Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
نقطة زرقاء

نقطة زرقاء

استمال على جهة ذراعه الأيمن ، متكئا على العمود الاسمنتي المربع الذي يشكل أحد دعائم الطابق العلوي الوحيد لهذه البناية المدرسية القديمة ...

كان أخمص قدمه اليمنى متحملا لثقل هذا الجسد ، في وضعية استراحت فيها الرجل اليسرى بلمسة حذاء مائل إلى الخلف على حرف مقدمته الرقيقة ... استعارها مشهدا لوقفة حاكم في بهو قصره الفسيح ، غابت عن الصورة الرياض الجنان ، و النافورات ، و طائر الطاووس ،  و حور العين الدنيوي ... حضرت بدلها ساحة متدحرجة جرداء لملاعب رياضية يسكنها طيف صخبٍ تلاميذي في مباريات لها مثيلاتها في مخفيِّ مخزنه التذكري ..ز استرجع ذاته يرم كان تلميذا واقفا كعنصر في فريق للكرة الطائرة ، و التي لم يكن يتقنها بشكل محترف في الإنجاز ... تشتتت الذكريات و الأحلام اللاصقة بها مع صخب و دَوِيِّ طائرة سكرية تتدرب على حساب طبول آذان ساكنةٍ اصبحت حقل معارك أصوات تداريب ثكنة عسكرية للطيران يوميا ... بدا له أنها منتصرة يوميا في لقبها الحربي ، ما دامت تهزمه كل مرة في الحلم كما في اليقظة ، في العمل كما في لحظات الراحة الضرورية ... كم أوقف درسه و شرحه تحية لصفير الطائرات العابرة لسماء المدينة و المؤسسة التي يعمل بها ... كم استعان بوسادته لكي يغلق أبواب نوافذ أذنيه ، تضرعا لها بوقايته من صمم و خلل عصبي ذهني ... ( جميلة هذه الحداثة في بلدنا ) ، جملة مونولوغية حاور بها ذاته و ابتسم لها حين رقصها على خشبة اللغة و الحروف ...

استراح منه ذاك العمود الإسمنتي حينما اتخذ خطوات صامتة بين أعمدة أخرى تشكل أطلالا هندسية ، قد تخفي ظلالا غير ظلالها ،  و مجيء من كان في انتظارهم لهذا اللقاء التربوي ... عاود وقفته المائلة نسبيا مع عمود آخر ... هذه المرة كان دور ذراعه الأيسر و أخمص قدمه اليسرى ... تداعى الحلم ـ اليقظة ... هذه المرة لبسهما طول مدة الانتظارِ ، رحلةً مشتركةً ، كما يلبس الحوار في جمعه بين غرباء محطة قطار ، طال فيها الانتظار ... ارتعشت رموشه ، و تموجت شفتيه في غياب لحظة قبض على قلم و بياضٍ ورقي منفلت تلك اللحظة ... انتصر الخيال في تعاليه على المادة ، ناب عن كل الأشياء في رسم حروف مسافرة مع انطلاق بصره و رؤيته إلى ماوراء البنايات الواقفة أمامه ، و قمم جبال زرهون الممتدة بعيدا في ذلك المدى من الأفق ـ الحلم ، الماضي في الذاكرة حضورا و حيوية ...  سافر الخيال مع أخمص قدمه ، فجعله هذه المرة نقطة انتماء للكون الفسيح ، تقف كقلم يكتب بذهنه لغة الوجود كنقطة زرقاء تشكلها الأرض داخل مدارات لاهندسية  في الفضاء الممتد ... طقطق بمقدمة حذائه على مسمع العوالم الممتزجة بالأرض الإسمنتية و المتمثَّلَة في عقله المشتغل و المشتعل بهذه الأفكار ... خيال امتلك الذات و رمى بها في عبث الانتظار ، بينما لا انتظار في هذا الوجود ، فنهاياته من بداياته ... هكذا استحضر ما كتبه يوم أمس :

و هذه الروح ... ـ

... نقطة وصول

 نتسلقها منذ البدايات.

كما استحضر ما قرأه في الملحق الثقافي لجريدته المفضلة حول كون العدم لا شيء  من الوجود ... فالعدم نحن أما الوجود فلا عدم فيه ...

عبَرَت الشريط الذهني ، جملةٌ كقصاصة أخبار على شاشة تلفزيون ، أو حكمة عابرة ، أو لافتة تعبر الريح في السماء مع طائرة إشهار كما يراها في الأفلام ... : ( عبثٌ هو الوجود ، عبثٌ هي الحياة ) ... و كانت جملة عابرة ...

سافر الحنين سابحا في اللون الأخضر الداكن و الممتد على أجمة قمم تلك الجبال البعيدة ... في تلك الديار : طفولة ، عائلة للعناق ، ارواح للترحم ، ذكريات للاحتفال ...

عاد من معراجه  ورحلته بصوت سلام و تحية أنام ... دخل قاعة الندوة :

ـ عفوا ، لم نجد إدارة المؤسسة في الاستقبال ، و لا من يشغل لنا الإنارة و الكهرباء ... عرضنا الرقمي بالعارض الآلي data show ، يتعذر علينا إنجازه ، و هو فحوى اللقاء ... نشكركم على الحضور ، و إلى اللقاء .

