Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
السيرة الافتراضية ب

السيرة الافتراضية ب

السيرة الافتراضية ب

السيرة الافتراضية

قد صدق من قال اللغة العربية حمالة أوجه. ربما لولا اللغة لما استطعنا فهم العالم وتنويع أشكال تفسيره والاقتراب من حقيقته المنفلتة.

يصدق هذا على استعمالها للغة. كم من مرة نفهم خطأ ونحن على صواب، نفهم مدحا ونحن في قدح، قدحا ونحن في مدح، سخرية واحتقارا ونحن في تقدير واعتبار... وكله لغة وتعبير. قد ينفلت شيء ما في اللغة أو في الإشارة، في التلقي وفي درجات الفهم والاستيعاب... وكل مرة يكون غير المقصود.

إنما هذه الملاحظات تساعدنا هنا في جانب آخر من المقصود. لقد تم توظيف العبارة هنا في العنوان في مقال سابق بسياق آخر مرتبط بطبقات المعنى وفرشاته التحتية المنضوية في دلالاته، وها هي العبارة هنا ستاتي في توظيفها شيئا آخر. ها هو السياق والمناسبة تجعلنا نستحضر سر اختلاف دلالة اللفظ واستعماله الاصطلاحي بين حقل معرفي وآخر. وها نحن نقول إنه على اللغة أن تتسع أكثر فأكثر. نشفع لإمامنا وفيلسوفنا الصوفي النفري قوله (كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة) نراها منتمية لوضعية الاشتغال.

كلمة الافتراضي ستعني المحتمل في استعمالاتها الأولى المألوفة. لكنها تحولت اليوم إلى الدلالة على عالم الأنترنيت في مقابل العالم الواقعي أو المحسوس. وهي تأتي ترجمة لكلمةvirtuel.   وربما ما يحمل في ذاته شروط تحقيقه، لكنه غير موجود فعلا... إنه عالم منفلت غير متحقق إلا بشروط. لكنه لا يدل على روح متجددة في كائن مخلوق أو ظاهرة كونية طبيعية. إنه الدال اليوم على عالم الشبكة العنكبوتية التي خلقت تفاعلات وتواصلات متنوعة سرعت من وتيرة العلاقات والمبادلات وأشكال التعارف كما في مواقع التواصل الاجتماعي مثلا.

هذا العالم الافتراضي جعل الفرد أكثر فرداني وانشغالا مع آلة إلكترونية حاسوب مثلا أو لوحة أو هاتف... خلق حرية داخلية في التعبير كما مدى آفاق شاسعة خارجيا في التواصل. جعل من الفرد كائنا رقميا قد يحمل رمزا واقفا جديدا، إن لم نقل هوية جديدة مرتبطة يراهن تشكلها وما استحضرته في مجموعها القيمي والنفسي والخبرات في  ان تواصلها. وحينما سيصبح هذا الراهن دالة على مسافة زمنية جديدة، تقتطع من اليومي، وتبعد عن الحياة الواقعية، كما تراكم سيرة وأرشيف خاصا بهذا الكائن الإلكتروني الجديد، الكائن الافتراضي الذي قد يكون إخراجه بعيدا عن حقيقة صاحبه ذاك الكائن الواقعي الذي يوجد خلف الشاشة والمرآة. حيث لا جنس، ما دام الذكر قد يصبح أنثى. حيث لا رقابة، ما دام الشخص متحرر من كل تهديد بعقاب مباشر أو من عالم المحيط التربوي والاجتماعي الذي ينتمي إليه.

حينما ترى شخصا جالسا اليوم بمقهى أو معنويا في غرفة أو شاردا في عزلته، يمكنك أن تسأله عن شخصيتين الواقعية الافتراضية. يمكن لأحدهم أن يجيبك بأنه زيد واقعيا و زياد افتراضيا. بأن صورته في الشبكة العنكبوتية كذا، أنلقبه هو كذا. أما سجله الذي يشكل هويته الافتراضية فو مجموعة ألبومات واذواق موسيقية وسيرة سطرها لكي يتعرف الآخرون عليه بها.

ويطرح السؤال عن المسافة التي ستصبح فاصلة أو دامجة بين العالمين: الواقعي والافتراضي؟ أية سيرة ستسجل لصاحبها وهو صاحب السيارتين؟ أي انفصام يمكنه أن يحدث بحيث لا يستطيع الفرد معه أن يتخلى عن طرفيه المتناقضين، ثنائيات قد تتوافق وقد تصطدم سواء داخل كيانه أو على أرض الواقع.

قد يسرع صباحا لمقهى لكي يسافر في عالم النت. بطاقته تعبئة أو بث أو رقم سري أو قن سري. ربما أداء نقدي ضروري لكي يسافر ولكي يجدد كيان تواجده وشخصيته الافتراضين. قد يشعر بالتراب إذا ما تصاعدت المسافة الزمنية بينه وبين عالمه الافتراضي. أي سحرهذا؟ 

فيما مضى، كان يسمى مسا بالجن وأرواح شريرة. ها هو اليوم أخذ شرعية تواجده بين ظهرانينا. حلم يقظة يخترق الواقع وقد يؤثر فيه سلبا أو إيجابا، مادام تواصلا  تفاعلا يقرب البعيد كما قد يبعد القريب.