Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
عمران ثقافي في حاجة الى ثقافة عمرانية (1+2+3) في مدينة مولاي ادريس زرهون

عمران ثقافي في حاجة الى ثقافة عمرانية (1+2+3) في مدينة مولاي ادريس زرهون

 

 00170004

 

مدينة مولاي ادريس زرهون

 

عمران ثقافي في حاجة الى ثقافة عمرانية

 

من خلال العنوان تبدو العلاقة الجدلية بين الثقافة و العمران

 

      فالعمران خصائص هندسية و بنايات  ومجالات عيش الساكنة و تداولها لليومي في السكن والتجارة و العمل والادارة و العبادة والترفيه وغيرها من مجالات الحياة التي يأويها هذا العمران ....

        كما أن معالم الحضارة تقاس بمدى تطورها العمراني وقدراتها على تنظيمه وتوظيفه في انتاج الثقافة والاقتصاد والاجتماع الراقي والمتميز...

من هنا ، كان اهتمام الدارسين عبر العصور بهذا الموضوع ... كما كان اهتمام الساسة و السياسيين بتحصينه والاستفادة منه امنيا و نفعيا ... ولعل جل الأمم لم تخل من مشاريع مهتمة به ، اللهم الجماعات الرحل التي اعتمد اقتصادها على الرعي أو ارتبط بظروف بيئية اضطرتها للترحال كما هو الشأن لقبائل الصحراء كالطوارق مثلا... وإن كان عمل الإنسان يترك أثره عن قصد أو عن غير قصد منذ بدايات التاريخ الى آفاق المستقبل الآتي ...

من هذا المنطلق استمر اهتمام المؤسسات المحلية و الوطنية و الدولية بالموضوع ، فكان مشاريعَ واعية وسياسات تنموية ارتبطت بالسياحة والثقافة بامتياز ...

هي أدبيات يعيها الجل منا في عصرنا الحالي ، كما أنها تخلق أزمات كبيرة مثلما يقع من هدم للآثار الثقافية والدينية بشكل متنوع ومتناقض من طرف الجماعات الاسلامية ، كما في أفغانستان مع هدم معابد البودية ، أو في شمال مالي مع هدم البنايات التاريخية لأضرحة ترمز للحياة والتاريخ والعبادة والذاكرة الإنسانية للمنطقة ، أو كذلك و بشكل أخطر ، ما تقوم به السياسة الصهيونية من طمس ممنهج للخصائص الحضارية و العمرانية و الأثرية الإسلامية العربية و غيرها على ارض فلسطين ...

لكنه ، إذا كان فعل الهدم يتم بشكل مقصود يدل على استعمال العنف ، رسالة حرب معلنة على العمران ، و بالتبع على الانسان و على رموزه الوجودية عبر التاريخ ، فإن إهمال هذا العمران أو سوء تدبير الحفاظ عليه سيعتبر جناية تاريخية وثقافية واجتماعية حضارية ...

     من هذا المنطلق يمكننا تناول الموضوع و متابعة تدبيره من طرف جميع الاطراف الساهرة عليه ... ، بدءاً بالساكنة و انتهاء بالوزارات و المؤسسات المسوؤلة ...

لن نتناول الموضوع في اطار شمولي عام ، لذلك سنحصره داخل دائرة محددة هي مدينة مولاي إدريس زرهون ، باعتبارها مدينة تاريخية تسجل لبناء الدولة المغربية الاسلامية الاولى ، كما تسجل لعمران المدينة الإسلامية القروسطية بامتياز.

 

ـ العمران الثقافي : (التراث العمراني)

ـ الثقافة العمرانية :

ـ السياسة العمرانية : بين سوء التدبير و الجناية والاهمال.

 

 

  1        ـ العمران الثقافي :

 

  يمتد تاريخ العمران قي منطقة جبل زرهون و سهوله المحيطة الى ما قبل الاسلام بقرون عديدة ... وإذا كنا سنستشهد بالموقع الأثري لوليلي ، فإننا سنجعله شاهدا ملموسا على مرور حضارة عمرانية بالمنطقة مع (الموريين )الذين أقاموا مدينة بخصائصها و مرافقها المتعددة ...

و حينما ناتي إلى الحضور الروماني بالمنطقة ، سنتحدث عن الموقع الأثري لمدينة ( وليلي) ، وكذا عن مسبح (الحامة) الكبريتي ، و عن مواقع ومقالع الأحجار المستعملة في البناء، كبداية للمسح الاثري لتاريخ العمران بالمنطقة ...

