Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu

القديد الكندي وسياج الأساطير

 

القديد الكندي أو سياج الأساطير:

إنها ليست وصفة شهية للأكل،هو عنوان لفيلم أمريكي ،لصاحبه المخرج مايكل مور،أخرجه سنة 1995القديد الكنديcanadien bacon.

ما في الحكاية مثير للسخرية.ويعتبر من أنجح الأفلام الأمريكية التي انتقدت السياسة الأمريكية وعَرت الأكاذيب التي تقوم عليها.وحينما نقول الأكاذيب،فهي لعبة السياسة،خطاب مغلف بصورة يريد التأثير في المتلقي لإقناعه بقرار أو تهييئه لفعل وسلوك.والمتلقي هنا هو المواطن الأمريكي بالأساس،الذي يعتبر أكبر المخدوعين في العالم،أو لنقل  أكبر أغبياء العالم.فهو داخل هرمية الدولة والمجتمع،يقولب في إطار نمطي رأسمالي إنتاجي واستهلاكي،لكن لا يمتلك داخله وعي السياسة الكبرى لهندسة الهرم ومداخله ومخارجه وسيره عبر موكب التاريخ...

هكذا يكون هذا الأمريكي أكبر وأضعف رأي عام مستغل من طرف وسائل الإعلام.ولم تسمى وسائل الإعلام هذه بالسلطة الرابعة عن فراغ،بل لكونها المحرك والمروج والمواكب لتوجيه تراكم الأحداث من صنع قرار وتهييئ تربة غرسه وتنفيذه،إلى إنزاله على أكبر مستهلك ومتلق له،وهو هنا الفرد الأمريكي...

في مشاهدة الفيلم سخرية نهاية صراع  الشرق ـ غرب،بقرار  الاتحاد السوفيتي الخروج من اللعبة التي أنهكت قواه.بحثت الدبلوماسية الأمريكية وتوسلت لبقاء الدب الأبيض في لعبة الشطرنج العالمية.قامت بإغراء الدب بالغدق الاقتصادي،يئست من تراجع رمز الشرق الاشتراكي عن قرار خروجه من اللعبة،لجأت إلى العض والقمش وغيرهما من الوسائل البدائية لإثارة غضب الدب الأبيض ورجوعه.لآ أمل إذاً. بقيت الولايات المتحدة الأمريكية بدون عدو خارجي.ما العمل’ لم يعد سؤال لينين،بل أصبح سؤال الليبراليين. تفاصيل الحكاية في الفيلم،تذهب بعدم وجود خصم منطقي الى جعله في كندا.وكيف تصبح الأخت الصغرى من الرضاعة في انتشار الرأسمالية الأوربية والامبريالية الليبرالية عدوةً؟كيف؟.... ذلك ما أججت به وسائل الإعلام الرأيَ العام،فأصبح الأمريكي مهيأً لمحاربة كندا ومحاربة القديد الكندي... وفرجة ممتعة.

سخرية الفيلم،تبني أسطورة.والأسطورة ستكون لعبة سحرية تمارس في السياسة،توظف الأكاذيب،تلفق الأحكام،تتلاعب بحقائق الواقع والتاريخ،فتصنع بها حقائق ملفقة مفترضة،وتصنع بها قرارات سياسية وتقحمها في صراع المصالح،ضاربة على أوتار السلم والحرب وإزهاق أرواح الأبرياء...

هكذا نستفيد درسا تاريخيا معقدا،لعل امتحانه خطير لأنه يشتغل على قيم إنسانية وعلى مصيرها،حيث السلام مهدد،والأمن مهدد،والعدالة غائبة،والاستقرار مهتز،وحياة ملايين الأبرياء تكون في مهب الريح،في كل تحويل لبيدق اللعبة من موقع لآخر.

درس التاريخ يبين أن اللعبة تحتاج دائما الى عدو خارجي للتحكم الداخلي،وكيف تلعب الأساطير دورها القوي في تحصين مناخ اللعبة والتحكم فيه.عنصر التشويق في الحكاية ينتقل إلى عامل تخويف ورعب وترهيب،إلى شلل سحري يمارسه الساحر ـ وهو هنا السياسي ووسائل إعلامه ـ على المتلقي والمتابع للعبة الذي بقدرة قادر أصبح داخلها.ومع مفهوم العولمة أصبح الكل داخل هذه اللعبة،من هدية الاستهلاك إلى العصا السحرية التي تحول بريق النجوم الاحتفالية إلى أشعة ليزر صاروخية تفجر أركان العالم حيث هي مصالح العولمة الامبريالية مهددة. وليبارك الرب الاحتفالية والمجزرة على رسم شفتي الساحر في لعبته الأسطورية. فهل يمكن ان نقول نحن، انه بمجرد استهلاكنا للمعلومة نصبح ضحايا تبعاتها وتداعياتها...؟؟

لن تكون الأسطورة خرافة إذاً.هي توظيف للخطاب بلغة العصر.توظيف للرمزية المستمدة من الواقع،ومن التاريخ،والدين،والخيال،والمنتوج الثقافي... لأجل صنع حكاية،لأجل جعل سياجٍ لدائرة الجماعة المتلقية للحكاية،إقحامها داخل اللعبة، فرض قوانينها على المتفرج الذي أصبح أداة خاضعة لصيرورة اللعبة،مستفيدا وضحية لها في نفس الآن.

هكذا يمكننا استفادة درس تاريخي نفكك به وظيفة الأسطورة عبر التاريخ الإنساني،والذي وصل أوجه في الحرب على العراق،في المشروع الصهيوني،وفي غيرهما من مشاريع الساحر العم سام،بين إنتاجه الهوليودي وصواريخه العابرة للقارات والمحملة بالمساعدات،وأي مساعدات.. وفرجتكم ممتعة مرة أخرى على مسرح هذا العالم مع القديد الكندي،والأساطير المؤسسة لحكايات.