Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
قرية ابن السيد ـ سارة

قرية ابن السيد ـ سارة

2915258157_0168b8864d.jpg

أتساءل عن سبب أو سر جعلك لرمز الديك الفرانكفورتي موجودا في كل مكان من المدينة ، في ساحاتها و قناطرها وفوق أقواسها التاريخية ؟ بينما هو واحد أو اثنان أو ثلاثة أعرفها بفرانكفورت... تساءلت سارة وهي متأملة عيني محمديها في جلسة على بساط الصالون متكئة على سند الاريكة التي يجلس فيها سي محمد... وضع لا يمكنك معرفة من المهيمن في حواره ومناخه رغم جلوس هذه على الارض و هذا فوق الاريكة...بقيت الأوراق موضوعة فوق الطاولة الزجاجية نصف مفتوحة على احدى صفحاتها الملفوفة بسبيرال ملولب احمر... بقيت سارة مبتسمة في فستانها بالوانه المزركشة المذكرة بتقاليد لباس تركية يانعة... وشدة راس جعلت عقصة شعرها ماخوذة بانطلاقة غابة سوداء ناصعة استدار معها وجهها بلوريا تتألق داخله عينين بارقتين... ــ المدينة التي أكتبها عزيزتي هي التي أحلم بها ... لا تنسي ْ أنه كم من جرح     يتداوى بالكتابة ، وكم من حلم يتحقق بين سطورها ... المَعْلَمَة تصبح رمزا . و الرمز تصبح له قيمة ، والقيمة دافع للحياة بمنطلقات و تصورت وسلوكات معينة ... لو أن كل فرد بلور القيم الايجابية لتاريخ تجمعه معيشه و عمرانه ، لكنا أفضل ... و ذلك الافضل هو ما يؤرقني في خط السطر الأول .. أجدني أرتعش ، و لايطاوعني القلم ، كأنه حصان جامح غير مروض ، صهيله في حريته ، ما دام يشعر أن القابض بعنانه على عنقه يريد تقييدها ... كذلك هو قلمي ، كذلك هي أناملي و أنا أنقش و أرقن بها لوحة الكتابة على الحاسوب أو فوق ورقة بيضاء عذراء صافية ... يتمتع عقلي برقصة الرقن ، والتجول من حرف الى رقم الى رمز أو إشارة ... اشعر كأنني فنان بيانو يؤدي معزوفة جديدة لم تسمعها أذن من قبل ، ولم تُسْقَ بها روح من قبل ... أن أكون أول من خطها ورقنها وأسمَعَها و اسعدها ، فهذا غاية وجدي ووجودي ... أُصبح معه مسحورا ، ولا أدري إن كنت ساحرا ، فأنا لا أكتب لسحر ما ، بل أكتب لروح ما ... قد تكون قريتي ، قد تكون طفلتي التي لا اريدها أن تكبر في قلبي ، قد تكونين أنتِ سارتي و زوجتي التي أريدها دائما منيرة فضاء حياتي ... سري الذي لا أستطيع كتمه عنك حبي وحياتي ، و الذي كل مرة أبوح لك به ، كأنني لأول مرة أقوله لك ... كأنك تحتاجينه برهانا مسموعا كل حين مثل قولنا : أحبك ، أحبك .... : أنت شمس ضيائي الذي لا أستطيع أن أغمض عيني إلا بعد استراق بسمة نورك ، واختلاس سمع لآهٍ من صدرك بعد إطفاء نور غرفتك ..

 

  :سارة :هل اكون مدينتك ...؟ أرى تداخلا في الحديث عني وعنها ...

 

محمد : بالطبع حبيبتي ... العالم نقطة حب واحدة في قلبي ... كيف يأتيني الظمأ إلى الشرب من نبع حبك ، وأقتطع من خيالي و نَفَسي ما أرسله لك مكالمة أو شوقا أو رسالة أو تذكارا ؟ كيف أعود لجمال اكتشاف شيء برفقتك حتى تشاركيني خوضه و إحساسه ووجوده... لا زال نقش حَرْفَيْ اسميْنا في جذع شجرة من حديقة من مدينة ، هو أثرنا الذي وشمنا به الطبيعة ، تاريخنا الثقافي داخل التاريخ الطبيعي .. ربما أردنا ان نبحث عن وضع اكثر طبيعية ، فهل نجحنا في ذلك ؟ أتذكر كيف أخفينا على حارس الحديقة فعلتنا حتى لا يقاضينا بأمانته ... كان حلمي الذي أيقظني في الثالثة صباحا  ، جعلني ألتمس ذريعة لإيقاظكَ ... كيف رسمتُ ألوانه بزهوره ، وأشجاره باخضرارها وشكل حرفي اسمينا بخطهما ... جلتُ الحدائق كلها واخترتُ المكان و الزمان والرحلة ... كانت بداية زواج صعبة ... تحسستُ الفراغ الذي يصيب النفس في لحظات فيضعف ارتباطها هكذا .. لمستُ العذر لكل من انفصل ... لكنني في نفس الآن اختبرتُ قيمة الحب في قلبينا... وراء ابتساماتنا الظاهرة لا نعلم درجات المجاملة من درجات صدق المشاعر...لم نكن قد انجبنا اولادا بعدُ ... اليس حماقة اللجوء الى جذع شجرة بسيطة هادئة في زاوية من حديقة؟ استغرب لزخم الثقافات و المعتقدات و القيم والتقاليد والمعاشرة اليومية المشتركة ، ومع كل ذلك مثلما هو قاع المحيط الهادىء ، توقيع الطبيعة.. ربما هو بحث عن صفاء ...اخلاص خالص...

