Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
مزارات ـ 5 ـ

مزارات ـ 5 ـ

مزارات ـ 5 ـ

أخطاء وأخطار

 

 

كتاب الحب وكتاب الخلْد، ميزته أنه يقرأ كل حين. ميزته كونه نابع من مصدر عين صافية يرجع للارتواء منها دون النهر الجاري، كون هذا النهر الذي هو الحياة، قد يقع اختلاطه وتلوثه كل حين. وجعلنا من الماء كل شيء حيٍّ.

لأجل كل هذا، لا تعتبر الحديث هنا عن الأخطاء والأخطار حديث كبار لا الصغار، بل هو حديث الإنسان في كل الأعمار، هو كتاب تمسكه بيديك، وسيكون غذاءك أو دواءك متى اعتُبِرت وصفته هي المطلوبة في ذلك الحين. وحينما ستقرأ بعضه أو هذا العنوان منه، أتمنى أن لا تكون قد قادتك أخطاء إلى أخطار.

لا أخوّفك بقدر ما أريد أن أجعلك موضوعيا ووواقعيا، حذرا ويقظا. وقد كانت هذه الأوصاف حاضرة في رحلتك إلى مراكش. كان كلك هو نحن، من يحيطون بك ويحبونك ويحرصون على سلامتك. إنما، كلما كبرتَ ستسقل في الاعتماد على نفسك، شتلا كنت وقد رعيناك، شجرة تصير وقد أصبحت سامقة في السماء وينبا مطلعة ببهاء بين الأنحاء امتدادا في الجذور في الاستسقاء غصونا متبرعمة في الإثمار والإنتاج. وأنت أنت دائما، كنْهُ واستمر في التطلع إلى السماء.

وتسأل عن هذه الأخطاء. سأبدأ معك بأخطاء الكِبار قبل الحديث عن أخطاء الصغار. وما يظهر لك منها قد يبدو معتادا في سلوك الحياة. لكنهم هؤلاء الكبار الذين هم نحن قد تصدر عنا أقوال وأفعال ليست سليمة ولا مناسبة. على الأقل معك وأمامك. وسأكتفي في البدء باستعمالنا للهاتف واللوحة الإلكترونية والحاسوب والتلفزة وهلم آلات منتجة.

ننتج سلوكات عدّة مرتبطة باستعمال التقنية. ويطغى على يوميّنا هذا الإدمان المختل المرتبط بها، وعلى الخصوص في ميادين حياة مجتمعنا المغربي. قد نعد الوقت فنجده ساعات، قد نعدّ الانتباه فنجده قد أغفل التواصل بيننا وهمّش لحظات مشاعرنا وتعبير حواسنا، فيصبح انقطاع الشرارة شرارة الحب التي تعني إعطاء القيمة لحضور الآخر والتفاعل معه ومع تعابيره وما يحتاجه في التواصل معنا، حتى يكمل بعضنا حب الآخر فينا.

ونحن حينما نريد إلهاءك أنت الطفل فإننا نقدم لك لوحة التكنولوجيا المشاهدة والمسموعة على أنها لعبة أو إطار لعبة، وتندهش أنت وتنغمس في الاكتشاف الجميل. فعلا هو جميل ويتضمن عمليات راقية في استعمال الحواس واستعمال البرمجيات التكنولوجية التي تقدم عروض المشاهدة والضغط على الأزرار والرموز. ولعلها ثورة التطور الإنساني اليوم. لكن، ما نعلمه ونطمره في حينه، هو خطر استعمالها على صحتك وحواسك، هو تحوّلك إلى مدمن معتادٍ عليها، حتى إذا ما غابت عن أمامك أو مُنِعتَ من استعمالها انفعلت في ردة فعل عدوانية ترجمتها صوتياتك وصرخاتك ودموعك وحركاتك المتوترة. فمن المسؤول عن كل هذا؟ طبعا نحن الكبار. لكننا نقف ونضع أنفسنا أمام حقيقتنا المخجلة، نحن الكبار. هذه أخطاؤنا. وهي أخطاء ناتجة عن سوء وعينا، وسوء تفاهمنا نحن الكبار. كل يحمّل المسؤولية للآخر. وكل يطلب من الآخر الاستقامة والنزاهة والامتناع عما يؤثر في الصغار ولا يطلبها من نفسه ولا يلتزم. وتكون النتيجة في هذا الانفلات وهذا الوقوع في هذه الأخطاء.

