Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
قراءة أولية في أعمال حسن إمامي الروائية ( ج  2 ) ـ

قراءة أولية في أعمال حسن إمامي الروائية ( ج 2 ) ـ

قراءة أولية في أعمال حسن إمامي الروائية ( ج  2 ) ـقراءة أولية في أعمال حسن إمامي الروائية ( ج  2 ) ـ

2- الحكي الموازي، أو خيط الربط بين التاريخي والاجتماعي:

ما يمكن تسجيله حول الخيط الرابط بين الروايات الأربع (قرية ابن السيد- صرخة المصابيح- شجرات وخرائط- أقفاص) هو حضور بعض التيمات المتكررة، ونقصد بالتكرار إثارة قضايا اجتماعية بطريقة تكشف حضورها الفعلي في ذهن المبدع ونفسيته وشعوره أو لا شعوره. وهذا لا يعني بالضرورة عيشها بقدر ما يكشف تفكيرا مسبقا فيها أو استشرافها مستقبلا.

من بين ما ورد نذكر:

أولا: تيمة الحب الشرعي بين الأزواج، أو الحب المرتبط بالعلاقة المستمرة الغير الشرعية؛

- قرية ابن السيد: محمد بن المصطفى وسارة /سعيد وكلير (فتاة كندية) مشروع زواج.

- صرخة المصابيح: سعيد الحاكي ولبنى

- شجرات وخرائط: فحص الخالدي وشادية

- أقفاص: عمران ووفاء، وعمران مع نادية...

ثانيا: الفضاء المكاني المرتبط بأوربا:

قرية ابن السيد: محمد بن المصطفى/ فرانكفورت ألمانيا...

صرخة المصابيح: علي بن محمد / فرنسا

شجرات وخرائط: عائلة فحص الخالدي/ الإقامة في باريس

أقفاص/ السيد عمران/ الإقامة في إسبانيا و بمدينة برشلونة بحي سانت بوا دي لوبركا وبباريس بفرنسا..

ثالثا: المشاكل الاجتماعية المرتبطة ببنية الأسرة المغربية ومحاولة اختراق القيود المضروبة بين الزوجين، كتحرر فحص الخالدي في نهاية المطاف بعد قرار انفصاله عن زوجته، وانفصال عمران عن زوجته نادية والارتباط بوفاء حبيبته الأولى التي توفي زوجها.

رابعا: البحث عن تاريخ الفرد والجماعة، الذي يولد صراعات اجتماعية بين ذوي الأرحام والقرابات..

وغيرها من التيمات التي شكلت حضورا قويا، وفعلا رمزيا يثبت النسج المسبق للكاتب، واستحضار المتلقي الذي يفك رموز هذا الترابط التاريخي والاجتماعي والنفسي بين فصوص الروايات، وفصوص الذات والمجتمع.

خامسا: حضور التفسير الفعلي للعنوان داخل المتن، ما يؤكد أيضا حسن اختيار عتبته الأولى ومقصدية الإبداع والتلقي.

  • قرية ابن السيد: الإشارة إلى سبب تسمية القرية بهذا الاسم: "فكان أن بقي التشجيع على استقطاب من يعلّم ويفقه في الدين ويؤم الناس في المسجد.. ولكن، لا نسيان لذكرى نور المكان المنير الفقيه السيد في هذه القرية: قرية (ابن السيد)."[16]
  • صرخة المصابيح: "قد أتفق معك. لكن الإشباع للكتابة لا يكون عندي إلا مع إيفاء المكان حقه واستحضار تفاعلاته. ربما أحذف هذه الفقرات في كتابة صرخة المصابيح. ربما الصرخة هي للأمكنة إلى جانب التحف الفنية." فحسن إمامي يركز على فعل السبق التأويلي للعنوان بشرحه في كثير من مواقف الرواية، وهو ما يشترك في كل الروايات مع اختلاف في الصيغة والسبيل الذي يشتغل عليه المؤلف لإيصال الفكرة. ففي هذا الحيز نلحظ استغراقه في تحديث صفحة الرواية بتخليق صفة الباحث عن العنوان المناسب للرواية، فيجعل الصرخة أكثر مناسبة للأمكنة، وأن التحف مبرر وجودي لفعل نبش التاريخ ونهشه.
  • شجرات وخرائط: ومما يمكن التركيز عليه في هذه الرواية، أن الخيط الرابط أثمر تواترا فعليا لحركة الخريطة التي تؤثثها الشجرة؛ والشجرة هنا تتوزع بين التعريف الحقيقي لها كونها نبات الأرض خاصة مع الشجرة/ الرمز في حديقة بيت فحص الخالدي، والشجرة/ البحث عن تاريخ أسرة الزوجة: "فما دام بحثنا في الشجرة وفروعها المتطورة وتوظيفاتها المتشعبة حياتيا، فلا بد له أن يجعل أساس غرسها أصيصا مغتنى به ومكتملا في مواصفات الرعاية لشجرة قد تكون في حجمها أكبر من إطاره."[17]
  • أقفاص:

