Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
مزارات ـ 4 ـ

مزارات ـ 4 ـ

مزارات ـ 4 ـ

بين الإخفاء والإظهار

هو فصل في الكتابة لابد منه، ما دام ملاحظات أولية موضوعية استنتجها معك في حبك والحياة بك ومعك. والكتابة هنا كما ترى بالحب. والحب هو سرّ السعادة ولخلود لهذه الروح. والحب هو ميثاقنا وعهدنا الذي لا يفنى سواء جهرا أو صمتا، حركة أو سكونا. وسأغذّيك بأعذبه وأمتعه. وسأكلّمك عن أروعه في رحلة التعرف على حب جدّك وخلوده. وها أنا أسجل المحطات التي ستكون مجالا للتفصيل في الآتي وفي الماضي وفي هذا الآن الذي نحن فيه. عقل رياضي سيشكل هندسته المطلقة الجامعة للأزمنة في نقطة تموقع ذهني وانكتابي وحُبّي وجداني كما ترى.

تعالَ الآن لتتابع ملاحظاتي المستنتجة. وقد تكون بل إنها ستكون نسبية ستتبلور من خلال التفاعل معها وتتطور.

في مراحل أولى من عوالم وجودك وأشهرك الأولى، كنت تسجل وتبرمج وتتفاعل بما أوتيت من قدرات حواسية. بدأت تلاحظ حركات وأفعال الكبار. وطبعا لسنا معصومين ولا كاملين ولا قادرين على تجنب الخطأ والخلل أمامك. فقد تسجل أنت الطفل الصغير باستغراب وتعجب واستفهام علامات اندهاشك وأقواس تساؤلك بلغتك الذهنية الصافية والآتية من ينبوع العقل.

وقد انتقلت إلى لعبتك الأولى التي استفدتها من عالمنا. لعبة الإظهار والإضمار. لعبة التخفي والإخفاء. كانت لعبُك خاضعة لهذا القانون الذي تخطه حركاتك وجوارحك وما أوتيت فرحا في التفاعل معه. كل مرة قد تجدك تؤثث الأشياء والألعاب التي تلعب بها أمامك. وكل مرة قد تنتقل إلى جعلها وراءك، بأخذها بأناملك الوديعة ورميها خلف ظهرك كيفما أوتِيَتْ رميتُها ولاحتْ في إرسالها هواء أو ارتطاما أو تصادما. وبعدها تلتفت للتفاعل معها ومشاهدتا وكأنك تخلقها من جديد وتتحكم في مصائرها. وكأنك تحاور حضورها وغيابها أو هذا الذي نسميه نحن الكبار وجودها وعدمها. وهو عقلك الذي يبرمج عملياته وتجربته، والذي يطور عوالمه التي تصهر المادي والمعنوي، الكل في تعبيره واستنتاجاته. وهو التأمل الذي ستجعله حين قراءاتك لهذه السطور. لك أن تستغرب أو تستنكر. لك أن تضيف إلى ما يساعد على فهم مرحلة طفولتك فتنهل ما يناسب لك في نموك وتطور شخصيتك. لكن، وهذا هو الأهم، ما يبني ويخلّد سعادتك وسعادتنا معك.

وحتى تبقى هذه المزارات حاضرة مع زيارتك، ومع مجيئك لمدينة مراكش، سنسجل معك انتقالك من مرحلة الإخفاء والإظهار إلى مرحلة التجلي للأشياء. تطورت الحواس وأصبحت قادرا معها على الحركة وعلى الملاحظة. قادرا على تشكيل الفهم وتمييز الحجم واللون. ربما اللغة في التعبير لم تتميّز بعد. لكنك بدأت في عرض الأشياء أمامك واكتشافها ولمسها والإقدام في على رؤيتها والتفاعل معها أكثر وأكثر. وهذا تحول جميل جعل زيارتك لمدينة مراكش أجمل في التفاعل والاكتشاف وتسجيل المعلومات وجعها تذكرات. ولا ننس تفاعلك مع الأشخاص وأنت تجتهد في جلب اهتمامهم والانتقال للتحاور معهم، وإهدائهم شيئا ما أو التوجس الذي يسبق إقدامك على محاورتهم بلغتك وذكائك وما أوتيت شخصا ناشئا قادما إلى الآتي في هذا الآن.

تقودك سلطة قدميك في المشي، المبتدئ خطوا عسيرا لكنه موفق في التحدي، إلى مساحات مجالية وعوالم جديدة تشكل لك فتحا جديدا للمعرفة والوعي والاطلاع والتفاعل والتعرف. فبين مقطورة وأخرى كانت رغبتك في الانفلات من حملنا لك بين أذرعنا، وفي الانطلاق للمشي خارجها بين ممرات القطار وعرباته. وكأن الفضاءات الهاربة من سرعة القطار شريط مرئي ومسموع وملونً يسحر نظراتك ويريد ذلك التمثل والتحليق الملائكي المخترق لكل شيء. لكنه النسبي في حياتنا الدنيوية الذي يجعلنا نخاف عليك من كل سقطة أو كبوة أو ألم جرح وكدم قد يؤذيك وأنت الملاك الصغير الذي لا يحب دمعات ألم السقوط فيجهش بكاء بريئا سرعان ما يحوله إلى ابتسامات كلما مرّ ذاك الألم.

ها أنت تعلمنا دروسا نبيلة في تجاوز الآلام والمحن والأحزان. كيف تتجاوز قرصنا، كيف تعانقنا بعد صراخنا خوفا عليك، كيف تنسى لتعود إلى تجربتك وفضولك وحبك لنا وللحياة. ما أروعك وما أروع طفولتك وبراءتك !

وأعود لتصوير رقصتك في المشي والتي تتخذ شكلا دائريا في بعض الأحيان، أو التي تنفلت من الحواجز أو تريد ذلك الانفلات انطلاقا ورغبة في حرية حركة وتحليق مع الريح. وكلما مثُلتْ أمامك أشياء، كانت هي المرغوبة في اللمس والاكتشاف. إنه عالمك الجميل الذي نواكب التزامنا ما أمكن بترشيده  ليوافق العالم الخارجي، وإلا، لو كان بإمكاننا لجعلناه في متناولك، وكنا نحن كذلك من أعضاء عالمك منخرطين في حلمه وشوقه واكتشافاته.