Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
رحلة الحب  والتسامي بين جاذبية التراب وتحليق الروح ـ ج3

رحلة الحب والتسامي بين جاذبية التراب وتحليق الروح ـ ج3

رحلة الحب  والتسامي بين جاذبية التراب وتحليق الروح ـ ج3

الاندهاش، وصفة المتلقي:

يعتبر هذا العنوان صلة وصل بيننا وبين هذه الشخصيات التاريخية، وخيط يبين السؤال حول ما حاجتنا للتعرف على تجربة شخصية رابعة العدوية على الخصوص.

كل منا سيسائل نفسه: ما حاجتي الوجدانية والنفسية والروحية والسلوكية في التغذي بهذه المادة؟ وكل منا ربما سيجد ظمأً روحيا يحتاج إلى إروائه، توازنا سلوكيا باطنيا وظاهريا يريد استعادته في حياته وسلوكه، درجات اغتراب عن الإنسان وعن الكمال الذي كان وما يزال يطمح إليه.

هو عطش نفسّر به ذلك الاهتمام الذي جعل الناس تتقفى سيرة رابعة العدوية وتتزود منها وتضيف لها ما تراه ضروريا في بناء الصورة وتلقيها. هو عطش يفسر ذلك الاهتمام الغربي الذي جعلهم ينهلون من سيرة المتصوفة وفلسفاتهم ويقيمون لها الملتقيات الدولية الجمعية والاحتفالية ويسهرون على تبيئة فكر المتصوفة مع حاجيات النفس الإنسانية الغربية التي افتقدت الحياة الروحية مع ضعف الكنيسة وابتعاد الناس عنها ومع طغيان القيم المادية الليبرالية والشيوعية وبعدهما هذه العولمة الرأسمالية الإمبريالية التي تجتاح العالم بمخططاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

هو عطش قد يفسر لقاءنا وكذا تحول الناس واهتمامهم المتزايد بالحياة الروحية والهروب من جحيم الماديات التي تسحق الوجدان حين الالتجاء إلى فضاءات الزهد المؤسساتي وذكره وتعبده وسلوكه كمريدين لمعانقة الحب الإلهي.

يتجلى الاندهاش كذلك في الوصفة الجمالية والعاطفية التي تكتسيها التجربة الصوفية. هذا الأسلوب الشعري والنثري الأخاذ، وهذه البلاغة الجياشة بصورها وتعابيرها، وهذا التناغم الذي تصبحه الذات واللغة والتعبير والسلوك والكون والإله. وحدة متكاملة في التفاعل داخل حمولة الحب والعشق.

يتجلى الاندهاش كذلك في تحوّل التجربة الصوفية من الخوف إلى الحب. وحينما نفتح كون الخوف فإنه فزع مرَضي يتخلص منه المتصوف. لكنه يحتاج لمدارج ومراتب في السلوك تكون شاقة على الذات ما لم تتخلص من المادة التي تختبر ضعفها وفشلها وعجزها كل حين. وحينما نقول الفزع المرَضي فإننا  نجترح الواقع لكي نفضح بثوره. سيكون التحرر من الخوف روحيا تحررا من الخوف الاجتماعي والسياسي، خروجا عن سلطة الرقابة الفقهية والسياسية التي تتحكم في الناس باسم الدين والشرع فتعبث في مصالحهم وأقدارهم كيف تشاء. وستكون محطات الامتحان بين شخصية المتصوف وشخصية السياسي حينما يستقطب المتصوف عامة الناس في بلاء أو ابتلاء فيتعارض ذلك مع سياسة الحاكم أو من والاه سياسة وقضاء وتنفيذا...

الاندهاش كذلك من زاوية أخرى كفتحة الطفل لفاه حينما يرى أول تجربة لشيء ما حركة أو سلوكا عند الآخرين. اندهاش براءة النفس داخليا حينما تلاحظ بان هناك خلاص من زوبعة دنيا نسبية وخادعة وماكرة. جري وراء سراب الماديات وصراع الأنانيات. تخلّص من حياة زائفة ورغبة في حياة خالصة صافية. فالمتصوف(ة) يسبقنا في الطريق ويرسمها لنا ويوفر علينا الزلل فيها. هذا خلاصه وفناؤه وهذه تضحيته من أجلنا كذلك.

ورابعة العدوية فرد من مشروع جماعة كبيرة رأت في طريق الزهد والتصوف حلا لمعضلة الواقع الذي لم ينصفها والذي آلمها. لكننا نتساءل حول تأثيرها بتجربتها فيمن أتى بعدها، وهل شكّلت فلسفتها الخاصة؟ وهل كانت أقل أو أكثر قيمة من آخرين في أشعارها ومواقفها؟ الأكيد أن ذكرها والإشارة لها في سيأتي من مراجع ومصادر سيدل على قوة هذا التأثير. ربما لن يكون الاعتراف به صراحة. ربما لكونها امرأة. فهي استثناء وحالة شاذة. ربما.

فهل نستطيع أن نقوم بنقد ذاتي لشخصياتنا ونفسياتنا وسلوكنا وأخلاقنا وعواطفنا ومواقفنا وتصرفاتنا، حتى نقول ادعاء بأننا أحببنا التجربة الصوفية والتعبدّية لرابعة العدوية؟