Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
تساؤلات حول  مصطلحي الحداثة و التجديد

تساؤلات حول مصطلحي الحداثة و التجديد

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة  :

 

((تعبر كلمة حداثة (بالإنجليزية: Modernity) (عصرنة أو تحديث) عن أي عملية تتضمن تحديث وتجديد ما هو قديم لذلك تستخدم في مجالات عدة، لكن هذا المصطلح يبرز في المجال الثقافي والفكري التاريخي ليدل على مرحلة التطور التي طبعت أوروبا بشكل خاص في مرحلة العصور الحديثة. بشكل مبسط، يمكن تقسيم التاريخ إلى خمسة أجزاء: ما قبل التاريخ، التاريخ القديم، العصور الوسطى، العصر الحديث والعصر ما بعد الحديث .

 

معظم الحياة الحديثة تغذت من مصادر متعددة: اكتشافات علمية مذهلة، معلومات عن موقعنا من الفضاء وتصورنا عنه، مكننة الصناعة التي حولت المعرفة بالعلوم إلى تكنولوجيا، وغيرها. كل هذا يخلق بيئات جديدة للبشر ويدمر القديمة، فهو يعجل حركة الحياة، يبلور أفكارا واتجاهات اجتماعية وسياسية ودينية، يكون قوى وسلطات جديدة، يعقّد العلاقات بين الناس وبعضهم وبين الناس والمؤسسات المختلفة، يزيد أو يغير اتجاهات الصراعات الطبقية ويفصل الملايين من البشر عن تاريخهم وعاداتهم الموروثة منذ الأزل.)) .

 

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتوخى هذا المقال تناول مصطلحين بالمعالجة و التحليل ، و هو في هذه العملية المزدوجة سيرصد الاستعمالات و التحولات و الوظائف الخلفية لاختيار أحد المصطلحين أو كليهما ...

طبعا ، مصطلح الحداثة عرف زخما كبيرا و حجما عريضا في التناول و الاشتغال .. بل إنه شكّل المادة السائلة لمحرك الخطاب الثقافي و العلمي و الفلسفي و الفني والأدبي خلال القرن العشرين و بداية هذا القرن الواحد و العشرين ... و خلال ذلك اخترقه الآخر الزاحف من أعماق التحليل الفلسفي و الثقافي و الموضوعاتي ، و هو مصطلح ما بعد الحداثة ...

يشير الدارسون و الباحثون الأكاديميون إلى صعوبة الإحاطة بمصطلح الحداثة ، و انفلاته من الحصر في مجال معين ... كما يؤكدون على أن الإلمام به يحتاج إلى بذل جهد و عناء فكريين و ذهنيين ، من أجل استيعاب معطياته المتشعبة و اختراقاته العميقة ... فالأستاذ محمد سبيلا يؤكد في مقال له حول الموضوع على هذه الفكرة في تقديمه له :

((يشكو العديد من الدارسين من غموض معنى الحداثة، ومن تعدد وعدم تحدد مدلولاتـها. وإذا كان هذا الغموض والالتباس يرجع في جزء منه إما إلى غموض ذهني، أو إلى غياب العناء الفكري اللازم أحيانـا، أو إلى سوء نية مسبق ضد الحداثة، فإن أحد أسباب هذا الغموض هو كون هذا المفهوم حضاريا شموليا يطال كافة مستويات الوجود الإنساني حيث يشمل الحداثة التقنية والحداثة الاقتصادية، وأخرى سياسية، وإدارية واجتماعية، وثقافية، وفلسفية الخ...)) . عن موقع وزراة الثقافة الإلكتروني (محمد سبيلا، التحولات الفكرية الكبرى للحداثة. مساراتـها الإبستيمولوجية ودلالتها الفلسفية)

 

 

لكن التركيز الذي نحتاجه في التناول هنا ، يتمحور حول مقارنة بين مصطلحين كما سبق ذركه ، هما الحداثة و التجديد ... و نتساءل في البدء حول إمكانية التمييز بينهما ، و اعتبار الحادثة مصطلحا و مفهوما خاصا بالعصر الحديث الذي نعيش فيه ... و اعتبار التجديد عملية متحقَّقة في كل عصر من العصور ، في الحاضر و الماضي كما في المستقبل ؟

هل يمكن استحضار التحقيب التاريخي لأزمنة العيش البشري ، و ربطه بالمصطلحين ؟ فنقول إن الحداثة مشروع حضاري إنساني متكامل  و متفرق في اإنجاز حصل خلال القرون الأخيرة ابتداء من القرن الخامس عشر أو القرن السادس عشر ؟ و يستمر إلى يومنا هذا في تحولات يسميها الدارسون ما بعد حداثية ، اي أننا ندخل في مرحلة جديد تتجاوز معطيات الحداثة القائمة ، فنتحدث عن حداثة اصبحت كلاسيكية ، و أخرى متجددة ، نيو حداثة ، بالاستعمال اللغوي الغربي الذي يهيمن على مشاريع رائدة مرتبطة بالحداثة في جل الميادين ؟

