Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
بين التحرر و الانفصام ـ 3

بين التحرر و الانفصام ـ 3

بين التحرر و الانفصام ـ 3

بلغة شاعرية ، هل يمكن القول إن التحرر عطش يحتاج إلى ارتواء ... إذا كان عطشا ، فإنه حرمان و خصاص ... ويمكن لكثرة القيود و الاغلال ان تكون تكبيلا و حرمانا ، وبالتالي سيكون هناك ظمأ و عطش و توق لتلبية و تحقيق ... سيرتبط كل هذا بذات الإنسان و جسده و غرائزه و متطلبات وعيه و تفكيره و سلوكه ... هكذا ستكون الوعود التي تعطى لكل طامع في التحرر مرتبطة بهذه الجوانب و هذا الارتواء ....من صور الجنة إلى الحلم الشيوعي ، إلى بدائل الحاضر التي تعمل الخُطبُ على الإغراء بها و الوعد بتحقيقها ...

لعل الارتباط بالخطب السياسية يرقى الى درجة الارتباط إذا بالخطب الدينية ، التي ما تنفك تجدد وعدها و وعيدها ، فتجعل إشراطية مستمرة و منبهة و مكبلة للحواس كل مرة بما ينتظر البنية النفسية قبل البنية الجسدية من اثر و جزاء على الوفاء أو الجحود لذلك أو هذا النداء ...

و لعل القوة التي يمتلكها كل خطاب في الاستمرارية يجب أن يبرهن عليها من خلال الفعل في الواقع و القدرة على التحكم فيه و تغييره ... يكون هذا الأمر صحيحا حينما نرى ارتباط الإنسان بما يعاينه قولا و عملا ... وعدا و أملا و تحقيقا ... حتى اذا ما تلاشى الارتباط ، تلاشى الاندهاش و الإشراط و التأثير الذهني و النفسي و السلوكي ...

تبدو المسالة معقدة في الوصف و التتبع ، لكنها تبين لنا أن التحرر هو عملية نفسية متأثرة بما هو حسي و ما هو واقعي يوجهها و يلبي رغباتها أو يردعها فيرجعها الى غمدها لتنكمش دونما حلم بالانعتاق من السقف المرسوم و الأفق المحدد للحلم و التوق و الطمع لكل فرد من الأفراد ...

و يزداد التعقد ، فينقلنا الى تبسيط آخر ،يبين أن عملية التحرر داخل مجتمعاتنا عرفت تراجعات على مستوى القناعات التي جعلتها انعتاقا من قيود القرون الوسطى في الفكر و المعتقد ، وفي حرية السلوك و الاستفادة من الحقوق ...تراجعات اضعفت قوة العقل و أرجعت قوة التسليم بالقدار و التفسير غير العلمي للأمور التاريخية و الاجتماعية و الثقافية ... الأمر الذي سهَّل على البعض تحويل التعامل مع مشروع التحرر الى استفادة ذاتية من معطيات المرحلة التي يعيشها المجتمع في جدلية المد و الجزر بين التحرر و النكوص ، بين التقدم الى الامام و التراجع المستسلم لنفعية الراهن و نفعية الذات داخله ...

الأخطر في عملية النكوص هو هذا التناقض في البنية التكوينية و السلوكية لشخصية الفرد الواحد عندنا ، بين ادعاء خطاب حداثة و تحرر ، و بين انقباض منها و هروب الى فكر معاكس يتنكر لها و يفر للنجاة منها خوفا من وعيد خطابات مناهضة لها ...وهو بين الأمرين يستغل الفرص المتاحة ليقتنص أكبر قدر من الاستفادة المادية و الانتهازية للفرص و التسلقية المتدرجة طبقيا في التموضع و التحقيق للامتيازات و المصالح ...

انتهازية تجعله يفبرك خطابا ملفقا هجينا ، غير متماسك منطقيا ، حربائي ظرفيا ... ، كل ذلك من أجل ضمان بقاء المصالح و ولاء المحاريب و الزوايا التي جعلها لخضوعه مقابل استفاداته .. قد تكون هذه المحاريب زوايا دينية او اعتاب سلطوية او مؤسسات مناصب راقية ... و النتيجة أننا نجد فئات انطلقت من خطاب حداثي متحرر و آلت الى سلوك رجعي متخلف ... كل ذلك من أجل الحفاظ على امتيازاتها الطبقية الجديدة و المادية المحصل عليها ...و لأجل أن تجعل قناطر التسلق لأتباعها أسريا و عشائريا و قبليا على الخصوص ، تراها تحافظ على لعبة و قواعد التسلق و المتجلية في تبني نفس خداع الآخر و النفس ، و نفس مرايا الانتماء و الخطاب و التبني للقضايا حتى تجدد تحصيل النفع و انتهازية الفرص ...فهي على المنابر متحررة تقدمية ، و في ممارسة الواقع متواطئة في النكوص و التخلف و خيانة الممارسة للخطاب و ليس مجرد مناقضة ... إنها خيانة إذن ...

فهل تبرر الخيانة تناقض الشخصية المَرَضي ؟ فنشفع لصاحبها و نقول : مسكين ، كان ضحية عدم التوفيق بين الخطاب و الممارسة و الالتزام ؟ قد يأخذ الذئب صورة الحمل في الاستكانة ... لكنه يبقى بلعاب الذئب في تحيُّن الفرض لأجل ... ماذا ؟ طبعا لأجل الافتراس ... حينئذ يعطي الشرعية للخيانة فيبدل لفظها و عناها رغم جذرية حروفه : خ ـ و ـ ن ـ

و عفا الله عما سلف