Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Le blog de mondevenir/imami hassanإمامي حسن
Menu
هي الأجندة  الجديدة

هي الأجندة الجديدة

بوح ساحر:

كلام الجرح و الحكمة :

اي الأكوان تتقاسمك أيتها الإلهة المنسية ، المنزوعة المجد منذ غابر الزمن و بدايات التاريخ ... أيتها البوح ك جرحي ...؟ أنت ( أناي ) ، لذا لا بد لي أن أهاجمك مهاجمتي لنفسي ...

في مشاهدة مسرحية تبادَل فيها الممثلون و الممثلات حوارات و مواقف ، وجدْتَني و وجدْتَها تحتج على شكل الخطاب و على رسالة الرمزي داخله ...

ـ على العموم ، هم مجرد ممثلين و ممثلات ... و هذا مجرد مسرح ، قد تجمعه أكاذيب ...

...

لم أتسرع في مجاراة الكلام و الحكم ، و لا الرأي ... تعمقتُ مع ( أناي ) في التفكير ... عدتُ من تيْهي ، وجدتُ نفسي أردُّ :

ـ لم يكن المسرح مجرد أكاذيب يا (أناي) . الأعمال المسرحية الكبيرة خلقت الحدث و غيرت العالم و أشهرت الأدب و الفن ، و جعلتهما ساطعين : نجمان في السماء ... المسرح ترجمة لمدرسة الحياة و شارع الإنسان ... قد لا يعجبنا خطابه ، ربما لأنه يستفزنا أو يفضحنا و يكشف تناقضاتنا ... ربما هو يسخر منا لأن أقنعتنا المزيفة لا يراها أحدٌ ، وربما لا نعيها نحن ... نتوهم التوافق و الانسجام المتبادل ... نصطنع قَبول الآخر في كل ما نسمعه منه ... نوافقه رغم أن دواخلنا لا تتفق معه . نساهم في استمرار الوهم المتبادل باسم التربية ، الثقافة ، الأخلاق ، الأدوار المرسومة اجتماعيا و ثقافيا و دينيا و سياسيا ...

ـ لقد كانت الممثلة واضحة في موقفها في نهاية المشهد الأخير ... لا يعقل أن تستمر مع عاشقها و معشوقها ، في علاقتها معه واستمرارها فيما هو جنسي ... فالدين يحرم هذه العلاقة لأنها زنى ... ما كان عليه أن يعارضها الرأي و يخالفها ...

ـ لقد اعترفت في حديثها أنها أقامت علاقة معه ...

ـ لكنها ندمت و تابت ... ألا يكفي هذا ؟

ـ على العموم ، لقد شرح هو موقفه ، وبين فلسفته ... رغم أنه لا يخالفها الاعتقاد ...

ـ أليس تناقضا من طرفه يعيشه ؟ أليس انفصاما في الشخصية ؟ ألا يخاف الحساب و العقاب في الآخرة ؟؟؟

ـ في الحقيقة ، ما عبَّر عنه في هذا العرض المسرحي يحتاج إلى مزيد تعمق .. خلق حيرتنا و حيرتها ... لم تُعط المسرحية حلاًّ واضحا في نهايتها ...

( + أنا عاشقك .. و عاشق العبادة للإله ... كل يوم ، أعيش فيه الثلث الأخير من الليل ، وانبلاج النهار في الأفق بالفلق المنير ... أجعل جمال الشروق باقة استقبالي لحب الحياة و الرغبة فيها ... أجعل ابتسامتي مشتقة من ابتسامة الفجر ... أحلى ما في النهار ... أنا أدين بدين الحب كما يدين ابن عربي ... لا استطيع أن اصارح المجتمع بديني ... صرحي ، ما بناه فلاسفة التصوف في تجاربهم الروحانية في الحلول و الاتحاد ... علاقتي بالإله علاقة حب خالص ... عملي في العبادة هو البحث عن الخير وفعل الخير ... حديثكِ عن الذنب و العقاب ، أعتبره في الخطاب الديني عموما ، رسالة تربوية مرموزة حتى تحرك الإنسان إلى ما هو أبَرُّ و أخيَر ... حتى يبتعد عن الشر ...

