Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
متاهات 9 بين الحاضر و المستقبل أي سبيل؟

متاهات 9 بين الحاضر و المستقبل أي سبيل؟

متاهات 9 بين الحاضر و المستقبل أي سبيل؟

3ـ المعيار الحضاري :

في مقاربة هذا الموضوع المدافع عن التجديد، سنأتي لتتناول أمثلة تاريخية، و أخرى معاصرة، لكي نبرهن بالملموس على كون الإسلام قابل للتجديد، ليس بالوصفة الخادعة التي يروج لها بعض العلماء المتقوقعين داخل رداء الأنظمة الحاكمة باسم الدين، و  لكن بوصفة الموضوعية التاريخية و العقل المتعالي عن الخداع و إخفاء استغلال الدين من أجل المصالح الفئوية أو الجندرية الذكورية او الطبقية و السياسية.

فيما سبق تبين على أن قبضة الرقيب الفقهي محكمة على مثل هذا الموضوع. و هي قبضة تتجمد مع النص المنطوق و لا تذهب إلى الغوص في حكمة الشريعة و مقاصدها التي أرادتها للإنسانية راقية و متماشية مع القيم العليا التي تجمعها من أجل وحدة خلق في عشق الخالق و طاعته هرومنيا.

و دائما نجد في اجتهادات كبار الصحابة ما يعزز الدعوة إلى التجديد في الاجتهاد و في التصور. سنجد عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمثلة كثيرة و قوية تبرهن على إمكانية و صحة تطوير الأحكام وفق المقاصد لا وفق النصوص.

كم هي المحطات التي وقف فيها عمر بن الخطاب معارضا بالعقل ظاهر النصوص، حتى حين نزولها. كم هي المحطات التي استغرب فيها العقل من سلوك و لو كان تعبديا لمخالفته براهين المنطق و روح العقيدة.

استغرابه من التمسح و من تقبيل الحجر الأسود. رفعه العمل بالنص القرآني الذي يجعل قسمة الغنائم الثابتة من أراضي فلاحية مثلا بين المجاهدين الفاتحين، و دعوته إلى جعل خراج أو جزية أو ضريبة على أصحابها و إبقائها بين أيديهم حتى يتم الحفاظ على المصالح الاقتصادية أولا، و على مصلحة الجهاد و الفتح ثانيا. ذلك انه إذا اخذ المجاهدون الأراضي، فمن سيتطوع للجهاد و يستمر في الدعوة للإسلام؟

و بالمقابل، طوّر عقوبة شارب الخمر من أربعين جلدة إلى ثمانين قياسا على عقوبة القذف و بناء على قياس و اجتهاد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

رفعه الدعم الذي كانت تأخذه فئة المؤلفة قلوبهم رجاء دخولهم في الإسلام، و اعتبار الدين في غنى عن هذا الاستلطاف.

و هذه هي النصوص التي تسجل له الاجتهادات قبل أ ن نعود لتحليل وظيفتها في سياق موضوعنا هنا بحثا عن المستقبل للعقل و الحضارة الإسلاميين :

الفيء خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه كيف شاء وفيه يقول الله تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .{الحشر: 7}.

وأما الغنيمة : فإنها تخمس فأربعة أخماسها للمقاتلين والخمس الباقي لبيت مال المسلمين يصرف في مصالحهم العامة وفيها يقول الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. {الأنفال: 41}.

عن موقع إسلام ويب (http://fatwa.islamweb.net/fatwa).

يقول تعالى : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"..(التوبة :60 ).

يقول عابس بن ربيعة رحمه الله: رأيت عمر بن الخطاب استقبل الحجر، ثم قال: إني لأعلم أنك حجر، لولا أني رأيت رسول الله   يُقَبِّلك ما قَبَّلتك، ثم تقدم فقَبّله.

وفي رواية أخرى: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، رأيت أبا القاسم   بك حَفيًّا. يعنى الحجر الأسود.

قال العلامة الطبري رحمه الله: إنما قال ذلك عمر   لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية.

عن موقع :islamstory http://islamstory.com/

ننتقل للتعرف على موقف عمر عام الرمادة، و كيف عطّل قطع يد السارق لكي نستفيد فلسفة تطوير الأحكام و إمكانيتها مع النصوص الشرعية القرآنية و الحديثية، و لكي نبين ان الغرض هو المقصد في التحقيق و ليس الحكم في التطيبق.

 رُويَ أن غلمانًا لابن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه سرقوا ناقة لرجل من مُزَيْنَة، فأتى بهم عمر، فأقروا، فأمر كثيرَ بن الصلت بقطع أيديهم؛ فلما وَلَّى ردَّه ثم قال: "أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حَرَّمَ الله عليه لحل له، لقطعت أيديهم"، ثم وجَّه القول لابن حاطب فقال: وايم الله إذ لم أفعل ذلك لأُغَرِّمَنَّك غرامة توجعك! ثم قال: يا مُزَنيُّ، بكم أُرِيدَتْ منك ناقتُك؟ قال: بأربعمائة. قال عمر لابن حاطب: اذهب فأعطه ثمانمائة[.

عام الرمادة: وقعت أزمة في عهد عمر الفاروق عام 18ه، تمثلت في حصول قحط شديد بين الناس في أرض الحجاز، فقلَّ الطعام، وجفت ينابيع الأرض،  فكانت الريح تأتي على الأرض فلا تُسْفي إلا ترابًا كالرماد، حتى سُمِّيَ العام الذي وقعت فيه عام الرمادة.

