طقوس الكتابة

لعلي لن أخالف الصواب إذا بدأت بالحديث عن ظروف الكتابة والداعي لها. ستكون هناك عوامل مباشرة داعية ومؤثرة وأخرى غير مباشرة تشتغل داخلها عناصر موضوعية وذاتية، زمنية مربكة بين الماضي والحاضر، تراكمات ذهنية لما تم تحصيله واستحضاره...ـ

اذا كانت الطقوس مرتبطة بمناخ الكتابة اليومي الذي يساعد الكاتب على القيام بفعل الخط والرقن والتأمل، فإن هناك طقس احتفالي آخر يمكن الحديث عنه. طقس يرتبط بغدمان القراءة مثلا أو الاستماع إلى الموسيقى، أو محفزات أخرى إشراطية بمفهومها الايجابي طبعا...ـ

كفرد داخل جماعة العاشقين للحرف أعتبر التفاعل بين القراءة والكتابة أمرا واردا في تأطير طقس الكتابة.. كما أنني إذا فضلت توقيتا مناسبا لكي أكتب فإنني سأختار توقيت الفجر ومعه الثلث الأخير من الليل... ربما أكون قد استرحت ومع الساعة البيولوجية أكون مهيأ لبذل جهد أفضل والعيش مع عوالم الفكر والخيال وتأمل القضايا ومعالجتها... سيكون النوم عالما لاختبار كم من إشكالية وسؤال، ويكون اشتغال الذهن داخله بحثا عن خيوط وعن إجابات... وكم من مرة أيقظتني الفكرة لكي أسجلها، وكم من مرة هربت وفرّت مني لأنني تكاسلت ولم أقم لأدونها...ـ

هي لعبة نعيشها ونستمتع معها.. لعبة تحتاج إلى مناخ حرية ذاتية لا يوجد فيه تشويش ولا تضييق ولا إزعاج... مناخ يحتاج منك إلى مكان قد تكون فيه غريبا لكي تستطيع أن تحلق داخليا مع أفكارك...ـ

الكتابة طقس تعبدي ومحرابها تحليق داخلي وخشوع تأملي وحرية فلكية لاكتشاف العوالم الجديدة كما الصور الجديدة وأفكارها وأشكال تعبيرها...ـ

وللحديث بقية ـ