لم أكن اسمح لنفسي بهذا البوح ، ما لم تكوني قد تطرقت له بالحكم الشرعي ،رغم أنك كنت الطالبة و الراغبة و الهاجمة ، مثلي يا ( أناي) ... فايُّنا مخطىء في تصوره ...؟ أحاول دائما أن أجعل المسافات مع دوائر مجتمعي ... و لكنك ، بما أنك ، أنت ،: أناي ... ، لا بد لي أن أبوح به ، و أصرح به ... و أتمنى ألا أعاوده ، لأن الحب حياة و هواء يتجاوز الحواس ... لن أختم كلامي ، لأنني لم ابدأه اصلا ... سأتركه لك تحيكينه و تحكينه ...).

أسدل الستار ، تصفيقات متفرقة ، وأخرى مترددة ... صفير محتج و آهات صارخة ... غضب على الوجوه التي باتت محيَّرَة محتارة ... ردود فعل متناقضة إذا :

ـ كيف يعقل هذا ؟ كيف يجرؤ على هذا البوح ، ويترك النهاية للمسرحية بركانا مشتعلا ، و قنبلة موقوتة ، تكاد تنفجر بين يدينا ؟

ـ لابد أنه مجنون ... !!!

...

هكذا صُنع الحدث ... هكذا رمي بالسلاح الذي لا يمتلك الجمهور وسائل الرد عليه و ردعه ... هكذا توتر الحوار بيني وبن (أناي) ، أنا كذلك...

الخطير في الأمر ، أن المسرحية أصلها رواية مكتوبة وحكاية مسرودة ... والمنهِك في التفكير انني قرأت الرواية لمرتين ، في مناسبتين مختلفتين ... لم تكن الرواية بهذه النهاية الصادمة لفكر المتلقي أو المشاهد العادي ... فقد واصلت ْ ميكانزمات التحليل و التفكيك ... رغم استفزازية الآتي فيها ، لم يكن بإمكاني ألاّ أخبر ( أناي) به ...

فصل الرواية حوار هاتفي لحظة شعور بالندم و تأنيب ضمير أخلاقي يرافق قناع الحياة الاجتماعية ... لحظة الرواية غيظ نفسي ، و تملك للأعصاب من طرف بطل الرواية أو الراوي ، إن كان هناك بطل حقيقي ... لا أدري لماذا أدخله جمود آلة تبريد جليدي ؟ و لماذا حمله إلى ركن منعزل من المدينة ، هادىء و بعيد عن ضجيجها و حركتها التي تسبب الاضطراب الذهني و عدم التركيز الذاتي و انفلات الحواس في الوظيفة ...؟

تحدث بطل الرواية بلسان الراوي ، وخط بقلمه قائلا : (أعلم أن اللحظة غابت فيها الرغبة تزاحمَتْ تراكمات الثقافة المجتمعية ... طفا على السطح النظامُ و الثبات السلوكي التربوي النمطي ... ضايقت الأدوار المتجددة بأقنعتها ، فغيبت تلك الحرية و ذلك التحرر و ذلك التوهج ... أعلم أن لحظات الرغبة فصلية و موسمية ... لحظية ، تظهر ، تلبي ، وتختفي ... الزهرة تنفتح بتلاتها حينما تجد اشعة شمس تستحم بها لتدفأ ، وتتغذى و ترتويَ ، وبعدها تنكمش محتضنة لكلها ... يوم تمتلىء طاقة ، ستحتاج إلى تفريغ ... هكذا هي المخلوقات ...).

يوم قرأت هذه الفقرة ، صحت احتجاجا داخليا : لا يعقل تشييء الإنسان في آلة ميكانيكية طاقية للشحن و التفريغ ... لكنني الآن ، بعد رؤية ردود الفعل ، بعد نهاية العرض المسرحي ، فتحت قوسا لمراجعة الاحتجاج ، متسائلا : تُرى ، كيف كان، و سيكون ، موقف المشاهدين من فصل و فقرات الرواية ...؟ ربما رؤيتي لهم فتحت قوسا جديدا لفهمي وأنا أحاول تفسير شخصيتهم ... هذه مرآة لخطاب الرواية ... الجل يعيش هذه التجربة .. و ما الحالات الشاذة إلا دليل على شيوع القاعدة ... فهمتُ للتو سر الفقرة التي جعلها على ظهر غلاف الرواية .. وتلك الشهادة التي استقاها من قولة لعالم نفس شهير...

( الانفصام ظاهرة بشرية عمومية .. كلما زادت تشعبات الحياة ، زاد الشرخ في الانشقاق و التصدع ... و تلك هي الشخصية الإنسانية).