           تاتي بعد هذا مرحلة العمران المندمج ـ المغربي الاسلامي العربي ـ والذي ينهل من ثقافة وحضارة وتجارب انسانية متعددة احتضنتها الحضارة الاسلامية الكبرى بمشروعها المتميز ...

 

         

                  ارتبط تاريخ مدينة مولاي ادريس زرهون بعهد الدولة الادريسية الاوْرَبية  ـ إنصافا للتاريخ الصحي ، لولا القبيلة ما قامت الدولة ـ التي حكمت و وحدت مناطق عديدة من بلاد المغرب تحت راية الامة الاسلامية ذات المشروع الدنيوي والديني والحضاري . فالمدينة تقع على بعد ثلاثة كيلومترات من موقع وليلي ، يحتضنها جبل زرهون الممتد بتلاله  ووديانه ... و حيث جُعل القبر ـ الضريح ـ محور الاستقرار والعمران ، امتدت احياء المدينة متشعبة و ملتوية تشعب و التواء تضاريس المنطقة صعودا و هبوطا مع المنحدرات الجبلية ...

 

       وتذكر الروايات التاريخية الشفهية أن احياء سكنية كانت قائمة بالمنطقة قبل نقل جثمان المولاى إدريس لدفنه هناك .. مثل حي بني يازغة مثلا ... على أن تسمية الاحياء بالمدينة ماخوذة من الفاظ و تسميات أمازيغية ، مما يطرح أكثر من تساؤل حول الامتداد الزمني التاريخي لعمرانها قبل الاسلام ... هل كانت قلاعا او حصونا موصودة لابواب ، متمنعة عن كل هجوم طارىء و مباغث ؟ بما أن خصوصيات المدن القروسطية تأخذ هذا الطابع الدفاعي الامني ...  نجد حي ، بني يازغة ، تازكة ، امجوط ،لالا يطو ، ساحة ساراك (اساراك_غ) ...

         لقد قامت مدينة إذن وباختصار، بطابع قروسطي متميز ، تجلى في توفرها على اسوار و موانع و حواجز جغرافية طبيعية ... كما توفرت على ابواب كبيرة تحيط بها من جميع مداخلها ، وتوصد مغلقة في المساء قبل أن تفتح في كل صباح على حياة جديدة ...

        إلى حدود منتصف القرن العشرين ، كانت المدينة تتوفر على كل هذه المواصفات السالفة الذكر ... و يطرح السؤال الذي سيشكل عقدة هذه الدراسة ، حول استمرار تواجد هذا العمران التاريخي بحمولته الثقافية الزاخرة من عدمه ؟؟؟

 

 

 

 

 

    0008  0024

مشاهد تم تدميرها deruits    ــــــــــــ   monuments ـــــــــــــ !!!!!  ـ

 

        2     ـ في الثقافة العمرانية :

   الحديث هنا سيكون عن درجة العلم ، ودرجة الوعي بقيمة العمران كضرورة حياتية ، و كذا بقيمته كوظيفة و تعبير ثقافيين ، يترجمان درجة الرقي الحضاري و التنظيمي ...

حيث يكون العمران تعبيرا جماليا و فنيا ، يلامس الذوق الرفيع و الملاءمة البيئية ، و الوظيفة الحياتية و التنظيمية للمجتمع و الأسرة و الفئة و العلاقة و اسلوب التعامل الميداني والإدراة والمؤسسة و الجمعية و الشركة و الحي و الشارع ...

 ستكون الثقافة العمرانية هوية حضارية و تاريخية لقرية أو بلد أو مدينة أو منطقة ... كما ستكون حفاظا على هذه الهوية و على الذاكرة الجماعية ، واحتراما لما قام به السابقون ، و تراثا ماديا و تاريخيا لهم تفتخر به كل الاجيال ، ويتعرف عليه الناس كزوار و سائحين و مختلفين معنا في ألوان الحياة ، متكاملين معهم نحن في تبادل اللوحات و اشكال التثاقف الإنساني المتطور ...

 

                   فحينما عدّدْنا معالم العمران التقليدي ، استحضرنا ضرورة تواجده و استمراره ، وكذا ضرورة الحرص عليه و الحفاظ على معالمه ... فكان لابد ، وَ وجب ، النظر في إعادة هندسته فوق خريطة و في مجسم ، ومتابعة و معاينة وضعيته و ترميمه و إصلاحه ، و الاحتفاء به في الحياة اليومية قبل المناسبات ...