نقف هنا قليلا لتحديد تعريف القفص كما جاء به حسن إمامي في روايته، حيث نؤكد أن القفص لم يثبت فعله باعتباره سجنا ماديا فقط، بقدر ما تجاوزه إلى فعل نفسي يعيشه الإنسان في حياته إثر كثير من القيود التي يسجُن بها نفسه، أو تتحرك دواليب الآخر لتفعيلها.

  • هناك القفص بمعناه اللغوي، ويظهر جليا من خلال اعتقال مجموعة الطلبة الذين خاضوا مظاهرات أو حركات أغضبت السلطات، كالحبس الانفرادي الذي حكم عليه به فأقام سبع سنوات عجاف[18]،
  • ثم الانتقال إلى سجن ثان أكثر رحمة؛ لكن القيد النفسي أثر بشكل واضح على سير حياته. يقول حسن إمامي في هذا الصدد: "رغم أنني لم أستسغ وجود جهاز مراقبة على مشاعري لم أجد بديلا أفضل. راسلتُ أسرتي الصغيرة بالبلدة، وراسلت وفاء. تلقيتُ جوابا وردا من الأولى، بينما لم يأت خبر عن الثانية، أقواس جديدة فتحت داخل هذه الأقفاص التي أعيش فيها."[19]
  • القفص الذهبي؛ بيت الزوجية، الذي رأى فيه قيدا تحرر منه فعليا حينما قرر عمران الانفصال عن نادية رغم تعلقه بها: "قبَّلها ومسح دمعة ساخنة بشفتيه... حرية جديدة وتحليق جديد. هكذا رفرف في دواخله همس بطاقة جديدة يحتاجها لعيش ما تبقى له من هذا العمر."[20] وهي ضرورية ليعيش هذا الفضاء الزماني والمكاني، وينعم بالحرية من القفص الصدئ أو القفص الذهبي: "عزوبية جديدة هي، لكنها ضرورية لكي يعيش بهذا الارتياح. لقد عاش القفص الصدئ وعاش القفص الذهبي."[21]
  • قفص المدينة والوطن، إذ اختار العيش بعيدا عن وطنه متحررا من كل القيود التي رآها كاتمة لصوت الكلمة والتعبير، وخافضا رتبة الزمان والمكان: "ربما هو حلم شعري ومتخيل يحلق به من جديد كنورس كل مرة في فضاء."[22]
  • القفص الفكري؛ فنسجل اعتراض السيد عمران على استغلال ملف حقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني، فكانت ردة فعل كبيرة جعلته "يستقيل من مهامه الرسمية ويعيش حريته كمثقف وأديب."[23]
  • القيد الزماني والمكاني، وقد اعتبر عمران تحرره الفكري تحررا من "المكان والمؤسسات" فعاش بالديار الإسبانية ثم الفرنسية حالة الشرعية بإقامة ثقافية ومشاركة فعلية في الأنشطة واللقاءات التي تؤسس لفعل التحرر والعودة للقيد الاختياري التطوعي بالارتباط بوفاء الحب القديم: "وزن الحرية الذي رأى به عمران بن يوسف موجة وروح السيدة وفاء، زادته فرنسا سحرا وفك ارتباط بهواجس أفكار تملّكته وقيدته كثيرا."[24]
  • حضور القفص في عتبة الغلاف، وفي سطور المسرحية التي أخرجها عزيز زكرياء، والتي أضاف إليها السيد عمران مشهد الأقفاص: "ربما هي البيان الأخير والفصل الأخير الذي سيتضمن رحلة النورس في البحث عن الحرية والتخلص من أغلال الأقفاص. سيتلقى بعد أيام ردا إلكترونيا يتضمن تصورا لمشهد جديد ينضاف إلى المسرحية دائما."[25]
  • قبل غلق صفحة رواية أقفاص وما تتميز به من خصوصيات الإبداع، نقف وقفة قصيرة عند دلالة الرقم (سبعة) وحضوره الفعلي القوي في ثنايا الأحداث، ونؤكد مقصدية الكاتب في هذا الحيز إذ يختار هذا الرقم وما يكسبه من مرجعية صوفية، لا مجال للتفصيل فيها، ورؤية ثاقبة للمرجعية القرآنية من خلال قصة يوسف عليه السلام. وقد استدرك الكاتب عدم تحقق رقم 7 في معادلة رياضية أثبت قولنا السابق. يقول في إحدى فقرات الرواية: "قفص الحياة الخارجية: ثلاث عشرة سنة، أربع عشرة إلا واحدة. وقع الاستثناء ولكن لم تكتمل السبع التي تحدث البركة في الذكر."[26]