         هل يمكن أن يكون هذا التصنيف الاعتباري و النمطي ثقافيا و حضاريا ، إطلاقيا ، بحيث يقصي تجارب اصطلاحية و تصنيفية إنسانية أخرى ، فيمحورها داخل التجربة الغربية للعالم الغربي بالخصوص ؟ و هنا تطرح مسألة المركزية الأوربية التي تجذب كل التجارب و المجهودات الإنسانية الأخرى لكي تحولها إلى تشكيلها من جديد بما يخدم المشروع الحضاري الغربي و يتبنى رسالته الثقافية المرتبطة به ؟ و لعل هذا الهاجس في التعامل مع المصطلحين ، دفع البعض إلى إخراجه من وظيفته الزمنية و التاريخية ، و تحقيقه في التحليل داخل كل الحقب التاريخية الماضية و السحيقة منها ...كشرا لشوكة هذه المركزية التي تجعل مدار التصور و التحليل داخل محورها المهيمن على المسارات و المنطلقات و النتائج ...؟ و هذه العملية ربما توقع اصحابها في مفارقة زمنية يصعب عليها التجرد من السياق الموضوعي و الواقعي التاريخي ... ربما يصعب عليها التوافق مع معطيات العصر الحالي الذي نعيش فيه ، فتجدهم منفصمين بين الاعتراف الواقعي للتفوق الغربي الحداثي ، و بين الانسلاخ عنه بتبني مشاريع لاواقعية و غير موضوعية في تصور الحداثة ... تجدهم يبحثون عن الحداثة في تجارب ثقافية و إبداعية و فنية ماضية ، كأن أصحاب تلك التجارب هم من سيقوم بتحقيق و بالقيام بالتغيير في الحاضر ... و هي عملية نكوصية بالفهم السيكولوجي لها ، لا توافقية مع الحاضر ... تحاول أن تبتعد عن التأثير الغربي المعاصر ، و لكن بالسقوط في بدائل مثالية و غير واقعية ... فهل يمكننا أن نتحدث عن حداثة في الشعر الجاهلي مثلا ؟ و هو اختيار لمثال مناسب نجد استعمالاته بكثرة عبر مراحل التاريخ العربي الإسلامي ... حداثة الشعر العباسي أو غيره كذلك ...

لعل السياق الذي يجعل هذا الاستعمال يرتبط بحالة أخرى تتمظهر في عقدة الشعور بالنقص أمام المتفوق الغربي حضاريا ... تتمظهر في بحث عن الذات المفقودة ، و التراث المهدور الذي لم نستثمره في عصرنا الحالي ؟ تلك الأمجاد التي بنت لذواتنا و مجتمعاتنا توقيعات و بصمات العز و التفوق و الابتكار و الإبداع في شتى الميادين ...  هكذا نخلق لأنفسنا بديلا متخيلا ، متموقعا في الزمن الماضي ، دون أن يكون لنا مشروع في الزمن الحاضر ... ربما سيكون عزاء نفسيا و وجدانيا للكنز المفقود و النعيم المنفلت من بين ايدينا في لحظات من التاريخ ... فما عاشه الشاعر مثلا في كسره لبناء القصيدة القديمة ، ارتبط بتجربة مرحلته التاريخية ، و بتصور تطور للتجربة الإبداعية ...  و هو تجديد و تحديث لما سبقه ... لكن ، أن نأخذ الحمولة المفاهيمية للحداثة المعاصرة ، و نسقطها على ما قام به ، ففي ذلك غموض توظيف ربما لن يفسر إلا بالقول بأننا لسنا في حاجة إلى تحديث اليوم ... أو لقد سبق الأقدمون للحداثة ... أو تلك تجارب تنافست مع المألوف و انكمشت و انحصرت و افل دورها و إشعاعها ....

يبدو أن هذا الاستعمال فيه خلط بين المصطلحين ، و هما الحداثة و التجديد ... فهل يمكن أن نفرق بين الحداثة و التحديث ؟ فنجعل التحديث عملية تتم في كل حين و في كل عصر ، و الحداثة مفهوما خاصا بالسياق التاريخي البشري الذي أنتج العصر الحاضر للبشرية ، حضاريا و ثقافيا ، والآتي غدا في مستقبلها المرتبط بهذا الحاضر ؟

ذلك ما ارتأى هذا التحليل مقاربته و محاولة الوصول إلى إقراره كتساؤل منفتح على تحديثه و تجديده ...

نعيش أزمتين ظاهرتين مع مصطلح الحداثة ... الأولى تسببت فيها المركزية الأوربية المهيمنة على التصور و التحليل و الإقصاء ... و الثانية خلقتها عقدة النقص التاريخية و محاولات الخروج من قبضة التحكم الغربية في أعناقنا و عقولنا ... و هو شعور ما فتئت تحترق به حناجرنا غصة مقلقة لتنفسنا تفكيرنا ... و الأزمتان تتشكلان في أزمة معاصرة للذات العربية الإسلامية المرتبطة لغويا و ثقافيا باستعمال مصطلح الحداثة و ما بعد الحداثة ... فهل نخوض عناء الجهد الذهني للإجابة على هذه التساؤلات ، و للخروج من مآزقها كما أشار إلى ذلك الأستاذ محمد سبيلا ؟

 

تساؤلات حول  مصطلحي الحداثة و التجديد