Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
المراسلات ـ يوغرت بالفنيلا 3، قرية ابن السيد

المراسلات ـ يوغرت بالفنيلا 3، قرية ابن السيد

4235737552_e409c82185.jpg6059425624_c32c49297f.jpg4419337865_f7b017fcdc.jpg
 
  ....
ـ وجبة شهية الآن... تفاح و يوغورت بنكهة الفنيلا..
ـ شكرا سارتي ... أنا الآن مستعد لتقاسم سر المراسلات التي سكنتني في الكتابة حتى هذه اللحظة ...
ـ جميل جدا . و أنا مستعدة كتلميذة نجيبة لمتابعة سرد سرك الجميل ...
ـ تتذكرين يوم ذهبنا لمشاهدة فيلم كيفن كوسترنير ... ساعي البريد    the postman , kevin costner   ، الفيلم الذي نال جائزة أسوأ إخراج تلك السنة ....
ـ نعم  كان فيلما طويلا و مكثفا بالدلالات ... ربما هي سبب نفور الجوائز عنه ... ههه
ـ صحيح ... في رأيي هو أحسن فيلم شاهدته تلك السنة ... أولا كانت أحداث البوسنة والهيرتزك وانقسام يوغوسلافيا وقيام تلك الابادة والحروب الاهلية الدموية الوحشية ... ثانيا كانت الحركات المتطرفة باسم اللغة والجنس التي أخذت تتغذى سواء داخل المغرب و خارجه ... لقد لاحظت في تلك الفترة حالة الانكسار التي كنت فيها ... كشظايا مرايا فقدت بريقها و بهاءها . كأجزاء قمر سقط من عليائه ، وتوارى عن دوره البهي و الفضي والاشعاعي ... حيث لا دليل يساعد به أو دور كوني عنده ...لا زلت مسجلا مذكرات تلك المرحلة التي وجدتها قاسية على وجداني ... رغم تسلحي بالايمان . ورغم تعاملي  المحاصر للمسألة حتى لا تؤثر على حياتي الاسرية والمهنية ... رغم كل ذلك ، كنت الانسان الذي ينتمي الى الانسانية ... الانسان الذي يشترك مع الآخرين الحياة فوق هذه الأرض ... جمعت فراشة الايمان و لحفت بها قلبي . وفتحت لوحة الحياة البشرية الطبيعية حتى يدخلها الكل ويعيشها  طبيعة مشتركة ... يومها اكتشفت أننا نلعب بنار و بوقود هذه النار ... يمتلك الانسان وسائل الدمار و يغامر بالتلويح بها كل حين ، ولا يعلم خطورة رجعها على ذاته ... وجدته أعمى في رؤيته للوجود ... يرمي بانفه لأجل الرائحة الأولى التي يريد أن يلتهما فريسة وينسى تهلكته في هاوية ما رمى نفسه فيه ... حين مشاهدتي الفيلم ، انفطر قلبي ... وجدت له تعبيرا فيما بعد في أبيات شعرية التقطتها في إحدى قراءاتي لشعر المتنبي .. أظن لا زلت مسجلا الصفحة برابط خيطي في ديوانه في المكتبة ... انتظري لحظة سآتي بالديوان ...
أخذت سارة تفاحة من فوق الطبق ... دحرجت  السكين حول قشرتها منقية لها من شوائب غير مرئية.. جزءتها أطرافا صغيرة ... وضعتها في صحن صغير مقعر ... سكبت عليها بواسطة ملعقة صغيرة اليوغورت الفانيلي المركب باطراف اللوز المقرمش ... مزجت كل ذلك يعناية هادئة ... لما عاد محمديها ، باغتته بملعقة المزيج لفمه ، تناولها كطفل صغير مستعملا شفتيه في التقاط محمولها ، بينما يديه مشغولتان بالكتاب والصفحة المعلَّمة بداخله ... بعد أن انتهى من استلذاذ ما أكله بادر إلى قراءة الأبيات التي سكنت روحه قبل الكتاب او الديوان الموجودة فيه :
أدرن عيونا حائرات كأنها ــــــ مركبة أحداقها فوق زئبق
كأن جفوني على مقلتي ـــــ ثياب شققن على ثاكل
إن خير الدموع عونا لدمع ــــ بعثته رعاية فاستهلا
تلج دموعي بالجفون كأنما ــــ جفوني لعيني كل باكية خد
هذه ابيات متفرقة للمتنبي ... لما قرأت شرحها وتفسيرها  زادت توغلا في شجون وسجون نفسيتني المكلومة بآلام الانسانية المتهورة ...
ـ تعلم أنني أحتاج منك الى شرح هذه الأبيات ... إنما وقع الدموع واضح في التعبير عن بكاء واسف و الم ... ما علينا يا عاشق المتنبي ... كنت تتحدث عن الفيلم ، وها أنت تعود الى العهد العباسي ...  قافزا حتى على العهد العثماني ... ههه
ـ ما أثارني في الفيلم ، العنوان أولا ... دور ساعي البريد في إحياء حركة حياة وبعث أمة من رماد وركام حروب مدمرة ... تخزين الرسائل لأفكار تعتبر  نبراس نور ومستقبل مشرق جديد ... ما التقطته من الفيلم عبرعن الواقع في دواخلي وأنا أستحضر الحروب الأهلية القائمة .... ها هي أمريكا تربي أجيالها على التماسك ، بينما الواقع الدولي في تمزق ... كيف يزيد البلهاء في تدمير أنفسهم بينما لم  يستفيدوا من أن قوة الأمم في تنوعها وغناها الثقافي والحياتي العام ... لقد كانت دائما المراسلات جسرا كلاميا يمهد لجسور التلاقي بين القلوب والشعوب ... حيث إن أفكار الانسان هي التي تسافر بينما يبقى هو في مكانه ، فتنوب عنه في خلق التفاعل و الحياة الجديدة ... حتى الباخرة الكهربائية ، استوحيتها من فيلم لنفس الممثل كيفن كوستنر ...