Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
الإنسان كقيمة ثقافية 3 ـ ب

الإنسان كقيمة ثقافية 3 ـ ب

الإنسان كقيمة ثقافية 3 ـ ب

فهل واقع التعليم و الإعلام يشرف خدمة الإنسان و تحقيق كرامة و حياة شريفة له؟ أم بالعكس، إنه يخدم نقيض ما نترجاه كأمنيات مثالية في تصوراتنا؟ ذلك مفتاح يشرع باب الحقيقة و تشرق معه شمس صباح متجدد بالحياة للبشرية.

حينما ننتقل في التعامل مع الفرد من مفهوم الإنسان إلى مفهوم المواطن، حينئذ تحضر حمولة العلاقة المنتظمة و المنبنية على الحقوق و الواجبات، و على الدستور و القوانين المنظمة لحياة مجتمع و وطن بجغرافيته و ساكنته و خيراته و طريقة عيشه و استثماره للحياة. و هذا المواطن يصبح له من بين حقوق الحق في المعلومة الصحيحة التي تخدم مصالحه و تقربها منه كما تقربه من أدء واجباته و قيامه بها. تسهّل المعلومة عمليات التواصل بين الأفراد و الجماعات، و تطبيق السياسات و تغذية الوعي و القناعات في شتى مجالات.

لذلك، حينما نرى واقع التعامل معها موضوعيا فإننا نتساءل حول المؤسسات القائمة على خدمتها و تدبيرها. إنها وسائل الإعلام التي نبحث عن جودة قيامها بواجبها في خدمة الوطن و المواطن.

يعكس الإعلام ذوق و جمالية عيش الجماعة التي تتفاعل معه إبداعا و إنتاجا و استهلاكا وترويجا. كما يعكس درجة تطور السياسات و القوانين داخل البلد الواحد. فبدءَا بالحق في التعبير، و انتقالا إلى درجات الشفافية و الوضوح في توصيل المعلومة و المحاسبة على السياسة و المتابعة للأحداث و تمييز الخطأ من الصواب قانونيا و أخلاقيا و دستوريا، سنجد أن وسائل الإعلام بالمفهوم الديمقراطي الذي يضمن توفر و تجسد هذه القيم السالفة الذكر، تعكس في الآن مدى تحقق دولة الحق و القانون، و مدى دمقرطة الحياة السياسية  والاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية، مدى تحقق العدالة و نزاهة القضاء و احترام القانون مع الفصل بين السلطات. في الجملة كل ما يعكس المتابعة و المحاسبة.

من حق الشعوب أن تتنافس فيما بينها في مجال التحضر و التمدن و الرقي. و هي بذلك ستكون شريفة و محققة للأمن و السلام و الخير للبشرية جمعاء. و من حقها أن تطلب من سياساتها و سياسييها القيام بما تنشده من قيم راقية و مستوى عيش أفضل. و لذلك قد نجد هذا الحق يتعارض مع السياسات القائمة على الاحتكار و الاستغلال و الاستبداد و الظلم و الهضم للحقوق. سياسات تستغل شعوبها لتتقوى طبقاتها الحاكمة و لتغتني مع حلفائها في الخارج و الداخل على حساب الكادحين الذين ينتجون رأسمال الأمة و زهرة حياتها وربيعها.

إن الزمن الذي تقوم عليه آليات الدمقرطة و تحقيق الشخصية الثقافية للفرد ـ الإنسان ـ المواطن، يتداخل بأبعاد ثلاثية بين الماضي و الحاضر و المستقبل. و لعل ما يضمن هذا العمل المتداخل هو حقل التربية و التعليم و الإعلام. حقول تشتغل على جبهات متعددة و تحقق أهداف متنوعة ومتكاملة في آن. فالبذرة النقية الصافية تعطينا شجرة سامقة نضرة منتجة، أما التي تسوّست فماذا سننتظر منها مستقبلا؟ و متى كان يجب علينا تقويمها و تنقيحها؟ و متى كان على وعينا بدء الاشتغال و في أي زمن يكون مناسبا؟ ذلك مقصود التداخل الثلاثي الأبعاد.

ربما نبدأ بدروسنا المحلية المغربية، فنقول إننا فوّتنا فرص البناء الصحيح و المتين لأجيالنا و مغربنا حينما فوّتنا فرص توفير تعليم سليم و قوي، و إعلام منتج و هادف، وقيم مبنية على المصلحة العامة و خدمة الوطن. و لعل المسؤولية ستكون للجهل أولا، و لمن تقلّدوا المسؤوليات ففوّتوا الفرص التاريخية عن وعي بما يقومون به استغلالا و نهبا و استهتارا بالمصالح العليا للبلد.

هكذا تتداخل جدليا بعض معطيات الواقع الملاحظة موضوعيا في حياتنا المغربية على الأقل، في انتظار الإرادة الصادقة و محاربة لوبيات و مافيات الفساد و العرقلة للمشروع الديمقراطي و الحضاري الحقيقي لبلدنا.

الإرادة غيرة و تضحية، و وعي و رسالة نضالية تؤمن بقضيتها و تدافع عنها و تتابع بأمل لا ينقطع إنجازها، مع تذويب الأنانيات الفردية و المصالح الخاصة الفانية مع أفول أصحابها. فما الذي جناه من ماتوا مضيّعين لفرص المغرب في التطور؟ هل حملوا أرصدتهم معهم إلى قبورهم؟ هل ماتوا سعداء أم أشقياء؟ سؤال ينتقل من قبورهم إلى الطبقات و الفئات المستفيدة من سياساتهم. السعادة الثقافية إذا أمكن الحديث عنها هنا لا تحقق إلا مع خدمة ثقافة الإنسان المواطن و البلد الوطن. و تلك رسالة المثقف المقدسة.