Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
سباحة حياة(معانقة الماء)/2

سباحة حياة(معانقة الماء)/2

  

 

فجأة يعم هدوء نسبي،كأن اهل البحيرة وزوارها في قيلولة واستراحة.يتمايل ظل القصبة المسترخي فوق بساط الماء ,تقفز سمكة من تحته في حركة نصف دائرية في الهواء، محاولة ملامسة راس القصبة،فضولا في اكتشاف الطعم العالق بها.تندهش لفراغه منه.تعاود الكرة تلو الاخرى،تحدث صوتا غاطسا إلى اسفل أعماق الماء.تنتشر دوائر متموجة عاكسة سنى الشمس،وبريقا في عين هذا الانسان الجالس هائما بالبحيرة...تداولت الأعماق السر الغامض لهذا الصياد المحير... قررت جعل ناطق محاور مخرج من قانون هذا الاستثناء، لادراية ما العمل؟ هل أخذ الحذر أم جعل الأمان مع هذا الشاذ الذي لا أمان على أمنه؟

ـ لِمَ لستَ بصياد عادي طامع ،غانم،محتال،مفترس؟

ـ لَمْ آت لصيد و لا لطمع ولا لغنيمة ولا احتيالا أو افتراسا.

ـ إذا كنت رومانسيا،لِمَ القصبة إذاً؟

أنا عاشق،وقصبتي عربون رغبتي في نيل ودٍّ،وصحبة مختارة،لا منتهزة و لامقتنصة ولا صائدة...

ـ ولِمَ اخترتَ البحيرة؟

ـ البحيرة أعماق نفوس،ما أردت نزع تعبير عابر، ولا فرض اختيار كاذب...اردت صدفةً،سمكة،تأتيني بطواعية،لا لأكلة،اردتُها لرفقة,ولتكن رفقة يوم،أسبوع،دهر...يكفيني تحقيق أمنية..تكفيني للعيش على هدف وأمل ومعانقة إنجاز....

ـ لكنك تعيش بالهواء،وتجعل إنغاض راسك بحثا في السماء،وهي تعيش في الماء وبالماء.وطلبك سيبقى مجرد أمنية كما قلت.تحتاج إلى عوم وغطس وسبر أغوار،وبرهان على امن وتجانس وأمل وسلم....وأنت مجرد متأمل حالم متفرج... تحتاج إلى مراقصة الماء، والبرهان على رشاقة أداء، والمشاركة للحظات عيش الأحياء،بنعيم الهدوء ومخاوف ارتجاج الأعماق ... حينئذ تتجانس،تتعايش،تتطابق،تتجاذب،تترافق،تعشق....تعشق هذه الطبيعة إن كنت عاشقا... وهل أزلت من فهمك مفهوم السمكة لتكون عاشقا،وأنت بِعُدة وهيأة وأهبة صياد؟ خالفَ منطوق شكلك مضمون قولك. وهل أنت باحث عن حورية؟ اختر بين الماء والهواء...بين البر والبحر... عش طبيعة واحدة...حتى تكون طبعك،ويكون طبع العاشق من طبع معشوقه...

ململ راسه في إنغاض،يمنة ويسرة...رجّ اشداقه،جحظت عيناه،حملق في الآفاق.غاب عنه إلهام البحيرة.خلع ثيابه بأكملها،عاريا،استحم بمائها.جدف باطرافه الاربعة مازجا صراخ صوته  بنفث الماء الذي اراد اختراق خياشيمه وحلقه... عاد مرتعشا،مرتجفا.عكست طبور حجلية معانقته للماء.. .. من بعيد في الضفة المقابلة الموحشة بأدغال مستعصية على الخلائق، جلعت تقليدها لهذا المستحم في شاطىء البحيرة الشرقي... وهي في دفٍّ وأسفٍّ وجدفٍ ورفرفة ...راقصت بالماء سربها بأجنحتها،تعالت رشاته في الهواء،بصوتها تابعت موسيقى العوم التي بدأها فجأة الصياد بلا صنارة صيد...تزمل بفوطته القطنية مجففا بدنه من بلل الماء..قعد القرفصاء... نهض وارتدى ثيابه،جمع كرسيه ومظلته،تأبط شيئا وأخذ بأربعة اصابعه شيئا آخر...حيى باليد الفارغة آفاق البحيرة وعاد أدراجه إلى المدينة...فجأة،اكتشف أن اندماج روحه وأعماقه لابد أن يكون مع وجدان وأعماق مدينته...مع تواصل بشري،يشكل هو جزءا منه، يعبر له عن عواطفه، يصادف به مكملة روحه وبحيرة حياته ومشاعره.. شعر بأن قد عبّ ماء البحيرة بأكمله في بلعومه فارتوى اكمل ارتواء... وصدره مكتمل الهواء في تنفس متماسك  مرتاح..لامس الميموزا في تراقص مشيٍ. قبّل كفه برائحتها البرية وعطرها الغابوي....استنشق من جديد نفسا عميقا،هواء نقيا.رفع وجهه الى السماء مغمضا عينيه في راحة شعور،والشمس تاركا إياها خلف ظهره افقية الأشعة،مقتربة إلى غروب، وزفزفة تلف خطوه بين الحشيش..غنى وغنى كأنه كأنه مخمور بماء البحيرة مداما ولحنا وغنى...اخترق شوارع المدينة،بادئا بالتحية والسلام والابتسامة وعشق كل أنام...