أمثلة كثيرة سقناها على سبيل المثال لا الحصر. الغرض منها تبيان إمكانية تطوير الأحكام بما يتوافق مع الظروف المعيشية و التاريخية، و كون فلسفة الإسلام تربية و تطوير و ليس تصيّد للناس لإيقاعهم في العقوبات و هدر الدماء. ما يعني ان التربية تدرج يريد بلوغ المقاصد السلوكية. ما يعني ان الأساس هو المقصد و ليس الوسيلة. فإذا توفرت وسائل جديدة او أصبحت القديمة غير كافية، احتجنا إلى تغيير الوسيلة. و هنا الوسيلة عمل فقهي يتضمن احكاما تحتاج إلى التطوير من أجل بلوغ الهدف.

فماذا سيكون هذا الهدف إذا؟

الهدف هو البحث عن التطور و عن مواكبة الركب الحضاري الإنساني و جعل الشعوب الإسلامية متحررة من قيود كبلت قدرتها على التطور و التقدم.

الهدف هو فك الأغلال الداخلية قبل البحث عن القيود الخارجية. جعل المنظومة الدينية متحركة وإيجابية في خدمة قضايا العصر و اندماج المسلمين داخل الصيرورة الحضارية و المدنية للإنسانية.

لن تكون هذه الدعوة مثالية إذا بدانا اهتمامنا بالإنسان كقيمة كبرى و شخصية لها كرامة و حرية و مساواة تنعم بها. تفعيل سبقتنا إليه المنظومات المعاصرة الحقوقية في التحقيق، بينما نحن نتأرجح بين التغييب و التعليل.

و لعل المساواة الحقيقية تبدأ مع وضعية المرأة داخل المجتمع، و طريقة تطويرها لأجل تقليص التخلف التربوي عن المساواة و الإحساس بالكرامة و قيمة الذات عندها كامرأة، و عندنا نحن كنتاج عقلية و تربية.

يتكلم العلامة عبد الرحمن بن خلدون عن الحضارة و العمران. يميز بين عالم البداوة و عالم التمدن و الحضارة و العمران. يلاحظ أن العقلية البدوية التي تأتي بمرجعية فكرية و قيمية مرتبطة بالبيئة البدوية يمكنها أن تخرب العمران لأنها لا تعرف قيمته الموضوعية و الحضارية. لذلك تدوولت العبارة : إذا عُربت خُربت. و لعلها ملاحظة موضوعية تعكس ما قام به الفاتحون المنحدرون من أوساط بدوية في تعاملهم مع أشكال العمران و الحضارة و المدنية داخل البلدان التي فتحوها. ذلك أنهم تنمحي عندهم قيمة هذه العناصر، و ترتسم في أذهانهم فكرة واحدة اندفاعية هي الجهاد و القتال. و لا ننس أن الحافز لتشجيعهم على الجهاد كان ماديا و روحيا. و هو في نسبة مائوية كبيرة منه حافز دنيوي، ما دام يعد بالغنائم و الفيء و القسمة لها داخل الأربعة اخماس دون الخمس الذي يبقى لله و للرسول... كما في آية الفيء السالفة الذكر.

ــــــــــــــــــــــ

هل تاهت بنا الطريق في التحليل؟ لا طبعا. التقاطعات المشتركة بيْن هذه الأمثلة و الملاحظات و بين موضوعنا، تبين أن الهمّ و اليمّ واحد. و أنه كلما تطورت المدنية وجب تطور شكل ممارسة الإسلام معها، و إلا فأشكال البداوة ما تزال تهدد تطورها و تطوره كدين حضارة. و لنا في الواقع اليوم داخل هذه الحركات الأصولية خير مثال على تشعب و تشبع فلسفة التدمير و الخراب و سفك الدماء و قطع الرؤوس و سحل الأجساد و حرق الأفئدة قبل الأرواح.

داخل مساجدنا كمسلمين، ما زلنا نمارس العبادة بأشكال متسخة و متعفنة. يسجد الواحد منا حيث يضع الآخر أخمص قدمه المتعرقة و المتعفنة بروائح النعال و الأحذية. يسجد الواحد منا و يشم رائحة الجوارب العفنة لمتقدمه. لم نستطع ان نجعل نظام صلاة طاهرة و منتظمة جماعة، رغم توفر جميع الإمكانيات.

داخل مساجدنا، ما زلنا نقعد على الحصير، و هو و إن دلّ على التواضع لله تعالى، فإنه بالعكس من ذلك يدل على تفاوت طبقي بين القطيع الذي ينتشر فوق بساط الأرض و العينة التي تجلس فوق الزرابي و المحاطة بالنقوش و الزخارف و اشكال جمالية ترفه عن الحواس.

داخل مساجدنا، لم نستطع ان نتصور وجود كراسي للجميع، و متكئات للظهر، و صفوف متباعدة بين الأنوف و روائح الأقدام... تركناها بدائية كما في مرحلتها الأولى.

فمن الحضارة و المدنية ان نفكر في رقي مثل هذا دفاعا عن كرامة الإنسان و قيمته في الوجود و الحياة، بمختلف مكوناته و انتماءاته و امتداداته. و الله سبحانه و تعالى يقول :

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿١٣﴾ . من سورة الحجرات.