Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
ورطة السيد المدير

ورطة السيد المدير

سكنه الرعب في دواخله. تدلى عنقه مفارقة و إطلالة على أسفله، وجده مبللاً سروالُه. لم يستطع طلب نجدة، و لا إصدار أمر للشاويش تحت إمرته. اختلطت عليه و امتزجت مخاوف محنته. كل الطفولة التي قضاها منطويا و شاردا عن رفقته، و كل الإهانات التي صبر عليها حتى يتسلق سُلّم ترقيته، لم تُسعفه في استنجاد و استعطاف.ـ

جرذ صغير و حقير اختلق الحدث. اندس لفضاء حجرة النظافة متسللا من الشقوق الكثيرة و الكبيرة التي تميز بناية إدارته. انحبس دمعه و استحضر عرضه. في تلك اللحظة وعد القدر بكل ما يملك لكي يُخَلّصه من ورطته.ـ

سيصلح المرافق. سيرجع الاموال لصندوق المصالح. سيرقي الأكفاء بدل حثالى التملق و النفاق و الوشاية التي توقع بكل معارض.ـ

رافعَ ذاته محاكما لها حتى يحقق ميزانا بين كف الخوف و كف الخلاص. ساءل دواخله : أيكون مبعوثا من طرف المدراء و المسؤولين الكبار؟ أيكون واحدا منهم اختار إلى جانب كوابيس الفضح لخروقاتي لعبة بنقطة ضعفي الكبيرة؟

استنجد بأمه التي ولدته. تَفَكَّر أنه لم يزرها منذ مدة. لم يُقَبّل يدها منذ تقلَّدَ بربطة عنقه.ألصق كفَّيْه بشفتيه. اختلط لعاب خياشيمه و بلعومه. استعاد ابتلاعه بملوحته. قَبِل كل النعوت التي طرقت آذانه خلال مشوار عمله و معاملاته. هو الكلب. هو الضبع. هو الحقير... هو الجرذ. لكنه فقط لا يريد أن يمثُلَ أمام فأر وضيع و مهيب.ـ

شمَّ رائحة سيلانه. عاف اختلاطها بأدرينالين ساقط. اكتشف أن الإنسان اكثر ارتعابا من عالم جرذانه. عاد لجحره السري و تركه واقفا مرتعشا و مرتعبا كشجرة مُرّة بالنتن مخلَّلة.ـ

استعاد نبضه الطبيعي. رجّ باب الحمام بحذائه. نادى بصوت غليظ عائد من جراح وشائجه على الشاويش : اذهب بسرعة للمنزل و أحضر لي كامل بذلة بتحتِيِّها و فوقيٍّها. مرافقكم اللعينة كلّها وسخة و مهترئة.ـ

هرول الشاوييش منفذا للأوامر، خائفا من مخالفته بقدر مفاجىء :تُرى لو لم اجد سيدته أو خادمته، كيف سألبي له طلبه؟ تُرى لو نهرتني زوجته، واتهمتني بالتواطؤ معه و التستر على خياناته؟ و هل يكفيني الوقت لكي أغتنمه في قُبَل الخادمة التي تتيتم بمطلعي و تغدق عليّ بما جاد به المطبخ و ما فُتِح من قنينات فاخرة قابعة في قبو الفيلا؟

تذكر الشاوييش يوم استقل سيد إدارته سيارته و كان سائقه في رخصة مرضية. يوم رجع به من وليمة أقامها كبير وزارته. كيف الْتَهَم تحت الأوامر الدجاج غير الطازج و اللحم الغنمي، و ما تلا كل ذلك من عروض حلويات و مأكولات. كيف استعجل توقيف عجلات السيارة في الطريق و هرول معها هذا المسؤول الآمر بين أشجار الغاب القريب، ولم يكد ينزع سرواله حتى كان اختلاط هذا بذاك بما لا يمكن وصفه او تكون هناك رغبة في تلفظه، خصوصا وانه طامع في شهيوات من الخادمة التي ستخدمه بمنزل سيده.ـ

بكى كطفل صغير و هو في قاعة انتظار كانت غرفة إعدام بالنسبة له. تذَكّر الضريح الذي أغلقت عليه أمه بابه و تركته في ظلامه و أشباح حيطانه و قبته المخيفة. كيف بقي في صراخه و بكائه لمدة الساعتين، خرج منها مبللا و ملطخا. كان ذلك سبيل لتخليصه من زعزعة خوف و سلبية مواجهة.ـ

اهي نفس التجربة في حاجة إليها؟ ساءل نفسه وهو يسخط و يندب حظه و قدره، و ينتظر شاوييشه اللعين. توعّد : إذا تأخر هذا الحقير سأبرحه بالكلام الذي لن ينساه ابداً.ـ

ـ سيدي، لم أجد لا الخادمة، و لا السيدة. جئتك ببذلتي الرمادية التي وضعتها بالمصبنة امس. رغم انها طويلة على قامتك، فربما تحقق الغرض و المطلوب.ـ

و خرج السيد المدير ببذلة سوداء من فوق و رمادية من تحت، و بحذاء بقيت عليه آثار الكارثة.ـ

ورطة السيد المدير