وأتحوّل معك إلى طبيعة الأخطار، ولن أجعل الكتابة هنا دروسا في الوقاية والصحة والعلاج من ألمراض والسلوكات المرَضية. هو تحميل لمسؤولية وتعليم لها وتطلّع للالتزام بما يناسب وما يوافق السلوك الصحي. الأخطار نعيشها نحن كمجتمعات اليوم. ننتج الضجيج وكثرة استعمال الأشعة المتنوعة، نراكم احتمالات الأمراض وأخطرها، ونحن في كل هذا غافلون ذاهبون في تيه وشره كبيرين. قد أستعمل معك هنا ومع القارئ كلمة ولفظة الكبت. وأعلم أننا بنيتنا النفسية كمجتمع مغربي على الأقل، تستفزه هذه الكلمة وتجعل غصة في حلقه لأنها تخلط الغرائز وتثيرها في تلفظها جهلا بآليات وميكنازيمات التحكم فيها. في حين أنها كلمة تدل على أن الإنسان لم يتحرر في سلوكه الداخلي من إثارة الغرائز لكي يجعل للعقل فسحة التحكم في التحليل والفهم والاختيار في كل قول أو فعل أو شعور أو إحساس. فعلا إننا مكبوتون بأفعال تحوّلنا إلى عدوانيين. يكفي أن تطلب من شخص يجلس داخل جماعة ويريد التكلم في الهاتف أن يذهب إلى غرفة مجاورة وخفض صوته. يكفي أن تنتظر ردة فعله قبل الغوص في ما يفكر فيه لحظته. ستجد على أنه رافض غاضب مستفزٌّ في أناه.

وهذا الآخر هو نحن الكبار. وهي سلوكاتنا التي انتجت سفرنا ورحلتنا. أدعوك لتطهير سلوك أجيالكم في المستقبل من هذه الأشكال من الخلل. ولتعْلم، فإن المجتمعات قد تطورت حضاريا ومدنيا، ونحن نحاول فقط دون النجاح في اللحاق بها تربية وسلوكا رغم ادعائنا بامتلاك مكارم الأخلاق ولا نعلم للأخلاق سياقا سوى آليات المراقبة والتحكم في حرية الفرد وتعبيراته.

والموقف الموضوعي تفهم للواقع وللظاهرة، تقبّل للملاحظة دون تأثير ميولات الذات ورغباتها التي تتهيأ دون اختبار واحتكام العقل ومنطق التحليل. ذلك لكون الغرائز تتفاعل طبيعيا بين غددها وخلاياها ومثيراتها، فتكون مثل بركان اتقدت فواهته. في حين أن العقل هو ميدان خصب يحتاج لمعادلة ووصفة متوازنة من أجل زرع حقل الفهم والمعرفة إنتاج الأفكار والقناعات فيها. وليَ أنا أن أشبه في نهاية هذا الفصل الباحث عن الغريزة عن الباحث عن الفكرة. من ينطلق من هذه دون تلك. من يريد التحليق يمتلك الفكرة، وتلك حرية. ومن يريد الغريزة يريد التشييء والالتصاق دون الجاذبية. ولك ان تميّز بطريقتك. علّني وُفّقت في التمييز والتشبيه. وإذا لم يتحقق ذلك فهي محاولة تُقربك من هذا الفهم وتدعوك لتكميله وتطويره.