Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
باب القصبة 23

باب القصبة 23

باب القصبة 23

22ـ

كثر اللقاء بين الحاج إبراهيم و السيد علال بن المهدي اليازغي. رابط الصداقة و العلاقات التجارية و الانتماء لمدينة مولاي إدريس زرهون. كان غرض الحاج إبراهيم هو البحث عن طريقة لتنظيم رحلة جماعية تتشكل من أعيان و شرفاء المدينة إلى الرباط. عساهم يكتسبون عطف السلطان فينقذهم من هذا القرار.

للسيد علال اليازغي رأي مخالف في الموضوع. أولا يأسه من احتمال اتفاق الجماعة على قرار واحد. خوفه من تخاذلها و عدم صمودها في القيام بخطة شجاعة. ثانيا، الحرقة التي تشتعل جمرا في قلبه و فؤاده. تلك الأرض الخصبة التي تحيال عليه فيها أحد الأغنياء الجدد بالعلاقات و النفوذ. أرض كانت سببا في وفاة أبيه المباغتة. هي الفقصة بلغة أهل البلد. مات بالفقصة مسكين. رغم محاولاته في استرجاعها، لكنه يتمنى لو سحقت و احرقت و أصبحت رمادا منثورا في السماء. كلما قرأ آيات الفناء، تخيّلها ذاهبة بتلك الأرض المغتصبة احتيالا. لم يكن المغتصب مستعمِرا، بل كان من ذوي بلدته بحسب ما يقول و يروي.

كلما التقى  الحاج إبراهيم صديقه علال، كلما بدا له تردده في الذهاب معه في قرار شجاع. يعلم أنه لن يكون من المتخاذلين. هذه طبيعة شخصيته و تربيته. تزداد تساؤلات الحاج إبراهيم. يحاول استكشافها في خطاب علال و لغته و حواراته.

يطول حديث علال عن نفسه و طفولته، تجده دائم التمركز حول الذات لدرجة إعجاب بها. إعجاب يجمع بين حب الحياة و عدم الخوف من الموت. درجة تجعل صاحبها أقوى في التحدي و أكبر في الشجاعة و الثقة في النفس.

في غيابه يسأل عنه أصدقاءه و أهله و معارفه. دائما يستجمع الحاج إبراهيم دقائق الأمور حول شخصية علال بن المهدي اليازغي. و لعل الغوص في تفاصيل تاريخها سيكون له تأثير جذري في تغيير طبائع شخصية الحاج إبراهيم و تطورها. لكنه لا يستطيع الحكم على هذا التغير أو هل هو إيجابي ام سلبي؟ ذلك الأفق في العلاقة مع شخصية علال، و الذي يشبه أفق ترقب لأحوال الطقس التي قد تجعلك في انتظار أبدي لا تأتيك بغيث. لعله كلما دخل إنسان جديد في حياتك، كلما احتجت إلى معرفة عمق واديِه  و مدى صفاء نهره، لكي تستطيع الغوص و العوم سباحة فيه، اغترافا منه، تمازجا مع روحه  و جدانه، تعلقا بذكراه و فقدانا لغيابه. هو الصديق إذا. و لابد للحاج إبراهيم أن يبحث عن خيوط مصاحبته و اجتراره لطريقه. و قد استجمع معلومات كثيرة و دقيقة حول سيرته و حياته.

سيكون سي علال اليازغي متعمَدَه في جبهة النضال. يخشى الحاج إبراهيم الخيانة. ليالٍ متتابعة سرقت منه لذة النوم العميق و المريح. كانت تلة باب القصبة في إحدى أحلامه مركبا فلكيا و بحريا، متزعزعا من مكانه. رأى فيه التلة شبه منجرفة إلى منبسط سهل بورياح. رأى وادي خومان دافعا لها بمصب نهري قوي نحو الهاوية، نحو منحدرات ترميها في أٌقدار المستحيل و المجهول. رأى عينيه و قد اغرورقتا بدمع النهر، فأصبحتا ممره الذي تسحقه التيارات المتضاربة و الصخور المرتطمة. رأى تلتيْ المدينة عينين فارغتين من سكون الليل أو وضوح النهار. استنتج رعب خوفه و تهديدا وجوديا بالتخلي. حتى سكناه باب القصبة جعل نفسيته متزعزعة. سلخه البعد عن المدينة أو الإقامة بخارج أسوارها.

ـ سحقا لمثل هذه الأحلام. هكذا رد دمع ذاته في عمق ليل سرى سرمديا مع مشكلة تهديد أرضه التي يريد المستعمر أن يجعل سكة الحديد فوقها و عبرها.

ـ كيف استطاع علال بن المهدي الصمود أمام ما تعرض له من غصب و تخاذل؟

حكاية علال، حكاية الأرض و التراب و حبة زيتون تدمع فرح و شفاء صدر. قصته قصة شاربيه اللذين يعتني بهما كثيرا و يوميا.