           فالثقافة العمرانية أصبحت مسؤولية على أعلى مستويات القرارات الأممية ، كما في المنظمات الدولية مثل (اليونسكو) ، وفي مصالح وزارات الثقافات و الآثار و الهندسة المعمارية الاقليمية الدولية و الوطنية و الجهوية و المحلية ... و اصبحت مشاريع التنمية لكل بلد تاخذ بعين الاعتبار برامج للحفاظ  و الصيانة و التوظيف التنموي و السياحي و الاجتماعي و الاقتصادي و الفني الثقافي وغيرها من اشكال و اساليب التوظيف ...

            أصبحت الثقافة العمرانية من أولويات كل أمة ، المقدسة ، التي يجب تكريسها بشكل ايجابي ز. فكانت درجة سياستها بدرجة سياسة الحفاظ على البيئة و مكونا من مكوناتها .

      و لعل أهم مجال لممارسة الثقافة العمرانية المسؤولة ، سيكون هو مجال التدبير الوظيفي اليومي ، و مجال التربية و التعليم الذي يخلق أجيالا واعية و مستمرة في الحفاظ على تراثها المادي و المعنوي ، منسجمة معه بشكل صحي و ايجابي ، مدمجة له في كل تصور و تخطيط و برمجة ...

  هذا إلى جانب الحملات و التظاهرات الرسمية و الجمعوية ، التي يجب أن تستغل في مثل هذا التحسيس و التربية ، مع توظيف وسائل الاشهار و الاعلام و الملصقات و اللوحات و اللافتات المحتفية بالاحداث والأنشطة و غيرها ...

 

 

3    ـ بين الوعي بالمسؤولية و درجات الاهمال الحاصلة :

 

     سناتي في هذا الجزء من المقال لمرحلة محاسبة الذات (الأنا) و الجماعة في تعاملهما مع موضوع التراث العمراني الحامل للدلالات التاريخية و الثقافية و الحضارية ...

   هذه المحاسبة التي ستواكب التحولات العمرانية و ثقافتها المجتمعية ، في العقود الأخيرة ... سنبدأ بالتساؤل حول معالم المدينة العتيقة القروسطية ، هل لا زالت قائمة باسوارها و أبوابها واقواسها و ساحاتها ، ودروبها و خصائصها التقليدية في الترميم و البناء؟

   ثم نعرج على الهندسة المعمارية الحديثة و التخطيط العمراني للمدينة ، والتوسع المجالي لها ، فنطرح نفس السؤال ، ونضيف عليه مدى رقيه لتمثيل المدينة جماليا و ثقافيا واجتماعيا و سياحيا و حياتيا عموما ؟ مدى ملاءمته للبيئة و تخطيطه للمستقبل في إطار الحفاظ على الهوية و حفظ الذاكرة ، مع الانفتاح على آخر التطورات التكنولوجية والصناعية والثقافية الهندسية الحديثة في الاستفادة منها قدر الامكان في التوسعة و الثقافة العمرانية ؟

    وهي اسئلة تلامس بشكل مرْسَمِيٍّ جماليةَ اللوحة و انسجام ألوانها و تناغم عناصرها ، وانبعاث الحياة فيها بشكل صحي متجدد ، تنموي متطور و تقدمي متصاعد المنحنى ...

     بالعودة إلى الواقع ، سنصطدم بالحقيقة المشمسة التي لا ينفع معها الغربال في تغطيتها والتستر عليها ... سنحاسب فيها أجيالنا و سياساتنا ، على الأقل في عقود تحمُّل المسؤولية في مراحل ما بعد خروج المستعمر المحتل من الاحتلال المباشر لبلدنا ...

    سنذكر كشهادة للتاريخ بعدم مرور اية حرب مدمرة للعمران بهذا البلد الأمين . كما غياب أية هزة أو زلزال أرضي ياتي على الأخضر و اليابس ، القائم و المتهدم في البيئة و العمارة و البناء ، بين الجماد و النبات و الأحياء ...

     هذه الشهادة أغفلت ربما أخطر العناصر تدميرا ، و هي الجهل و الأمية ، التخلف و الفساد التدبيري المادي و المعنوي ، الاستبداد بالراي و القرار ، و التعسف به على وجدان الأمة و المدينة ، و الرغبة في تمريغ الكرامة حتى بالتدخل في هيكلة العمران و ثقافته من أجل تكريس قدسية القرار السياسي و التربية على احترامه و الخنوع له ، وخدمة المصالح الذاتية الأنانية على حساب مصالح الجماعة و البيئة و الهوية و الذاكرة و التاريخ ، في موضوعنا هذا  الذي أصبح حجمه يتضخم تورما و صراخا و شكاية ...

