أستيقظ صباحا على حلم جديد... لم يسعفني حلم الليل الذي طالما اشتقت اليه في التجلي في المرافقة... حملته معي على عاتقي حتى إطلالة أشعة شمس جديدة ، لاحت مع الأفق الاتي من الشرق بفلق وردي خفيف،يحاول أن يزيح الظلمة الملتبسة بالسماء، بعد أن غادرت النجوم سهرتها الاحتفالية و المتغنية بسمر ولى ،الحارسة على وقائع سجلت خلسة من مرأى و مسامع الآخرين... فكل منا حاول القيام بها دون رؤية المجاورين..
و كان الاستيقاظ عبورا لقنطرة من جديد ... محاولة لاختراق ثوب الحياة لخيط جديد ، عله يسعفني في نسج سبيل و رتق جرح قديم ... رافقتني الابتسامة في العبور... و حيث لا وقع جديد غير الحلم الذي آثرت أن أنقله من النوم الى اليقظة... قلت حلم الثوار يعاش و لا يحتلم... لابد لي ان ابحث عن حقوله ، وأحفر له سبيله بين الاشواك و المسالك الوعرة التي تخترق حياة البشرية كتجاعيد لا تنفك عن الاحفرار بقدر ما تطلب رفعها عن صفحة الحياة ووجهها الجميل ...
كم منا ، يبدأ بابتسامة الصباح في مواجهة أول اشعة شمسية، طامعا في امضائها و موافقتها على فتح سحب السعادة و امطار شآبيب رحمة ملكوتية على طول وعرض النهار... كم منا ، يبدأ بابتسامته مستقبلا نظرات الآخرين ، علهم يشفعون لحلمه ، ويرافقونه فيه، ويشاركون في تحقيقه ... و كم منا يخاف من المبادرة فيفعل ما يفعله المقطبون ، فيكسر مرآة الحلم المحمولة عرض النهار ، يجعلنا نتبادل هذا الانكسار من أول الصباح...
لو أن حلمي وقفت على عنوانه فوق القنطرة الممتدة للعبور ... لو أنني جعلت منها فاصلا بين الليل و النهار، بين الحياة و اللاحياة... لو أن القنطرة كانت وقفة ثورية على هذا الجمود الذي جلد نومي الطويل بدون دفء خيال او نشدان امل... لو انني رفضت الاستيقاظ حتى ارى استعداد هذا الكل أمامي لما كمل عملي... ماذا تراني ساحقق... ولكن مادام قانون الصبح يحتم العبور ، سانقل مشروعي الى هذا الجسر الذي يسخر من قدري كل صباح ... ها أنت تعاود الطموح ، وتعاود الحلم ... ماذا تقدمت به من خطوات ؟
كل صباح ،تراوغ الوجوه و العيون ، تحدث نقلة مع خفقان القلوب،ترى،هل هذا الصباح سيعلن الجديد؟ هل استعد الكل للتغيير؟ لا ابتسامات في الاجابات... رتابة جديدة، نعم. حركة مكررة نعم.لكن، ملامح تغيير ، ليس بعد...
فرحت لما سمعت صوت القطار وهو يوجه منبهه دون توقف او نقصان سرعة عبور.. هو يعبر من تحت القنطرة ، يمشي في طريقه المعهود.. و أنا أعبرها بعكس اتجاهه بين طول وعرض في اتجاهينا ، قلت : هذه اشارة سفر تفتح القلب لكي يسافر من جديد.. لا يحتاج القلب لهذا التنقل المكاني ، فقط اشراقة بوح و طلعة اشعة صباحية بفيح الورود وعطر الخلق الموحي الجميل ... صباحكم سعيد ـ