 

خلاصة:

تبقى القراءة الحالية مجرد تساؤلات تنتظر البحث والتنقيب، ما دام المبدع ذاته وقف الموقف نفسه في نهاية أغلب رواياته. وقد استغل كذلك فضاء الإبداع ولغة المثقف الواعي الملتزم بدوره في تحقيق التواصل مع القارئ سواء بسرد الحدث والاعتماد على الميتاسرد الذي يفبرك الرواية ويجعلها بين يدي القارئ الذي يواصل فعل الكتابة؛ أم بفعل التأريخ اليومي والتواصل بالمتلقي عن طريق اللقاءات والندوات والملتقيات...

فكرة التأريخ وحضور التاريخ في الرواية المغربية، والاشتغال على الوقائع التاريخية إما كونها حقيقة لا مفر منها أو باعتبارها محطات تستوجب إعادة النطر، أو بتغليط القارئ أو خلق وقائع تاريخية متخيلة.. كلها سبل تستوجب الوقوف في محطات أكثر عمقا.

27 ربيع الثاني 1438 الموافق لـ26 يناير 2017.

 

[1]- حسن إمامي، شجرات وخرائط، مطبعة وراقة بلال، فاس، ط. 1، 2016، ص. 26.

[2]- عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة (ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر- الكتاب الأول: في طبيعة العمران في الخليقة...)، دار الفكر بيروت، ط. 1، 2004، ص. 47.

[3]- حسن إمامي، قرية ابن السيد، ص. 203.

[4]- حسن إمامي، قرية ابن السيد، ص. 6.

[5]- نفسه، ص. 54.

[6]- قرية ابن السيد، ص. 18.

[7]- نفسه، ص. 22.

[8]- شجرات وخرائط، ص. 18- 19.

[9]- صرخة المصابيح، ص. 84.

[10]- نفسه، ص. 176.

[11]- نفسه، ص. 178.

[12]- قرية ابن السيد، ص. 149.

[13]- أقفاص، ص. 18.

[14]- نفسه، ص. 116.

[15]- شجرات وخرائط، ص. 22.

[16]- قرية ابن السيد، ص. 10.

[17]- شجرات وخرائط، ص. 62.

[18]- أقفاص، ص. 5.

[19]- أقفاص، ص. 28.

[20]- المصدر نفسه، ص. 72.

[21]- نفسه، ص. 75.

[22]- نفسه، ص. 103.

[23]- نفسه، ص. 108.

[24]- نفسه، ص. 110.

[25]- نفسه، ص. 134.

[26]- أقفاص، ص. 58. (ورد في الرواية قول الكاتب: ثلاثة عشر سنة)