الحديث عن الاهتزاز المفاهيمي ، يبدو اشتغالا على مجال زئبقي...يختزن مطويات متكدسة .. رواسب حياة مجتمعية متفاعلة مع التاريخ و الثقافة والفكر والذهن في اشتغالاته التفاعلية...
قد يشير الاهتزاز الى ارتباك و زعزعة و تغيرات و ترددات ... كلها تترجم عدم استقرار القناعات و المواقف ، و البقاء على التزامات ...ربما هي طبيعة الانسان فوق هذه البسيطة ، في صراعه للبقاء و الحفاظ على النوع ، وفي طبيعة الانانية التي تشكل الذات ورغباتها و وتفاعلها المتجادل و المتنافس من اجل تحقيق المبتغيات الضرورية و الاشتهائية الغرائزية ... هذه التي لا تنحصر والتي تنفلت من قبضة العقل ولجام الضمير احيانا كثيرة ...
لكن الحياة المجتمعية المتحضرة والمتمدنة ، تقلص من هذه الصورة الطبيعية البدائية الحقيقية في كوامننا... ذلك ان تراكم الوعي و الثقافة والالتزامات ، واشكال الفكر الجديدة التي تجعل التعاقد المعنوي بين الافراد والجماعات ، كلها وغيرها ، تطالب الانسان الفرد ان يبدي عن قناعات متوافقة ويستعد لالتزامات محددة مع عناصر بيئته التي يعيش فيها و مع محيطه السوسيو ثقافي وسياسي...
يأتي الفرد شفافا بصفته الانسانية الى موقع التساؤل الذي بدأنا به حديثنا ... ما الذي يجعل الاهتزاز المفاهيمي عنده في عقله و ذهنه الذي يخزن حقيقة مواقفه و مصالحه .
هل هي الطروحات الفكرية و الفلسفية و الاديولوجية ؟ في حد ذاتها ، هي تجاوزها الزمن الموضوعي التاريخي ، وبرهن على تساقطها كأوراق الخريف ؟
هل هي المصالح المادية والطبقية والشخصية ، هي التي تفرض على الفرد هذه التغيرات ؟ و بالتبع ، مدى شرعية محاكمتنا لمواقفه ... هل هي شرعية تصريحه بكونه المثقف و المفكر والانسان الملتزم الواعي تجاه جماعته التي ينتمي اليه ؟هكذا تجده يتكلم بشبه قسم و التزام فردي تجاه الجماعة ... بشبه قناعات فلسفية وسياسية ، يستطيع بها و من خلالها التأثير على مواقف الآخرين و تغييرها ... حتى ما إذا اتبعوا الطريق الذي رسمه ، أو انتظروا افق نتائجه و ريحه و سحبه ، اسدل هو ستار اللوحة و ذهب ليشتغل على لوحة أخرى أفضل له بألوانها و توافقها مع ذاته و اختياراته الفردية ...
ما الذي سيجعلنا نشتغل على هذا الاهتزاز المفاهيمي ، و المسألة بحر بدون شطآن ، قد نتيه دون وصول الى بر أمان ؟
اذا كان الاهتزاز عدمَ ثبات ، فهذا يعني أن صاحبنا غير مستوعب للعناصر التي يشكل بها وعيه و ثقافته وفكره ومصباح ممارساته ... و بحكم القيمة نقول هو ضعيف التكوين و الفهم ، يمارس سلوكات ليس أهلا لها في الخطاب و الممارسة وكذلك في قدرته على ادعاء الالتزام تجاه الجماعة و كسب المصداقية فيما يدعيه...
هل سيكون الاهتزاز المفاهيمي لعبة يراوغ بها الوصولي لكي يحقق مبتغياته الذاتية بخداع الجماعة السامعة والمصدقة له ... و هكذا ستكون اللعبة ماكرة وخادعة ...؟ وهل هذا المكر هو تاريخي تمارسه فئات و طبقات مجتمعة على الغدر بالآخر من أجل الحفاظ على مصالحها واستمرارها ؟حتى إنه يصبح قانونها في التلاعب بكل شيء ، حتى بالمعرفة والعلم ؟أسئلة متفرعة قد تتعب من يريد التحليل المرتبط بمعنى و وظيفة المفهوم و دوره في تشكيل الوعي و تحديد نوع السلوك و الممارسة المطلوبين ...
à propos du blog
blog des essais poétiques, littéraires et culturels.يروم هذا المنبر الى تحفيز الارادة على الكتابة والابداع.الى جعل ثقافة الكتابة اختراقا للواقع وبحثا عن الحقيقة...نور العقل يسطع في سماء الكون وأعماق الوجدان...نور على نور