الأسرة و مثيلاتها، فإننا نرى التعثر و الاستعصاء في القبول و التنفيذ. ما يدل على أن الوضع غير صحي بتاتا. إننا نرى أن التعامل مع وضعية المرأة يأخذ شكل هبات ممنوحة و ليس شكل حقوق واجبة. نفس المعادلة يعانيها الكائن البشري سياسيا داخل دول متحكمة و مستبدة بقوانين قروسطية أو رأسمالية مستغِلّة لا يهمها سوى الربح المادي.

إن منطق الهبة جعل الحقوق الممنوحة اليوم تأخذ شكل زيادة في فترة استراحة السجين من عشرين دقيقة إلى نصف ساعة، كتشبيه و مثال. لذلك سنطرح المثالي المطلوب في المعادلة، و سيكون حلما في الحاضر، لكنه عند صباح باكر سيكون مطلبا موضوعيا يهيئ له التاريخ شروط تحقيقه و توفره.

إننا نرى مثلا أن كل حق يقابله واجب، مثلما أن كل واجب يقابله حق. و بهذا المنظور سيكون التعامل مع المدونة بمعادلة الحق و الواجب، بين أدوارها و مساهماتها في العمل داخل البيت و خارجه، بين استفادتها من إعادة توزيع المستحقات الوجودية من خلال قسمة الأموال و الوصية بها.

إننا نرى مثلا أن مدونة الأسرة لا بد لها أن تتعامل مع المرأة ـ الزوجة، كعنصر منتج للمجتمع و داخله. له راتبه و تعويضاته و تأميناته و ضمانات مستقبله. و إن كان هذا البعد قد بدأ في دول متقدمة قانونيا و حقوقيا، فإنه بحكم الضغط الذي تمارسه الثقافة الديمقراطية العالمية، يمكنه أن يتطور دستوريا و قانونيا و حقوقيا. إنها مسؤولية الدولة التي يجب أن تعيد معادلة تعاملها مع المواطن، و مع المال العام، و مع من يجب أن يستفيد من خيرات الوطن، هل هو المواطن و المواطنة أولا، أم المسؤولين على احتكار تسييره؟

أو ليس المسؤولين بمواطنين؟ فليكونوا هم الآخرين ضمن صفوف المواطنين في الحظوظ و الاستفادة تأرجحا مع المنحنيات صعودا و هبوطا.

إن الطابع الثقافي في التعامل مع موضوع شائك مثل هذا يتعالى على الحساسية الإيديولوجية و السياسية. ذلك أنه يشتغل داخل سديم تشكل الوعي و تطوره، و ينتظر إفراز النجمة داخل مجرتها الكبرى. لذلك يكون هو خطوة القفزة التاريخية إلى الأمام و التي تحقق التطور النوعي للكائن البشري، و الذي يكون وعيه بسلاح التربية و التعليم هو جسر الوصول و النجاح.

لننظر إذا إلى مستوى تعليمنا و تربية أطفالنا و شبابنا، و درجات ثقافة و وعي مواطنينا، حينئذ سنرى الخصاص المهول في محو تشققات اليباب في حياتنا المجتمعية.