نقطة زرقاء

مال جهة ذراعه اليمنى، متكئا على العمود الإسمنتي المربع الذي يشكل أحد دعائم الطابق العلوي الوحيد لهذه البناية المدرسية القديمة .
 كان أخمص قدمه اليمنى متحملا لثقل هذا الجسد ، في وضعية استراحت فيها الرجل اليسرى بلمسة حذاء مائل إلى الخلف على حرف مقدمته الرقيقة. استعارها مشهدا لوقفة حاكم في بهو قصره الفسيح، غابت عن الصورة الرياض والجنان، والنافورات، وطائر الطاووس،  وحور العين الدنيوية. حضرت بدلها ساحة متدحرجة جرداء لملاعب رياضية يسكنها طيف صخبٍ تلاميذي في مباريات لها مثيلاتها في مخفيِّ مخزنه التذكري. 

استرجع ذاته يوم كان تلميذا واقفا كعنصر في فريق للكرة الطائرة، والتي لم يكن يتقنها بشكل محترف في الإنجاز. تشتتت الذكريات والأحلام اللاصقة بها مع صخب ودَوِيِّ طائرة عسكرية تتدرب على حساب طبول آذان ساكنةٍ أصبحت حقل معارك أصوات تداريب ثكنة للطيران يوميا. 

بدا له أنها منتصرة يوميا في لقبها الحربي، ما دامت تهزمه كل مرة في الحلم كما في اليقظة، في العمل كما في لحظات الراحة الضرورية. كم أوقف درسه وشرحه تحية لصفير الطائرات العابرة لسماء المدينة والمؤسسة التي يعمل بها. كم استعان بوسادته لكي يغلق أبواب نوافذ أذنيه، تضرعا لها بوقايته من صمم وخلل عصبي ذهني. 

(جميلة هذه الحداثة في بلدنا)، جملة مونولوغية حاور بها ذاته وابتسم لها حين رقصها على خشبة اللغة والحروف. استراح منه ذلك العمود الإسمنتي حينما اتخذ خطوات صامتة بين أعمدة أخرى تشكل أطلالا هندسية، قد تخفي ظلالا غير ظلالها،  ومجيء من كان في انتظارهم لهذا اللقاء التربوي. عاود وقفته المائلة نسبيا مع عمود آخر. هذه المرة كان دور ذراعه اليسرى وأخمص قدمه اليسرى. 
تداعى الحلم ـ اليقظة. هذه المرة لبسهما طول مدة الانتظارِ، رحلةً مشتركةً، كما يلبس الحوار في جمعه بين غرباء محطة قطار، طال فيها الانتظار. ارتعشت رموشه، وتموجت شفتيه في غياب لحظة قبض على قلم وبياضٍ ورقي منفلت تلك اللحظة . انتصر الخيال في تعاليه على المادة، ناب عن كل الأشياء في رسم حروف مسافرة مع انطلاق بصره ورؤيته إلى ما وراء البنايات الواقفة أمامه، وقمم جبال زرهون الممتدة بعيدا في ذلك المدى من الأفق ـ الحلم، الماضي في الذاكرة حضورا وحيوية.  

سافر الخيال مع أخمص قدمه، فجعله هذه المرة نقطة انتماء للكون الفسيح، تقف كقلم يكتب بذهنه لغة الوجود كنقطة زرقاء تشكلها الأرض داخل مدارات لاهندسية  في الفضاء الممتد. طقطق بمقدمة حذائه على مسمع العوالم الممتزجة بالأرضية الإسمنتية والمتمثَّلَة في عقله المشتغل والمشتعل بهذه الأفكار. خيال امتلك الذات ورمى بها في عبث الانتظار، بينما لا انتظار في هذا الوجود، فنهاياته من بداياته. هكذا استحضر ما كتبه يوم أمس:

(و هذه الروح ... 
... نقطة وصول
 نتسلقها منذ البدايات.)

  كما استحضر ما قرأه في الملحق الثقافي لجريدته المفضلة حول كون العدم لا شيء  من الوجود. فالعدم نحن أما الوجود فلا عدم فيه.

   عبَرَت الشريط الذهني، جملةٌ كقصاصة أخبار على شاشة تلفزيون، أو حكمة عابرة، أو لافتة تعبر الريح في السماء مع طائرة إشهار كما يراها في الأفلام: ( عبثٌ هو الوجود، عبثٌ هي الحياة ). وكانت جملة عابرة. 

  سافر الحنين سابحا في اللون الأخضر الداكن والممتد على أجمة قمم تلك الجبال البعيدة، في تلك الديار:

 طفولة، 
عائلة للعناق، 
أرواح للترحم، 
ذكريات للاحتفال.

  عاد من معراجه  ورحلته بصوت سلام وتحية أنام. دخل قاعة الندوة :

عفوا ، لم نجد إدارة المؤسسة في الاستقبال، ولا من يشغل لنا الإنارة والكهرباء. عرضنا الرقمي بالعارض الآلي data show ، يتعذر علينا إنجازه، وهو فحوى اللقاء. 
نشكركم على الحضور، و إلى اللقاء.
                                                          حسن إمامي

نقطة زرقاء