Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
الهجرة الثقافية ـ 1

الهجرة الثقافية ـ 1

الهجرة الثقافية ـ 1

الهجرة الثقافية

الحديث عن الهجرة الثقافية تتبع لمسار التحولات البشرية و كيف حصلت بفعل وبتدخل العامل الثقافي و الفكري،  دور كل ذلك في تغير الحياة العامة و تبادل عمليات التثاقف و التأثير و التأثر و كذا حصول التدافع التاريخي الذي يحقق التطور البشري العام.

أول ما يبدو لنا من خلال هذا التقدييم هو ورود مصطلح التثاقف. وهو معبّر بشكل جيد عن جدليات التأثير و التأثر الواقعة بين الأفراد و بين الجماعات البشرية. و إن كان اهتمام الدارسين قد انصب عليه عربيا و غربيا فتصاهرت الدراسات و الاشتقاقات المرتبطة به، فإن وقوعه يدل على أن الكائن البشري لا يستطيع أن يحقق الحياة و تطورها داخل انغلاق و ابتعاد عن باقي أفراد جنسه. وطبعا في ذلك سنة كونية ترجمتها فلسفات و معتقدات حدست بخطابها لأهمية الاحتكاك و تبادل الأفكار و التجارب و المعلومات و المصالح بين أفراد الجنس البشري. ما يدل على أن جل هذا ليس بجديد. لكن الجديد هو هذا التأطير الذي يريد أن يواكب بشكل معقلن و بطريقة مبنينة هذه التموجات المتنقلة و غير المرئية في الفكر و السلوك و غيرهما مما ينتقل كرحيق تنقله نحلة بين زهرة وأخرى.

Acculturation، أو التثاقف و المثاقفة، تلك مصطلحات و مفاهيم احتضنت دراسات ميدانية و أخرى مقارنة لما يمكن أن تحقق من هجرة ثقافية للأفكار والسلوكات معها. لكن رصدنا لموضوع الهجرة الثقافية ربما يجعل الاشتغال يطور المفهوم لكي يسع موجات الانتقال الموضوعي و عدم الاكتفاء و الحديث عن التأثير و التأثر.

 و رغم أنه يصعب التفريق بين الهجرة الثقافية و قولنا بالتثاقف، فإنه يمكننا القول على أننا نطمع في الوصول إلى ما هو أعمق و أوسع للحركية الافتراضية والذهنية و التغيرات التي تقع عليها بفعل التواصل و التبادل و العلاقات العامة الفردية و الجماعية.

إن مبتغانا هو شق الطريق لرسم فيزياء تفاعلية و كونية للحياة الثقافية. شمولية في البحث نستطيع بها أن نشخص ما يقع و لماذا يقع و تغيرات ما يقع.

و إذا سطرنا حرية توقيع ملاحظات أولية فلربما سنقول بأن مجال البحث  رحب و شاسع و الصعوبة فيه هي إنجاز الخطوة الأولى داخل الألف و تمرير دليل الاستمرار فيه لآخرين حتى يكون التكامل و التطوير و التقويم لحقل اشتغال زئبقي في الملاحظة و محاولة القبض على مادته.

سنتصور العالم موجات غير مرئية، أشعة متفاعلة بين أجهزة إلكترونية و أقمار اصطناعية و شبكات تواصل عنكبوتية... هذه الموجات سنضيف لها فعل المقروء و الدراسة العلمية و الفكرية و الأدبية و عمليات الترجمة و تغذية العقول التي تتم بها جميعها كذلك... و إذا استحضرنا فعل وسائل الإعلام فإنها ستشمل هذا و ذاك و تضيف له الشاشة و الراديو مثلا، أي المرئي و المسموع لكي يعزز نظرية التفاعل والتغير التي تتم بين الأفراد و الجماعات...

ليس هذا بغريب و لا جديد. نسجل على الأقل دور وسائل الإعلام في التحكم في الرأي العام و صناعة القرار و تغيير المواقف و تجييش الجماعات و تحريك الساحات بل  و إحداث انتفاضات و ثورات موجهة عن بعد حيث تصبح معها الجماهير لعبة متحكم فيها بين لاعبين أساسيين يصنعون التاريخ فوق مادي برغبة فردية مادية مرتبطة بالإرادة و المصلحة و الانتصار للذات فيما ترغبه في الآخر إسقاطا و تحقيقا.

غالبا ما نستحضر كلمة الهجرة و نراها في الآخر، لكن أن تعيشها و تكون موضوعها فذلك أمر آخر. فهل الهجرة مرتبطة بالمكان هنا؟ طبعا لا. الهجرة هنا انتقال الفكرة و ما يرتبط بها بين الأفراد و الجماعات. بمعنى آخر، فإنني أنا هنا في المغرب مثلا، و داخل أو فوق نقطة طول و عرض و مربع تموقع تحدده الجغرافيا كما شبكة الترصد العنكبوتية و المرتبطة بالأقمار الاصطناعية، تعبرني كم من تيارات فتحل بذاتي و تنتقل من اخرى إلي أنا مثلا. سيكون الآخر منتجا للفكرة و أكون انا متلقيا لها. ستنتهي الفكرة و صلاحيتها عند الآخر و تبدأ صلاحيتها عندي مثلا... نسبية الثقافة و الفكر هنا سترتبط برؤية ما يصلح للاستعمال و ما أرغب في استعماله، ما جرّبه الآخر مع ذاته و محيطه و رأى ضرورة تعديله و استبداله، و ما أحتاجه أنا كفكرة و أحتاج إليه كعملية حياتية و سلوكية. فقد عبَر الآخر مسافة الخمس مائة مترمثلا، بينما أنا ما أزال في مرحلة الأربع مائة، ما سيضطرني زمنيا لتقلي فكرة الآخر و تجربته في ملحة بعده أكون معها قد تلقيت ثقافة و سياسة و استهلكتها في مرحلة زمنية و مكانية ليس مثل الآخر في استهلاكها ربما.

ليس ففي الأمر تعقيدا بقدر ما هنالك من تشكيل فقط. و هي محاولة تبسيط ترسم هندسيا ما يمكن أن يقع فيزائيا في تتبع خيوط هذه الهجرة الثقافية التي نتحدث عنها.

و إذا انتقلنا إلى تجارب الشعوب لمحاولة رصد الظاهرة بشكل أعم و معاين ببصمته التاريخية الموقعة  بالسياسة و الاقتصاد و الاعتقاد و أسلوب العيش و التفكير و الاستهلاك سنجد ما يبرهن على تعايش ظاهرة كبرى مع حركة التاريخ الكبيرة كذلك.

فما هي الأمثلة التي سنشق بها طريق الاستبيان لهذه الهجرة الثقافية؟