Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
ذئب في سيرة فستان

ذئب في سيرة فستان

ذئب في سيرة فستان

 

 

صافحت كلامَه. تعلقت باندهاش عطش بمعسول صوره. ابنة الربيع. تنتمي لألوانه و زهوره، و لتبرعم وروده. وهبها هذا الفصل وشاحا أخضر، ضفرته وردة لفؤادها. داعبته كأذني أرنب يشاكس أحلامها. تختزن سيرتها صفحات الصباحات الجميلة، و الخرجات الفريدة. تلتقط الفتاة أبهى الباقاتِ و تهبُها مرصِّعة بها بتلات ربيعها العمري.

بدا شاعرا أنيقا. اختار أجمل صوره و أفتنَها. يمتلك في دولابه الافتراضي دزينةً، بل  أكثر منها. يترجم بها شخصياتِه المسرحيةَ التي  يتبادل بها و معها أدواره. مرة كالإمام، مرة كالضحية فوق المَذبح، و أخرى كالفارس المغوار المخلّص لطفولة بريئة من أنيابٍ متلاعبة بلعابها في رقصتها الدائرية حول لوحة فزع تترجمها ملامح الصبيان.

هذه المرة، اختار أن يكون شاعرا. اطّلع على صفحتها الزرقاء، و ما تحبّه من أغانٍ و ما تتذوقه من قراءات. ما تكونه أسماءُ المعجبةِ بهم و بهن... تفنّن في تسريحة شعَره، و شارِبه الذي كشف عن شبق شفته العليا. ضحِكَتْ هي لمشهدها، لكنها لم تعلم سحر الاختطاف الذي سرق من دواخلها ما به سيتمكن من استلابها، و تدويخها به.

استعار من مظهر الشباب لباس الموضة و شال الريح الجنوبية و نظاراتٍ بلون السماء. زادها الاندهاش الغرائبي في ضَحِك متجدد خصوصا مع حركات يده، في تلوينة رقص أسطوري أخّاذ.

استطاع الشاعر أن يحررها من قفصها الخفي. ربما لم تدرِ هي من صنعه، و ما دورُه، و كيف سيَّجَها شجرةً متبرعمة من كل تلصص أو اشتهاء. علِم كيف سيدخل لجنان الفؤاد، و ما سيتَجنّبُه من حراسة مسبوقة خائفة على فاكهتها.

و جاءت لحظة المراد. أخذت أقنعة التحول من فيح عطرٍ إلى دمع يسحق النواة. مِن حمَل إلى ذئب؟

نعم، سيرافع الذئب دفاعا عن خصاله و وفائه و صراحته. سيقول: ليَ الغاب و قانونُه. عادل في الانتماء له. أكون أو لا أكون. لكم مدنكم التي تصنّعتم داخلها، و أصبحتم بفضلها خير نموذج للمكر و الخداع...

أما الفتاة، فقد تضرعت و توسلت. حينما همّتْ أنياب الذئب لنهشها، كانت أحشاء فؤادها قد تمزّقت، وبكارة روحها قد تهتكتْ. لحظةُ رعبٍ سجلت موتها المتجدد في الحياة. لم تعِ قطُّ حكاية الدم المُهرَق على سروال الدُّخلة أو بركان التفجر من مَهْبَل الغواية. على باب المسلخِ رافعتْ. ربما عبّرت و قالت. ربما باحت. ربما أسمعتْ:

بادلتُك الحب قيمة بين العبارات و الجمل. شاركتك صور الخيال التي أتغنى بها. هو حلْمي الذي عرّيتُ عن دثاره أمامك و معك، و أدخلتُك فيه لترى سحره السري. لكنك لن تفهم قصدي. أنا طفلة بريئة من لعابك و فهمك و بريق أنيابك. زهرةٌ خارج غابة تصورك. جئتني ملاكا، فكنت مريمَك العذراء. ما تراه من نهدين و تصفهما بالرمانتين، و شفتين و تجعلهما في استدارة خاتم من برتقالتين، و ما تراقصه قياسا من جِيد بدا عندك قصب خيزران، و قدٍّ في وقفة مُهر أو مَهر لتوقيع رسالة حبٍّ خالد، و صوتٍ سُقي و سقى ليلتين و خمرتين ـ على الأقل ـ، و كما تروي، كان هذا و ذاك شرفا لي، و طموحا لغدي و حقا لخيالي لكي يحلّق بجناحين. لكن سمائي و جسدي و قدرتي دون مائدة اشتهائك. أنا فاكهة قبل الأوان. أنا ربيع آت لعصفور لم يولد في الآن. ربما هو في تبرعمه بجوار الجنان.. أنا طفلتك، فكيف أُصْبِح وجبة غريزتك؟

و كذلك كان. روى الذئب في محصول الكلام بين شاعر تلبّس بجلده داخل المدينة و جعل اسمَه شعيرةً لقلبه و تزيّن بأحلى فستان يليق بخيال فتاة، و بين فتاة لاعبت خيالها، فأهرق دمها و استباح أحلامها.