     إن هذا البطل السلبي في مشهدنا هو الذي مارس الحدث و السياسة إلى حد الآن ، على حساب الضحية التي تريد أن تكون إيجابية في دورها ، لكنها لا تستطيع ، أو لنقل إنها لا زالت متهزمة أمام البطل الشرير كما في افلام القيم الدرامية ....

        حينما ناخذ المتابع للمشاهد الدرامية لهذا الموضوع إلى ارض الواقع ، سيشاهد غياب الوصف الذي جعلنا به بناء و هندسة مدينة تاريخية . سيُكذب ربما وصفنا ، لكنه سينتقد واقعا مزريا ، وتخلفا تصوريا و تدبيريا للمجال العمراني .

      في مرحلة الثمانينيات من القرن العشرين ، استحضرُ شهادة جيلي الذي عانق فيها الشباب ، كما عانق اشكال وعي جديدة ، وطرق ابواب النضج و الوعي والنقد السياسي للمسؤولين على التدبير المجتمعي الوطني و المحلي .

   

       لقد عانق الاستبداد و ثقافة التدجين للشعوب ، فلسفة و سياسةَ التدبير لشؤونها. و كان المقدس هو المصالح الذاتية لأصحاب القرار على حساب المصالح الحيوية للجماعات التي تعيش تحت كنف وسقف المسموح به لها عطفا و رحمة من صاحب الجبروت في السلطة السياسية و التنفيذية ...

 

     عانقت كذلك ثقافةٌ بدوية جاهلة منتقمة ، لكنها جافة ، سياسة تدبير العمران و الثقافة العمرانية . وجدنا نمطية قاتلة جعلت على المجسم طابعا كاريكاتوريا رسم البلاد اقواسا صغيرة ، كأنها فضاءات لأسواق تجارية اسبوعية ، وُزِّعت داخله أشكال جلابات واشجار يتيمة مستأصلة ... و طبقت النسخة على كل قرية و مدينة ، وعلى كل مركز عبوري في الطريق ، كلوحة تتكرر لتكون مجالا لعبور المواكب الرسمية أو تأدية أشكال الولاء أمامها ، أما وراءها فبعده الجحيم ، لتكون السادية السياسية اعلى مستويات الأنانية في القرار و التدبير ...

       هكذا يمكننا إذاً وصف قرارات وزير الداخلية الأسبق السيد إدريس البصري ... و هكذا يمكننا كذلك تعرية الواقع المرير بسياسته التي مورست على العمران الثقافي المحلي ... فتحولت معه المدينة إلى ساحة اشباح داخل اقواس مشوهة ... وطمست معالم حضارية عمرانية عمَّرَت لقرون ، وجسدت حياة حضارة استمرت و أنتجت و ارتبطت بوجدان أمة و نَفَس حياة ، لكنها اغتيلت و اغتيل معها تاريخ جيل بأكمله ، وانمحت ذاكرة حضارة و أمة و مدينة ... إن هذا ما وقع لمدينة مولاي ادريس زرهون بحسب وعي ضمير كاتب هذه السطور . و إن المسؤولية لا تلقى على منفذ القرارات وحده . ذلك أن درجات تخلف وعينا المجتمعي ، ساهمت هي الاخرى في تدمير خصائص عمراننا الثقافية ، و بقائه حاضرا و مستمرا لأجلنا .

      انمحنت من على خارطة الوجود و الواقع أسوار عديدة تاريخية ، هي حصن المدينة القديم . ودُمِّرت اقواس ، وغابت بابوابها ، وسُحقت ساحات بوظائفها ، وفنادق بهندستها ، فأقيمت بدل كل هذا و ذاك ، بنايات اسمنتية ، بعضها شُبِّه ب (الكتراز) ـ ذلك السجن التركي الشهير ـ . حيث ماتت أفئدة بأرقام دكاكينها ، و كسدت تجارة و ماتت روحها مع اصحابها ، وطُمر من الوجود مجال تفاعلي لأجيال متعددة كانت تنعم باحتقالية تواصل هي سعادة و راحة وانسجام مع البيئة و المحيط ...

      اصبح التخطيط العمراني و المجالي الجديد مكبلا للحركة و الممارسة الثقافية و التواصلية اليومية ... اخترقت ثقافة الاستبداد تحت غطاء و داخل غلاف المقدس ، مجال تدبيرنا الهندسي و العمراني ، فتكبلت و قيدت و تعقدت و تعرقلت و تعثرت و بكتْ ضحكا هذه الحياة على هذا الموت الضيف على خلاياها ، الخانق لنَفَسِها ...