Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu

السفر الحلم ـ 8 أوربا

لا يمكن للمرء أن يصف نعش الموت إذا لم يعش الظاهرة ويجربها...ولكن كيف يستطيع ذلك وهو يكون قد مات؟هل يعود للحياة من جديد...؟داخل ظلمة حالكة ورائحة خشب بارد،ملوحة مختلطة بحموضة تحبس الأنفاس... وفعلا كانت الأنفاس محتبسة..لا يعلم في حكيه الذي يتقن تفاصيله،ما يجعله الأول هل الأنفاس أم الوعي أولا؟ضغط تنفس وخروج رغوة من الحلق الى خارج الفمواهتزاز جسد وتسارع خفقان قلب ازداد مع الحاجة لتنفس الذي خلا منه صدره،ومع حالة الخوف التي وجد فيها نفسه داخل حلكة او جحيم هو شعر به مع  رضخ النعش الخشبي ـ الصندوق اللعين فوق الأرض...ان تكون عالما واعيا بانك ذاهب عمليا الى قبر،كيف يكون شعورك؟كيف يكون شعورك وانتترى وضع مشنقة حول عنقك،وهم منفذون لأمر اعدامك؟

كلما عاود حكي التجربة الرهيبة،وضع نفس التساؤلات ،بل زاد من تعميقها و اضاف اليها الجديد..كان عزيز شريكه الذهني والفكري في تطوير حكاية هجرته،خصوصا لما تختلط بين صديقين السخرية مع شفقة النفسية و الوجدانية،مع الحزن على خطورة المغامرة ووشك فقدان الروح و الحياة،وفقدان صديق العمر الذي تعانقت مراحل حياته ملتفة مع مراحل صديقه..حتى كانا مثل شجرتين ملتفيتين بأغصانهما وجذوعهما واشراقاتهما....

كيف يكون شعورك وانت ذاهب من مرحلة قد مِتَّ فيها الى مرحلة اعدام.هل هناك اعدام بعد الموت؟أي تنكيل هذا يمكن ان يعيشه المرء؟ ألهذا حُرم التنكيل بالجثت؟

ـ في الحقيقة،كان عليهم أن يجعلوك وجبة لسمك البحر.خصوصا وأنك ببدانتك ابا حميد ستفيهم من البحث عن قوت خارج مضيق جبل طارق،ولن ينظر هذا السمك لجسد نحيف مثل جسد عزيز المسكين.... يعلق ساخرا عزيز،وتختلط دموع الضحك حتى رؤيةالنواجذ مع الترويح عن النفس التي لا زالت آثار الهلع تسكنها في بعض منامات وكوابيس عاشها حميد...

ـ والحمد لله أنك ممِتَّ ثم عشت.المهم أنهم اشفقوا على حالك وساعدوك على الاستقرار بالديار الاسبانية والحصول على اوراق الاقامة.كأنهم هم الذين كانوا سببا في غرقك قارب موتك....هاهاهاهاها

ـ انت حي و ميت الذي لا يموت.كيف يعقل ان يذهب موتا غرقا إحدى عشر فردا وتعيش أنت وحدك.. عندك سبعو أرواح..العجب هذا! في الحقيقة يلزمك فيلم سينمائي..تكون بطله.

ـ انت آ سيدي سير كن بطل لفيلم ديال الغرق الله يأخذ فيك الحق... ما تمرض ما تموت..دائما عينيك خارجين للدنيا تلتقطها كاملة...يفرغ حميد شحناته النفسية مع صديقه ،سواء عبر الهاتف أو خلال لقاءاتهما التي جاءت في مناسبات بعد الحادثة.

ـ إيوا ها أنت رجعت ساباني بالاوراق،خدام في اوربا،تمشي وتجيء الى بلادك،بسيارة ووبركة نقود... ما بحالك احد.سعداتك آ سيدي...

ـ الدنيا دائما هم و مشاكل..راحة البال التي كنت فيها قبل السفر  و القناعة التي كنت اعيش فيها احسن من فتنة الحال الآن...الآن تفكر في ما ضاع منك في الماضي ولا يمكنك ان تعوضه.. وما تحصل عليه الآن شيء آخر غير كافي...رغم النقود ور غم ان الزواج تيسر وكان مرغوبا فيه.... كلما فكرت في تجربتي الالوى التي رفض ابوها ان يزوجني فيها ابنته التي كنت احبها... كلما فكرت في سعاد التي كانت خائفة من رجل غريب عن ثقافتها وبيئتها...أشعر أن جزءا مني قد ضاع مع التجربتين... حميد آخر يعيش الآن..يشغل عقله أكثر من أي وقت مضى...بعض الأحيان لا أنام الليل بأكمله...آلة العقل تشتغل برتكيز وسرعة كبيرتين تشعر معهما بضغط دموي ونبضات حادة بعض الأحيان....فيما مضى كنت هاني،الآن أدخن علبة كاملة من السجائر وثلاثة أكواب من القهوة... كل مرة يحتاج هذا ال (حميد) الى غسل دماغ بنواع كحول مختلفة.. هذا هو حميد الجديد...الامواج التي واجهتها في معانقة الموت والنجاة منه،تقابلها أمواج السجائر والنبيذ...المرء يحتاج الى غيبوبات متكررة حتى يتيهأ للغيبوبة الكبيرة خصوصا وانني عشتها،واعلم هولها وفزعها... كوابيسها لا زالت حاضرة،وملاقاتها اعلم كيف تكون..كمن خاض حروبا ويدري وقعها وجحيمها....اي سفر هذا الذي حققت به أحلامي..اي جنة فيه؟لا أوربا تحققها , لا مولاي ابراهيم يشفع لك بطقوس اصحاب الحال فيه اتهنأ وتهدأ مما انت فيه!.; ولكن، لابد لي أن اسافر من جديد وأعبر هذا البحر اللعين أخي عزيز.الى اللقاء في عطلة جديدة.