Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
بذرة حياة ( مهداة إلى كل طفل احتاج لحضن في هذه الحياة ) ـ

بذرة حياة ( مهداة إلى كل طفل احتاج لحضن في هذه الحياة ) ـ

بذرة حياة

وقف الأطفال في الساحة ، مثنى و ثلاث و رباع و فرادى ... حركاتهم فرحة بحُرِّية الصراخ و الجري و اللعب ... فبعد ساعة سيعودون إلى الفصل الدراسي مع أستاذ اللغة الفرنسية ...

عليٌّ ، بسرواله القصير ، وحذائه الرياضي الأبيض ، و قميصه الأرجواني الشفاف ، صامتٌ و يفكرُ في زاوية من الساحة . يتأمل الحديقة الخضراء التي اتسعت لنصفها المحاذي لسور المؤسسة . تذكر توصية استاذه في العلوم الطبيعية . قبضة يده احتضنت شره الفريد . لم يُخبر أحدا بمخططه . حينما كلَّمه أستاذه سائلا : ـ هل تريد أن تعرف سر الأرض و الحياة ؟

اندهش لغموض السؤال و كِبَرِه . فتح فاهُ متعجبا ، لكن راسه طأطأ موافقا . استلم السر و الوصية، و أسرع لتنفيذها . ـ

بحث عن بقعة تراب فارغة من العشب الأخضر الممتد . بعيدا عن شجرة الصفصاف التي تقف سامقة كعَلَم يشار بنعته إلى جهة المؤسسة من بعيدٍ. و قبل أن يبدأ في الحفر ، رفع عينيه إلى أعلى شجرة الصفصاف ، كأنه استأذنها في الغرس .

كيف يوصيها على بذرته التي استأمن لها الحديقة ؟

كيف يستلطف العصافير حتى لا تلتهمها ؟

في ذهنه و خاطره ، شرح لها أهمتيتها : ـ ستكون ظلا لكم جميعا ، و حضنا لأعشاش فراخكم ، و هواء لسكون اياكم ...ـ

لم ينسَ مسافة الحفر و عمقه و توقيته الزمني ... تلك تعاليم غرس هذه النوعية من الأشجار ... تلك توصية استاذه . كيف يمهل بين الحفر و الغرس . و كيف يبلل التراب و يترك اشعة الشمس في اختراق لحبيباته و لطينه المعجن ...بعد ذلك ، بَسْمل و ابتسم و حمِد الله على نعمة الأرض و الحياة . وضع البذرة عميقا . ذرَّ عليها التارب بنعومة تترك للهواء سبل اختلاجها . حتى النباتات لا تحب الاختناق ... ساءل نفسه : كيف تتنفس ؟

سارع للجواب الذهني بدرس الأرض و الحياة ... كان عمره عشر سنوات ... و بعد خمسة عشرة سنة ، عاد للساحة و المؤسسة استاذا للعلوم بالمؤسسة . رفرفت أغصان شجرة التوت ، و فاح نسيم ورقها الأخضر اللامع مع بريق اشعة الشمس ... كما تنافست طيورها مع طيور شجرة الصفصاف في الزقزقات ...ـ

من بعيد ، عندل عصفور في محيا الأستاذ الجديد و التلميذ القديم ... ابتسم عليٌّ لأسرته التي زرع بذرتها ، و قال بسم الله وهو يعبر ساحتها .ـ

بذرة حياة ( مهداة إلى كل طفل احتاج لحضن في هذه الحياة ) ـ