 

سارة : ألمس جرحا في تشبيهك واعادة رسمك لجذع الشجرة ... أتُرى هناك لحظات تردد فيما مضى ؟ ايكون بحثك عن مدينة خالدة او قرية سيدة ، مداواة لجرح ما ؟ سأحتفظ بإجاباتي و رأيي حتى أسمعك ... كأنني لأول مرة أكتشف افكارك ، أو إنك كنت تخبئها طوال العقدين ونصف من لقائنا وزواجنا ..

 

محمد : سأجيب بخيال كتابتي ، علَّه ينقذني من امتحان محاوِرَتي ... ألم يكن الديك الفرانكفورتي قربانا للأرواح التي امتلكت القنطرة ومدينتها ، فأرادت أضحية بأول العابر لها ؟ ألم يكن الديك هو الشهيد الذي أصبح رمزا و نائبا عنا في تجربة العدم و الموت و الفناء ، لكي نعيش نحن و نخلد مع المدينة حتى اللحظة هاته ؟ أليس الحب هنا جرح مغروس لأجل الخلود ؟ ربما ، بل أكيد في قيني العقلي أن جرح الحب هو بحثه عن هذا الكمال و هذا الخلود ... وما الكمال إلا لله تعالى ..

 

قريتي التي أحببتها ،سارتي، نموذج في طفولتي و شبابي ، حلما يتألق و يتحقق ، لم أجده إلا في ذاتي و خيالي ، أما الواقع فهو منفلت مني ، أحاول الامساك ببعض خيوطه كغريق يمتلك مجرد أمل في خيط هو غارق معه ...  ما أملكه من كمال هو أمنيتي ، هو جهدنا الذي نبذله معها .. ما الكمال إلا حب يعاش رغم نواقص المحيط... فعل الكتابة عالم ساحر يجعلنا نقارن ... وفي المقارنة تكون شباك الوقوع في شقاوة تفكير وآهات ولمس الفرق بين ما يجب ان يكون وما هو كائن... الكتابة مكبر رؤيا يفضح الخلل في كل بنية وخلية ... تفرز اللون الحقيقي عن المزيف... كما الحلم والامنية تتعلق بهما آهات ، كذلك الكتابة حسرات...

 

سارة : أي حسرات هي في كتابتك عن القرية؟

 

محمد : صعب عليَّ تلمسها و تبيانها ... ربما هي قلق وجودي ممزوج بنوستالجيا وحنين... طفولة واستباق زمن الكبر في العمر...تعقد الحياة وانفلات اللحطات الجميلة ذكريات... الكتابة هذا الفعل و الاحساس و الشعور ... هذه اللبسة التقليدية التي ترتدينها تجمع بين ثقافة العيش في مناخ يخرجك من يومي فرانكفورت الالمانية.. حينما اناديك سارتي ، ولاحظي وقع الاسم على وجدانينا ... وحينما اشاهدك ب"منصورية مغربية" مثلا، أولباس تقليدي تركي ، تتداخل وقائع التاريخ والسياسة وامنيات الذات في سعادة شعوبنا وتسامحها وتعايشها بحب و سلام...

 

سارة : لا تجعلني قضية تاريخية ... ارجوك أن تحافظ على سارتك الطبيعية ..

 

محمد : حاضر سيدتي ... حورانا هو الذي بلور سارة من الطبيعة الى الثقافة ... ربما بحثي عن القرية هو فك لشبكة خيوط متداخلة و مركبة في شخصيتي تأتي معها شخصبات الحكي التي عبرت واسمعت افكارها... انا من نتاج هذا الكل المتداخل .. الكتابة تساعدني على فك طلاسمه السحرية .. مداد سريري لمعالجة النفس وتبسيط فهم الشخصية...

 

سارة : لماذا بدأت كتابتك بالشيخ السيد ؟ أليس في المسألة ترتيب هرَمي مقصود؟

 

محمد : ربما ...

 

.