Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل الثقافة و السياسة

الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل الثقافة و السياسة

الإنسان كقيمة ثقافية : مدخل الثقافة و السياسة

بقدر ما تكون الثقافة وصفا و نتاجا إيجابيا، بقدر ما يمكن أن تكون شكلا تمويهيا و تضليليا يبعدنا عن الواقعية و الموضوعية. ذلك أن جدلية الواقع و التاريخ و المادة و القدر، تورث في الإنسان ل أشكال التناقضات، بما فيها التناقضات الثقافية.

لكن هذه التناقضات تعمل بالسلب و الإيجاب، و يكون على وعي الإنسان إدراكها و التمييز بين خصائصها و أسبابها و سيروراتها و نتائجها. و هنا يكون التركيز حين الحديث عن الوعي، على دور الثقافة المسماة تنويرية و تقدمية، و التي برهن التاريخ على دورها الحضاري و الفلسفي و العلمي، في تشكيل هذا الوعي الجديد الذي يتجاوز أشكال الوعي القديمة التي فقدت بعض مكوناتها صلاحية استمرارها، و التي حلّت محلها بدائل أكثر منطقية و إقناعا.

و لابد من استحضار الصراع الإيديولوجي و الفكري، كذا تضارب المالح و البنيات السياسية و الاقتصادية و الثقافية الممثلة لها، في حديثنا عن هذا الوعي التنويري و التقدمي، و إلا لن يكون واقعيا أو موضوعيا تحليلنا.

ستكون المصيدة المتربصة بالعقول هي الحلقية الوجدانية و الروحية التي تتمزق مع جراح الوجود و حرقة الأسئلة المرتبطة بها. ذلك أن الرفض الجديد يكون بخلق الخوف و الهلع من ازدياد آلام الجريح، ذلك الوجود المتورم في فؤاد كل كائن إنساني واعٍ.

و من أجل إعطاء تشخص أبسط للظاهرة المرتبطة بالإنسان ككائن ثقافي، نشير إلى ظاهرة التسلط السياسي المادي و المعنوي الذي تمارسه القيادات في المؤسسات الرمزية و المعنوية المختلفة على أتباعها. خضوع تطور بالتطويع الترغيبي و الترهيبي، القسري أو الاختياري النفعي نسبيا.

فالسياسة مدخل لفكّ شيفرات الثقافة و أشكال استغلالها في إخضاع العقول و الإرادات، كما أن الثقافة محل الفضح لهذه السياسات و صراعاتها الإيديولوجية و التاريخية.

إن هذا السياق قد يفسر لنا إذا انرناه أكثر، لماذا تتعقد الظاهرة الثقافية بين فئات و طبقات المجتمع. و ما دام مجتمعنا المغربي كباقي المجتمعات، له نفس خصوصيات المجتمعات البشرية، فإن إشكالية التصنيف الطبقي و التفييئي أكثر تعقيدا و استعصاء على الفهم عند جل المحللين السوسيولوجيين و التاريخيين و الاقتصاديين.

طبعا، لم يكن غرضهم التسرع في الاستنتاج و إعداد الحكم و إقرار القواعد و أشكال المنطق المتحكم في الواقع. لذلك احتاجت دراساتهم لمجهود أجيال و تضافر جهود، و تعمق في نسيج المجتمع و فكّ خيوطه و محركاتها العميقة في النفس و الروح كما في التاريخ و التراب.

إن هذا السياق يفسر مثلا لماذا تكون الانتخابات خليطا هجينا لا يعبر عن منطق منظم و مرتب، و لا يمثل طبقات المجتمع بمصالحها و مطالبها و دفاعاتها.

سنقول إن المؤسسات الحزبية أصبح باستطاعتها جذب الطبقات و فئات مختلفة داخل مرجعية و خطاب يأخذ طابع الوطنية و الالتزام بالمرجعية الدستورية و الاختيار العام الذي ينطوي فيه الاختيار الخاص ذو الأولوية عندها. لكن ذلك لا ينمحي معه وجود الآكلين من الكعكة و المتغذين على فتاتها. لا ينمحني معه تربية فئة عريضة على قيم استرزاقية تعمل على التمثيل المسرحي الذي يخدم إخراجا مسبقا و ممنهجا لحياة سياسية هجينة لا تمثل واقعيا طبقات المجتمع بقدر ما تمثل خدمات لفئات متحكمة في آليات إنتاج المادة و الفكر بدون أن نجعلها متألهة طبعا. لكنها تستغل المسألة التألهية لكي تطوّع المستعصي ماديا و ذهنيا. توظف المؤسسات بخطاب و مراقبة و توجيه و تحكُّمٍ. هناك مستفيدين كبار و مستخدمين صغار، إن لم نقل منخدعين بما لا يعلمون وجوده من أشكال ريع مادي و سياسي و اجتماعي ثقافي.

تنقضي الحملات الانتخابية و يبقى على خوائه و جهله و فراغه ضحية المرتشي بصوته أو بوق صراخه و انتفاخ بطنه ببرامج و موائد الآخرين.

أي اعتبار يمكننا إعطاؤه لبرامج سياسية تعتبر ما هو ثقافي و تربوي هامشي في حملاتها و أهدافها، يغيب عن خطابها و تنزيلها لبرامجها بمجرد انتهائها من الصياغات الأولى لبيانات تنظيم و تأسيس أحزابها و هيئاتها. لو كانت البرمجة المؤسساتية الحزبية تمر عبر امتحان التربية و الثقافة و الخلاق الديمقراطية، لربما تخلصنا من ثمانين في المائة من الأحزاب القائمة اليوم و من سماسرتها و أبواقها الموسميين، جنود رقعة الشطرنج.

السؤال المطروح سيكون حول مدى وجود ثقافة هجينة تنتج هذه السياسة الهجينة؟

و سيكون الجواب هو الرابط المنطقي مع حديثنا حول جدلية السياسي و الثقافي، و جدلية الإيجابي و السلبي داخل العمل الثقافي و تناقضاته.